فصح فلسطيني حزين

رجل دين مسيحي يعلن عن إستعداده للإستشهاد من أجل الأقصى

أسامة العيسة من القدس:أحيا الفلسطينيون الجمعة العظيمة وسبت النور، بالسير في درب الآلام في مدينة القدس القديمة، مقتفين أثار السيد المسيح عليه السلام، الذي سار على الدرب نفسه، قبل ألفي عام، حاملاً صليبهعلى كتفيه، في ظروف يصفها الفلسطينيون بأنها صعبة، مع إغلاق مدينة القدس أمام الفلسطينيين، وإستمرار الإستيطان. وتعتبر مدينة القدس مركز عيد الفصح، الذي يسمى محليًا (العيد الكبير) تمييزًا له عن عيد الميلاد المجيد الذي يسمى (العيد الصغير).


وتوافد آلاف الحجاج على المدينة المقدسة، من مختلف دول العالم، ومن الدول العربية، وصل مئات من الأقباط، مخالفين قرار الأنبا شنودة الذي يحظر عليهم زيارة الأراضي المقدسة، بسبب إستمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة، وعدم إعادة إسرائيل لدير السلطان لبطريركية الأقباط الأرثوذكس.
وكانت إسرائيل قد سيطرت على هذا الدير، وهو عبارة عن غرف متواضعة متداعية فوق سطح كنيسة القيامة، بعد إحتلال القسم الشرقي من القدس في حزيران (يونيو) 1967، وسلمته لطائفة الأحباش الأرثوذكس، فيما يعتقد أنه صفقة تم خلالها منح إسرائيل أراض تابعة للأحباش في أماكن أخرى، مقابل سيطرة الأحباش على الدير، ورغم صدور قرار من محكمة العدل العليا الإسرائيلية لصالح الأقباط، إلا أن الحكومة الإسرائيلية ترفض إعادة الدير لهم، ورفضت أيضًا طلبًا للرئيس المصري الراحل أنور السادات بهذا الشأن بعد مبادرته للسلام مع إسرائيل.
ومنذ أيام يسير الحجاج ورؤساء الطوائف المسيحية في القدس،على طريق الآلام المكونة من عدة مراحل، تؤرخ لمسيرة المسيح عليه السلام، في طريقه لموقع الصلب، المقامة عليه الآن كنيسة القيامة.
ويحمل هؤلاء على ظهورهم صلبانًا كبيرة من الخشب، في محاكاة لما حدث مع المسيح، في حين يكتفي بعض كبار السن بحمل الصليب الخشبي لمسافة محدودة، لأسباب تتعلق بقدراتهم على التحمل.


وبالنسبة إلى القطاع السياحي الفلسطيني، يعتبر هذا العيد أهم من عيد الميلاد، لأنه يصادف وقوعه في الربيع، حيث يرغب الكثير من الحجاج في القدوم إلى فلسطين في فترة تكون فيها شمسها مشرقة للتمتع بها.
ويعتقد بعض الباحثين أن بعض التقاليد الفلسطينية لهذا العيد لها جذور أقدم من الديانة المسيحية، وتتعلق بأعياد الحضارات الأخرى وإحتفائهم بالربيع، ويشارك المسلمون في هذا العيد على طريقتهم، بصنع البيض الملون، في أول يوم خميس من شهر نيسان (أبريل) ويطلق عليه (خميس البيض).
وعلى مدى سنوات طويلة، طور الفلسطينيون أهازيج شعبية، بمناسبة عيد الفصح، تمجد آلام المسيح، الذي، يعتبر صلبه وفقًا للديانة المسيحية، فداءً للبشر وتكفيرًا عن خطاياهم، وإن قيامته اللاحقة، تعني أن الرب قبل التضحية.


وفي فترة لاحقة بعد حادثة القيامة، وفي القرن الرابع الميلادي، شيدت كنيسة القيامة من قبل هيلانة، والدة الإمبراطور البيزنطي قسطنطين، الذي تبنى الديانة المسيحية كدين رسمي لإمبراطوريته.
وتعتبر هذه الكنيسة الواسعة والمترامية عالمًا قائمًا بذاته، للطوائف المسيحية المختلفة حقوقًا فيها، وتقع في أحيان كثيرة خلافات بينها حول هذه الحقوق.


وبمناسبة عيد الفصح، رحبت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، بضيوف فلسطين من الحجاج المسيحيين الذين وصلوا البلاد، للمشاركة في هذه المناسبة، وقدمت الوزارة في بيان أصدرته اليوم تحياتها وأصدق تمنياتها لجميع الزوار والحجاج والمحتفلين في أسبوع الآلام وعيد الفصح المجيد، وتتمنت للجميع عيدًا مجيدًا.
وتمنت الوزارة أيضًا أن تجلب هذه المناسبة الفرح والمحبة وتساهم في نشر رسالة السلام والعيش المشترك التي يؤمن بها الشعب الفلسطيني ويكافح من أجلها رغم الظروف الصعبة والقاسية.
واعتبرت الوزارة أن كرم الضيافة وحسن معاملة الزوار هو جزء من التراث والحضارة الفلسطينية التي مارسها الفلسطينيون عبر العصور الماضية.


وقالت الوزارة إنها تعمل بمساعدة المجتمع الفلسطيني والقطاع السياحي الخاص والمؤسسات الدولية والمحلية على تكريس هذه الثقافة التي يمتاز بها شعبها وتطويرها لضمان توفير إقامة فريدة لجميع الزوار، لكي يعودوا إلى بلادهم حاملين معهم ذكرى طيبة وتجربة مميزة.


وأعربت الوزارة عن أملها في أن تحقق زيارة الحجاج إلى فلسطين توقعات هؤلاء الحجاج وأن تساهم إيجابيًا في حياتهم الدينية من خلال زيارتهم للمواقع المرتبطة بحياة السيد المسيح عليه السلام والأنبياء وتفاعلهم مع الفلسطينيين، لكي يصبحوا سفرًا للشعب الفلسطيني في دولهم وفي العالم أجمع.
وفي قطاع غزة أعلن الأب مناويل مسلم، راعي طائفة اللاتين، إستعداده ليكون أول شهيد يسقط دفاعًا عن المسجد الأقصى المستهدف من إسرائيل، قائلاً إنه يمثل له وللمسيحيين الفلسطينيين جزءًا من هويتهم، موجهًا دعوة إلى الحبر الأعظم بزيارة فلسطين والإطلاع على آلام شعبها، ومساندته في كفاحه الوطني.
وقال في مؤتمر صحافي عقده قبل ظهر اليوم موجهًا كلامه للفلسطينيين بمناسبة عيد الفصح: quot;عيد الفصح هو عيد الحرية، والتحرير وقيامة المسيح، حافظوا على هذا الأمل في قلوبكم بأن شعبنا الفلسطيني سيقومquot;.

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاحد 8 نيسان 2007