ثبتت محكمة المنيا وسط مصر السبت أحكام الإعدام الصادرة على 183 من أنصار الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي، بمن فيهم المرشد الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع.
القاهرة:&بتّت محكمة المنيا وسط مصر السبت احكام الاعدام الصادرة بحق 183 من انصار الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي، بمن فيهم المرشد الاعلى لجماعة الاخوان المسلمين محمد بديع، في محاكمة جديدة جماعية وسريعة بحق أنصار مرسي.
وكان القاضي نفسه أصدر في هذه القضية 683 حكما بالاعدام في نهاية نيسان/ابريل بتهم المشاركة في تظاهرات عنيفة في المنيا في 14 اب/اغسطس. وقتل في ذلك اليوم حوالى 700 من انصار مرسي برصاص الشرطة والجيش في القاهرة.
وقد خفضت عقوبة اربعة اشخاص حكم عليهم بالإعدام بينهم امرأتان الى السجن المؤبد بينما تمت تبرئة 496 آخرين، حسبما اعلن عبد الرحيم عبد الملك المحامي العام لجنايات المنيا لوكالة فرانس برس.
ويحاكم في تلك القضية 73 متهما محبوسا ثبتت احكام الاعدام بحق 50 منهم فيما تم تبرئة 23 اخرين.
واثار الحكم مشاعر متناقضة ومتضاربة خارج قاعة المحكمة التي أغلقت الشرطة الشوارع المحيطة بها بمجندي الامن المركزي (قوات مكافحة الشغب) ومدرعات الشرطة.
ولم يسمح القاضي سعيد يوسف للصحافيين بالدخول لقاعة المحكمة، بحسب مراسل لفرانس برس.
وفور صدور الاحكام، هتف رجال وسيدات من اقارب المتهمين الذين جرى تبرئتهم "الله اكبر" و"يحيا العدل".
وصاح شقيق متهم محبوس "الله اظهر الحق. الله برأ شقيقي".
لكن آخرين دخلوا في نوبة من الغضب الشديد والبكاء والنحيب بعدما عرفوا بأحكام الاعدام بحق ذويهم.
وقال مزارع اربعيني تحدث شرط عدم كشف هويته وهو يغالب دموعه امام المحكمة "ابن عمي لم يفعل شيئا ليعدم. هذا حرام".
وقال المحامي محمد طوسون عضو هيئة الدفاع عن المتهمين لفرانس برس "المحامون لم يحضروا المحاكمة ولم يترافعوا عن المتهمين والمحكمة اهدرت حق المتهمين في الدفاع عن انفسهم بسرعة اصدار قرارها"، وتابع "سنقوم بالطعن علي الحكم ومتأكد ان محكمة النقض ستقبل الطعن".
واوضح طوسون الذي تواجد في المحكمة "هذا اول حكم نهائي بالاعدام ضد فضيلة المرشد. الحكم السابق في قضية الاستقامة كان مجرد احالة الاوراق للمفتي".
ويحق للمتهمين نقض تلك الاحكام امام محكمة النقض.
وادين المتهمون بقتل ضابطي شرطة والشروع في قتل خمسة شرطيين آخرين والشغب والاعتداء على الممتلكات العامة وحيازة الاسلحة، بحسب المحامي العام.
وترتبط تلك الاتهامات بأحداث عنف ومهاجمة مؤيدي مرسي لمركز شرطة العدوى في المنيا (280 كم جنوب القاهرة) بعد ساعات من فض الشرطة لاعتصامي الاسلاميين في رابعة العدوية والنهضة في 14 اب/اغسطس الفائت.
وتثبيت الحكم بالاعدام على المرشد العام للحركة هو اول حكم نهائي بالاعدام ضد محمد بديع الذي يحاكم في نحو اربعين قضية اخرى عبر البلاد بحسب محاميه.
وصدر الخميس حكم بالاعدام على بديع في محاكمة اخرى حول اعمال عنف في القاهرة خلال صيف 2013 تعرف باسم احداث "مسجد الاستقامة"، لكنها تحتاج لتصديق مفتي الجمهورية قبل تثبيتها في اب/اغسطس المقبل.
واثار القاضي سعيد يوسف المعروف بصرامته استنكارا دوليا في اواخر نيسان/ابريل عندما اصدر في غضون بضع دقائق هذا العدد الكبير من احكام الاعدام. ونددت الامم المتحدة ب"احدى اكبر المحاكمات الجماعية" في التاريخ الحديث.
وفي قضية اخرى امام محكمة المنيا، في 28 نيسان/ابريل الماضي، ثبت القاضي نفسه احكام الاعدام بحق 37 متهما فيما خفض احكاما بالاعدام للسجن المؤبد بحق 492 اخرين، بعد أن كان احال اوراقهم جميعا على المفتي.
ومنذ عزل مرسي في الثالث من تموز/يوليو 2013 ، شنت اجهزة الامن المصرية حملة قمع على انصاره وانصار جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها اسفرت عن مقتل 1400 شخص على الاقل، وفقا لمنظمة العفو الدولية، كما تم توقيف اكثر من 15 الفا.
وفي الوقت نفسه قتل اكثر من 500 من رجال الشرطة والجيش في هجمات واعتداءات اعلنت مجموعات جهادية مسؤوليتها عنها خصوصا "جماعة انصار بيت المقدس" التي يعد معقلها الرئيس في سيناء.
وتاتي احكام الاعدام الاخيرة بعد اسبوعين تقريبا على تأدية الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية. وكان انتخب في اواخر ايار/مايو بغالبية 96,9% من الاصوات.&
منظمة العفو تطالب بإلغاء الاعدام
طلبت منظمة العفو الدولية السبت من السلطات المصرية الغاء احكام الاعدام بحق 183 شخصا من مناصري الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي، ومن بينهم المرشد الاعلى لجماعة الاخوان المسلمين محمد بديع.
وقالت نائبة مديرة برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المنظمة حسيبة حاج صحراوي انه "على السلطات المصرية ابطال هذا الحكم وان تامر باجراء محاكمة جديدة لكافة المتهمين من دون اللجوء الى حكم الاعدام".
واضافت حاج صحراوي ان "حكم الاعدام يصدر من دون رحمة كسلاح لاقصاء المنافسين السياسيين"، مشيرة الى ان "النظام القضائي المصري فقد اي مظهر من مظاهر النزاهة والمصداقية بعد اطلاق سراح مسؤولين امنيين متهمين بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان" فيما آلاف المعارضين محتجزين.
ووصفت المسؤولة في منظمة العفو الدولية احكام الاعدام "بخطوة كبيرة الى الوراء في ما يتعلق بحقوق الانسان في مصر".
افراح ومآتم في المنيا
لم يفرح المزارع رضا رمضان بتبرئة ابن شقيقته من حكم بالاعدام بعدما ثبتت المحكمة الاعدام على شقيقه المحبوس في القضية التي صدرت فيها احكام بالاعدام بحق 183 من مؤيدي الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي في المنيا (جنوب القاهرة).
وقال رمضان وهو يغادر ساحة المحكمة لفرانس برس بأسى وارتباك واضح "لا تعليق. اسرتنا محطمة. حكم البراءة لا معنى له مع حكم بالاعدام".
وفور اصدار الاحكام السبت، تحولت الشوارع الضيقة العشوائية والترابية حول المحكمة لساحة افراح ومآتم في الوقت ذاته حيث اختلطت الزغاريد مع العويل.
رجال وسيدات من اقارب المتهمين الذين جرى تبرئتهم يهتفون "الله اكبر" و"يحيا العدل"، ورجل اخر شقيق لمتهم محبوس يصيح دون توقف "الله اظهر الحق. الله برأ شقيقي".
لكن اخرين دخلوا في نوبة من الغضب الشديد والبكاء والنحيب بعدما عرفوا باحكام الاعدام بحق ذويهم.
ويحق للمتهمين الطعن بتلك الاحكام امام محكمة النقض.
وبالنسبة للمزارع احمد شكل الحكم ضربة قاصمة لمستقبل شقيقه الثلاثيني الذي رفض كشف هويته مكتفيا بالقول انه مزارع لديه اربعة ابناء.
واضاف بغضب مكتوم فيما اسند ظهره لباب متجر مغلق قرب المحكمة "والله اخي ليس له في السياسة ولا في الاخوان. اخي لا يواظب اصلا على الصلاة".
ويقول احمد ان شقيقه اعتقل من منزله شهرين بعد الحادث ثم فوجئوا به متهما في القضية التي ترتبط بمهاجمة مؤيدي مرسي لمركز شرطة العدوة في 14 اب/اغسطس الفائت بعد فض اعتصام الاسلاميين في القاهرة.
وتدخل قريب للمزارع احمد محتدا "نحن اصلا نكره الاخوان"، فيما كانت قريبات له متشحات بالسواد يصرخن وينتحبن بجواره امام حاجز امني يغلق الطريق للمحكمة.
حالة الغضب هذه قابلتها حالة فرح وابتهاج على الجانب الاخر من الطريق بين اهالي المتهمين الذين تمت تبرئتهم.
وقالت منى عبد الستار ان براءة ابنها الطفل سلطان اليمني (16 عاما) كانت بمثابة ولادة جديدة لها.
وقالت السيدة التي ارتدت عباءة سوداء مطرزة بخيوط ذهبية وحملت صورتين لابنها "اشعر بان الله اعطاني حياة جديدة".
ثم قالت مسترجعة مشاعرها بعد احالة اوراق ابنها للمفتي قبل نحو شهرين "كنت اخشى ان افقده. هو اكبر ابنائي ومريض بالدرن"، قبل ان تطلق زغرودة عالية كسرت حالة الترقب في المكان وقالت "ابني هيبات في حضني".
وكان اتهام ابنها سلطان بالتورط في مهاجمة مركز الشرطة وقتل شرطيين واحالة اوراقه للمفتي سابقة قانونية في القانون المصري الذي يحظر اعدام الاطفال بحسب محامين.
وبين حالة الفرح هذه والحزن والغضب لدى اهالي المحكومين، بقى عشرات اخرون لا يدركون مصير ابنائهم بعد ان سادت فوضى بخصوص اسماء المدانين والمبرئين.
ومنذ اطاحة الجيش بمرسي في الثالث من تموز/يوليو الفائت، اعتقلت السلطات قرابة 15 الف من انصار مرسي يحاكم مئات منهم في محاكمات سريعة وجماعية صدر فيها عدة احكام بالاعدام.
ويقول مراقبون ان القضاء يستخدم كاداة قمع ضد انصار مرسي، لكن تلك الاحكام تطال احيانا افرادا مناهضين للاخوان ومؤيدين للسلطة كالمسيحيين.
وظل الشاب المسيحي وفيق رفعت يبحث مع المحامين عن اسم شقيقه المحبوس ياسر المتهم بالانضمام لجماعة محظورة في الاشارة لجماعة الاخوان التي تعتبرها السلطات المصرية "تنظيما ارهابيا"والقتل والشغب، لكن دون جدوى.
ويقول وفيق لفرانس برس وهو يحاول الاتصال بمحاميه "نحن مسيحيون. ايدنا عزل مرسي ونؤيد السيسي ورغم ذلك شقيقي صدر ضده حكم بالاعدام لانه اخوان".
ولم يحضر الاهالي وكثير من المحامين جلسة النطق بالحكم ما زاد من حالة الغموض والارتباك بشان الاحكام.
حالة الفوضى هذه دفعت بعض الاهالي للاحتفال والهتاف للجيش والشرطة اعتقادا بان ابناءهم برئوا قبل ان يكتشفوا ان ذويهم مدانون باحكام بالاعدام ليسقط كثيرون ارضا مغشيا عليهم.
وتابع وفيق بقلق وتوتر "نحن في كابوس لا نعرف كيف سنخرج منه. لو التحقيقات كانت عادلة كانوا سيدركون ان اخي بريء"، قبل ان يخبر محاميه فرانس برس ان شقيق وفيق صدر ضده حكم بالاعدام رفقة مسيحي اخر بتهمة دعم الاخوان.
التعليقات