محمد قاسم من بغداد: بعدما تم اطلاق سراح المعتقلين من قبل قوات الاحتلال الامريكي في العراق كان لابد من محاولة اللقاء بهم ومحاولة معرفة بعض التفاصيل المتعلقة بالمعتقلين وظروف الاعتقال فكان لنا للقاء مع بعض المفرج عنهم من تلك المعقلات سيئة الصيت وقد كان من الواضح على كل الذين التقينا بهم مدى الشعور بالخلاص من الظلمات الى النور(كما عبر احدهم) بعدما قضوا شهور وبعضهم سنين لن تمحى من ذاكرتهم بسهولة. من استطعنا الوصول اليه منهم ابدى حزنا على الايام التي مرت عليه في السجن وروى لنا ظروف اعتقاله. وسمعنا منهم قصصا عن تحول قناعات بعض المعتقلين بشكل مغاير خلال الاعتقال سلبا او ايجابا.
المعتقل (احمد- م)لا يدري من اين يبدأ معنابالكلام ففضل ان يختصرفقال: في البدايةكان الضرب المبرح وانا لازلت داخل البيت الذي القيوا القبض عليّ فيه وعندما ارسلوني الى قاعدة( الرستمية) ادخلوني الى اول جلسة تحقيق فقاموا بتجريدي من كل ملابسي واوقفوني عارياً تماماً امام المحقق والمترجم يسألني وانا اجيب وعندها شعرت بالخوف الشديد لانني توقعت انهم سوف يغتصبوني لكن ذلك لم يحصل والحمدلله.وبعدما قضيت حوالي شهرين في هذه القاعدة التي كانت في السابق (الكلية العسكرية)تم تحويلي الى سجن المطار القريب منمنطقة ابوغريب الساخنة وهناك في اول يوم لي ادخلوني الى غرفةالتحقيق ومرة اخرى تم تجريدي من ملابسي وحقق معي المحقق والمترجم وانا عار تماماً .وقد قضيت كل فترة اعتقالي في سجن المطار، ولا انسى تلك المجندة الامريكية التي كانت تدخل الى غرفة التحقيق وتقوم بوضع يديها على جسمي وكأنها تدلك جسمي بدون ان تتكلم وانا اعتقد انهم يفعلون ذلك مع كل معتقل مرتبط باحدى المليشيات الدينية.
اما المعتقل(أ - ي) فقد قال : يوجد تفريق واضح في المعاملة بين المعتقلين فانا كنت في معتقل بوكا سيئ الصيت وقد جمعونا في خيام تحت الشمس في ايام الصيف الحارةجدا بينما المعتقلين من البعثيين القدماء همفي قاعات مكيفة وكذلكفان المعتقلين السلفيين التكفيريين هم في قاعات احتجازافضل بكثير من المكان الذي نحن محتجزون فيه والذي لايزيد عن كونه عباره عن بعض الخيام الهزيله ولذلك نقوم بين فترةواخرى بافتعال اوتعظيم امر ما لكي ينتهي بان نقوم باحراق هذه الخيام لكي نجبر الامريكان ان يهيئوا لنا مكان افضل لكنهم في كل مرة يجلبونلنا خيام اخرى وينصبونها في نفس المكان...!!
ويضيف ( أ - ي )قائلاً : استغربت وانا في المعتقل من تصرفات بعض الاشخاص الذين كانوا قبل الاعتقال معروفين بتشددهم ورفضهم لكل ما يمت للامريكان لكنني تفاجئت بهم بعدما طالت فترة الاعتقال انهم راحوا يتمازحون مع الحراس الامريكيين وكذلك مع المجندات الامريكيات.
اما المعتقل (ابوحيدر)فقد قال :ادخلونا الى قاعة وامرونا بخلع جميع ملابسنا وكنا مختلفين من حيث الاعمار فكان فينا الشاب والمتوسط العمر وكذلك كان من بيننا رجل كبير بالسن ونظرنا اليه فكان خائفاً جدا من الموقف وبعدما خلع الجميع ثيابه دخل عدد من الجنود الامريكان بنفس عددنا ووقف كل جندي مقابل واحدمنا ينظر اليه بتمعن ( عرفت فيما بعد انهم يقصدون بذلك اهانتنا لاننا عراقيون ونعتبر الكرامة فوق كل شيء وهم يفعلون ذلك من اجل كسر ارادتنا) وكان الجندي الذي وقف مقابل الرجل الكبير بالسن هوجندي امريكي اسود وظخم فاعتقدهذا الرجل المسكين ان هذا الجندي سوف يقوم باغتصابه فلم يتمالك نفسه وراح يصرخ باعلى صوته قائلاً:( يايابه يابويه....يايابه يابويه..) فقمنا بتهدئته فخرج الجنود وهم يضحكون.
اما المعتقل (ابو- أ ) فهوشاب مرح ومحبوب من قبل الاخرين ولديه موهبه هي ان لديه سرعة في الحركة حيث يقوم بايهام المقابل بانه بلع خاتمثميخرجه من تحت ياقة القميص اوانهيتظاهر بانه يقوم بقضم احد اصابع يديه ثم يظهره مجدداً اوانه يتغيير ملامح وجهه بسرعه الى غير ذلك من الامور لكن هذه الامور لم تمنع الامريكان من اعتقاله بتهمة الانضمام الى احدى المليشيات فقال لنا مما قال :اضططرت الى اظهار مهاراتي امام المحقق لعلها تفيدني في شيء وفعلا فقد انعجب المحقق وباقي الجنود بهذه الاموروراحوا يطلبونمني بكثرة اعادتها امامهم لاكثر منمرة ...وفي احدى المرات عندما طلبت منهم ان يسمحوا لي بالذهاب الى المرافق الصحية قال لهم الضابط الامريكي المسؤول :عليكم ان تراقبوه جيدا فقد يُحول نفسه الى حمامه ويخرج من النافذه الصغيره الموجوده في الحمام.
وقداخبرني احد المعتقلين انه شاهد احد المشايخ المعروفين والذي يدعى غيث التميمي وهو يمزح من الجنود الامريكان ويصافحهم ويضحك معهم فذهبت اليه وقلت له :ماذا تفعل ؟؟كيف تسمح لنفسك ان تفعل هكذا ؟؟ فقال لي بالحرف الواحد: اصافحهم،واضحك معهم ، واقبل ايديهم وارجلهم ،ولوقالوا لي اكفر فسوف اكفر...
فتعجبت منه ومما يقول فلم اتمالك نفسي ووجدت نفسي اهجم عليه لكي اوسعه ضرباً لكن احد مرافقيه منعني فافرغت جام غضبي على هذا الشخص ...فلم يكن من الامريكان الا ان وضعوني في الحجز الانفرادي لمدة شهرين.
التعليقات