بدت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم في قمة نشوتها بعد خسارة وزير الثقافة المصري فاروق حسني في إنتخابات اليونيسكو. ولم تبدِاهتماما بموضوع آخر سوى القمة الثلاثية التي جمعت نتنياهو وعباس وأوباما في نيويورك.

تل أبيب: موضوعان رئيسان شغلا بال الصحافة الإسرائيلية الأربعاء، الأول هو بطبيعة الحال القمة الثلاثية في نيويورك، حيث أكدت الصحافة الإسرائيلية، من جديد أن لقاء القمة والمفاوضات التي فرضها أوباما، لن تفضي إلا إلى طريق مسدود فهي بمثابة ممر لا يفضي إلى مكان، على حد تعبير معاريف. وبموازاة ذلك أبرزت الصحف حول الموضوع نفسه التغيير المهم في خطاب أوباما ودلالاته السياسية، وخصوصًا استخدام أوباما ومبتشل لتعبير quot;كبح جماح الاستيطان: بدلاً من تجميد الاستيطانquot;. الموضوع الثاني الذي أبرزته الصحف بشكل لافت للنظر هو خسارة الوزير المصري، فاروق حسني لمنصب مدير عام اليونسكو. وقد أبرزت الصحف الإسرائيلية هذه الخسارة معتبرة أنها تعني quot;بقاء المعادي للسامية في مصرquot; بحسب تعبير صحيفةquot;يسرائيل هيومquot;، وكما وصلت تلك الصحيفة خسارة حسني بإنها quot;إهانة للرئيس المصري حسني مباركquot;. وفي الوقت الذي انتقدت فيه هذه الصحف ما اعتبرته صمتًا إسرائيليًا رسميًا على ترشيح الوزير فاروق حسني، فقد أشادت وكشفت دور نشطاء يهود بارزين عملوا سرًا وعلانية في أوروبا من أجل منع فوز الوزير المصري بهذاالمنصب، بعد تصويره واتهامه بمعاداة السامية وقتل الثقافة داخل مصر نفسها عبر تشديد الرقابة على الإبداع الثقافي والفني، مثل الناشط اليهودي إيلي فيزل وآخرين.

يديعوت أحرونوت: قمة البرود

تحت هذا العنوان اختار الصحافي الإسرائيلي المخضرم واليساري، ناحووم برنيع أن يكتب عن القمة الثلاثية في نيويورك ليكشف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير خارجيته، ليبرمان، ووزير أمنه، باراك، أعربوا بعد اللقاء في لقائهم مع الصحافيين الإسرائيليين بأن اللقاء مع أوباما كان جيدًا وكأنهم تلقوا تشجيعًا من الرئيس الأميركي. وأبرز برنيع في هذا السياق تصريحات نتنياهو للصحافيين الإسرائيليين الذين رافقوه إلى نيويورك، بأن الرئيس أوباما لم يطلب تجميد البناء في المستوطنات وإنما اكتفى بتعبير كبح جماح البناء في المستوطنات. وبحسب برنيع فقد أبلغه نتنياهو أن الفلسطينيين يدركون الآن أن مطلب تجميد الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات قد ولى بلا رجعة، فأوباما يتحدث عن كبح جماح وليس تجميد، وأنا، قال نتنياهو لبرنيع أتقن الإنكليزية وأعرف أن تجميد وكبح هما كلمتان مختلفتان كليًا.

ووفق برنيع، فإن الأميركيين أنفسهم يدركون أنه لا توجد ضمانات لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ويقول برنيع إن مسؤولاً أميركيًا أبلغه أمس أن المفاوضات حول استئناف المفاوضات ستستمر بعد عودة الطاقم الإسرائيلي المكلف، هذا الأسبوع إلى واشنطن. إلى ذلك يلفت برنيع، ومرة أخرى استنادًا إلى مسؤول أميركي، قوله إن موضوع التطبيع واتخاذ خطوات حسن نية عربية تجاه إسرائيل، لن يتحقق وذلك بسبب عدم توفر الشرط العربي لذلك وهو تجميد الاستيطان إزاء رفض الحكومة الإسرائيلية الإعلان عن تجميد الاستيطان.

وفي ميزان الربح والخسارة يبدو نتنياهو المنتصر من القمة الثلاثية فهو يشعر بأنه أزاح عن ظهره الضغوط الأميركية ونجح في اجتياز القمة قبل عودته إلى حكومته بسلام. ويقتبس برنيع عبارة نتنياهو حول ذلك: لا يوجد منتصرون ولا مهزومونquot; عبارة قالها نتنياهو بكرم الطرف المنتصر، حسب أقوال برنيع.

ممر أوباما الذي لا يفضي لأي مكان

اعتبرت صحيفة معاريف وعلى لسان محللها السياسي ، بن كاسبيت أن المفاوضات التي فرضها أوباما على نتنياهو وأبو مازن، هي عمليًا ممر يفضي على لا مكان. وقال بن كاسبيت في هذا السياق: quot;منذ وقت طويل لم يبذل هذا الكم من الجهود ، ومن قبل كثيرين ، وعلى مدار وقت طويل، من أجل جرِّ شخصين اثنين إلى ممر يفضي إلى لا مكان. نتنياهو وابو مازن يقفان اليوم على أبواب هذا الممر، وينظران إلى طريقه المسدود الماثل أمامهماquot;.

ومضى بن كاسبيت ليقول: quot; إن الاثنين يعرفان هذا الطريق \ الممر عن ظهر قلب، فقد سبق لهما أن قطعاه، والآن جاء دور أوباما ليجتازه، وسيتعلم أوباما على جلده كم هو مضلل هذا الطريق، ومدى زئبقية الجائزة الموجودة في نهايته. إنه طريق طويل ويبعث على اليأس لم يسبق لإنسان أن يعود منه، لكن أوباما حاول أمس بث الحياة من جديد في هذه الجهودquot;.

فرح إسرائيلي

منذ بدأت المنافسة على منصب مدير منظمة اليونسكو العالمية، والصحافة الإسرائيلية تشن حملة ضد انتخاب الوزير المصري فاروق حسني للمنصب بدعوى quot;معاداته للسامية، ورفضه تطبيع العلاقات الثقافية مع إسرائيل، وإعلانه أمام مجلس الشعب المصري أنه لو عثر على كتاب إسرائيلي لأحرقه بنفسهquot;. ويبدو أن هذا الموقف للوزير المصري، رغم اعتذاره عن هذا التصريح، هو الذي كلف الوزير منصب رئاسة المنظمة الدولية اليونسكو. وبالرغم من إقرار الصحف الإسرائيلية، أن الحكومة الإسرائيلية لم تعترض على ترشيح حسني، إلا أنها أشارت اليوم إلى الجهود والنشاطات الكبيرة التي قام بها زعماء يهود ومنظمات يهودية وإسرائيلية في العالم وفي العواصم الأوروبية ضد الوزير المصري لكونه quot;معاديا للساميةquot;، ولكونه فرض قيودًا على حرية الثقافة والأدب في مصر، وبالتالي فإنه لا يستحق تولي هذا المنصب العالمي الحساس.

المعادي للسامية سيبقى في مصر

تحت هذا العنوان خصصت صحيفة quot;يسرائيل هيومquot;، صفحة كاملة للاحتفاء بخسارة الوزير المصري وتغلب المرشحة البلغارية، بصورة مفاجئة، خلافا للتوقعات، معتبرة أن خسارة الوزير المصري نصر لمناصري إسرائيل. واستلت الصحيفة سلسلة من التصريحات والمواقف السياسية للوزير المصري التي اعتبرتها معادية للسامية ومعادية لإسرائيل، منها قوله إن الوزير المصري سبق له وأن ادعى في السابق : إن اليهود يفتقرون للثقافة وهم يسرقون ثقافة شعوب أخرىquot; . كما زعمت الصحيفة أن الوزير المصري اتهم في السابق بفرض رقابة ثقافية في عدة حالات في مصر.

وكشفت الصحيفة أن منظمات يهودية وصهيونية عالمية عارضت بشدة ترشيح الوزير المصري للمنصب وأنها عملت للحيلولة دون انتخابه، وخصوصًا بعد أن تراجعت الحكومة الإسرائيلية عن موقفها الأولى المعارض لترشيح حسني.

وأشارت الصحيفة ذاتها إلى أن الناشط اليهودي، إيلي فيزل الحاصل على جائزة نوبل للسلام، كان من أشد المعارضين لانتخاب فاروق حسني، ومعه أيضا الفيلسوف اليهودي الفرنسي برنارد هنري ليفي، إلى جانب مجموعة من المثقفين اليهود الأوروبيين.

إلى ذلك قالت الصحيفة إن وزارة الخارجية الإسرائيلية تلقت نبأ فوز المرشحة البلغارية بارتياح وأن إسرائييل تبارك للمرشحة البلغارية فوزها وتنتظر تعميق التعاون مع المنظمة الدولية.