اعتدال سلامه من برلين: في الوقت الذي تعرفت فيه دول اوروبية على العالم العربي عبر وجه واحد وهو الاحتلال الا ان المانيا كانت عكس ذلك تماما حيث كانت من اوائل البلدان التي اجرت حوارات معها. ويشهد التاريخ على العلاقة الودية في القرن التاسع ميلادي بين الخليفة العباسي هارون الرشيد وقيصر الروم للامة الالمانية، حيث تبودلت الرسائل والهدايا والسفراء بين بغداد واخن وتسمى في الفرنسية اكس دو بروفانس القريبة من الحدود البلجيكية.


واول ترجمة للقرآن الكريم صدرت كانت عام 1772 نقلها الى الالمانية الدكتور فيغرلان كما تحدث كارستن نيوهاور في مجالسه الادبية عن مشاهداته الرائعة حسب وصفه في اليمن السعيد خلال رحلته سنة 1763.
كما لم يخف الشاعر والاديب الالماني المشهور يوهانس فولفغانغ فون غوته وشغفه بالشرق وباللغة العربية وهذا ما دفعه الى كتابة قصيدة عن الرسول محمد صلعم، ولايحظ في شعره تاثير كبير وواضح للقصائد والمعلقات العربية التي قرأها.

واهم الصروح التي تدل على مدى عمق العلاقة العربية الالمانية معهد الاستشراق في مدينة بون ويعد من اقدم ا لمعاهد في اوروبا للاستشراق والعلوم الاسلامية وتأسس قبل اكثر من مائة عام.
وحسب ما قاله لايلاف عدد من الطلاب الذين درسوا في هذا المعهد فان غنى اللغة العربية دفعهم الى دراستها والتعمق بها رغم انهم ركزوا بالغالبية على اللغة الفصحى والنصوص القديمة حتى القرن السابع الهجري. ويحاولون الان الاطلاع على الادب العربي المعاصر بالذهاب الى جامعات عربية مثل المعهد الالماني للاستشراق في بيروت.


ويقول البعض بان دراستهم لتاريخ الشرق الاوسط واللغة العربية يساعد على دراسة الفكر العربي وفهم

معهد الاستشراق الالماني
ومعرفة التيارات الادبية في الشعر والمسرح.
وكانت هناك محاولات في عدد من معاهد الاستشراق واللغة العربية في المانيا لادخال تطوير تقني لتدريس اللغة خاصة ما يتعلق بالعلوم اللغوية او الفونولوجيا لكن معظمها فشل على عتبة التمويل الحكومي.

ولا غنى عن كتب معينة كالتي كتبها المؤرخ الالماني كارل بروكلمان منها تاريخ الادب العربي وهو من خمسة مجلدات وجدت مكان لها في المعاهد وتحتوي على كل المعلومات عن المؤلفين العرب واعمالهم وتعطي تفاصيل قيمة عن المخطوطات الموجودة في المكتبات الاوروبية والشرقية.
كما تشمل مجلداته الفترة ما بين الشعر الجاهلي وحتى الثلاثينيات من القرن الماضي، نشر القسم الاول منه في القرن التاسع عشر والثاني في الثلاثينيات.

ومن يسأل اساتذة قدماء في معاهد الاستشراق عن اقدم طالب عربي في معهد بون فالكل يقول انه الطالب المصري الدكتور محمد مصطفى ووصل الى المانيا في العشرينيات ودرس تحت اشراف المستشرق بول كارله المتخصص بالادب والتاريخ المملوكي. فبعد ان ترجم الجزء الاول من كتاب quot; بدائع الزهور في وقائع الدهورquot; لابن اياس ونشره اكمله الطالب المصري ونشره في ستة مجلدات. كما وضع فهرسة دقيقة لكل الوظائف والكلمات والتعابير التي انتشر واعتمدت في فترة حكم المماليك في الادارات المالية والعسكرية في مصر.


وبرأي عدد من طلاب الاستشراق الالمان بناء على خبرتهم فان مقام اللغة العربية في الثقافة العربية اعلى من مقام اللغة الالمانية في الثقافة الالمانية وذلك بسبب الخلفيات التاريخية والدينية. وتأثير لغة القران الكريم وهي العربية حتى الان اقوى بكثير من اللغة اليونانية التي كتب بها الانجيل المقدس- العهد الجديد على الثقافة اليونانية، لذا فان للغة العربية دور وحيد من نوعه.


التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاربعاء 28 شباط 2007