سهير جرادات من القاهرة: يقع مقهي بعرة بفتح الباء وتسكين العين في شارع عماد الدين وسط القاهرة حيث تنتشر مكاتب مديري الانتاج الفني وصانعي السينما ويعتبر ملاذا للكومبارس المغرمين باضواء السينما والباحثين عن فرصة للظهور على شاشة السينما بشكل خاص على أمل أن يكتشفه مخرج او منتج يسند إليه دوراً تكون بدايته الحقيقية نحو الشهرة.


ورغم ضيق المقهى الذي لا يتسع سوى لاربع طاولات متلاصقة في الداخل ومثلها في الممر الخارجي الا ان الاصوات تتعالى بين الحين والاخر عند فوز احد رواد المقهى وغالبيتهم من الكومبارس في لعبة quot;نرد الطاولةquot; او quot;ورق الشدةquot; وهم يشربون الارجيلة بانتظار قدوم احد القائمين او المشرفين على انتاج الاعمال الفنية واختيارهم للمشاركة في ادوار فردية او جماعية في افلام ومسلسلات ومسرحيات متنوعة.
مر على quot;قهوة بعرةquot; منذ انشائها العام 1936 غالبية نجوم الفن الكبار وجلسوا فوق كراسيها وسهروا الليالي الطويلة في ردهاتها وهم ينتظرون من يقدم لهم عرض أي عمل يأخذ بيدهم إلى عالم الأضواء والشهرة.. بعضهم نجح وبعضهم ما زال جالسا على أحد كراسيها يحلم بالنجومية التي لم تأت بعد.


شهدت قهوة quot;بعرةquot; مولد عدد من نجوم الفن الراحلين ومشاهير أهل الفن الحاليين امثال رشدي أباظة وأنور وجدي وتوفيق الدقن ويوسف شعبان وعادل امام ومحمد هنيدي ومحمود حميدة ممن بدأوا حياتهم الفنية بالجلوس في القهوة حسب ما يؤكده ابن صاحب المقهى سيد الزيناتي وبعض الكومبارس الذين التقتهم وكالة الأنباء الأردنية بالقاهرة.


وهناك قصة شهيرة لإطلاق اسم quot;بعرةquot; على المقهى يرويها الزيناتي تعود الى انه اسم الدلع لصاحب المقهى محمد زناتي الصعيدي حيث كان يطلق عليه اسم بعرور وتعني الجمل الصغير لضخامة قوامه وعرض صدره الذي يصل الى 96 سم الى ان ثبت عليه اسم بعرة من قبل الفنان رشدي اباظة احد رواد المقهى بقول خلينا نروح على بعرة واصبح اسم الشهرة للمقهى رغم تسجيله باسم نادي الكورسال لفناني السينما .
ويصف حال المقهى واهميته في دعم مهنة الكومبارس وسرعة توفيرهم للمخرجين والمنتجين حيث ان هاتف المقهى يعتبر هاتف النجدة الفورية فيتم اختيار الكومبارس وتجهيز مكياجه ليكون جاهزا لاداء الدور.
ويكمل ان المقهى يقدم لطلبة المسرح والفنون المساعدة في مشاريع تخرجهم.


ويشير الكومبارس علي احمد علي الذي شارك في فيلم ايظن والعديد من الاعلانات التجارية ومسلسل الايام الحلوة الى هموم ومشاكل الكومبارس الذين بالكاد يظهرون في مشهد أو مشهدين في أي عمل سينمائي أو تلفزيوني.


ويشير حسن كفته67 عاما والذي بدأ عمله quot;كومبارسquot; في فيلم العيش والملح مقابل اجر خمس جنيهات الى ان اخر اجر تقاضاه بلغ 2700 جنيه عن ادائه لمشهد لم يستغرق سوى ثانيتين في فيلم اصحاب ولا بزنس بعد ثماني ساعات من العمل والتحضير.


ويقول ان الكومبارس له دور اساسي في الفيلم السينمائي فلا ينجح الفيلم بدونهم فهم المحرك الاساسي للدراما في الفن وهما نوعان صامت يرسمون باجسادهم الحياة في الخلفية وراء ابطال العمل الاساسيين حتى تكتمل الصورة في العمل الفني والمتكلم الذي يقول بعض كلمات لها معنى او هدف مشيرا الى انه قد لا يستغرق دور الكومبارس سوى دقائق معدودة على الشاشة الا انها مهنة يتقاضى عنها اجرا يعتاش منه.
ويجلس عبد العزيز علام 67 عاما منذ نصف قرن مع مجموعة من الفنانين والممثلين في مقهى بعرة المجاور لمسرح سمير غانم وسينما كوزموز ينتظر ظهورا جديدا له على الشاشة الفضية بعد اخر ظهور له في فيلم السفارة في العمارة مع عادل امام.


الكومبارس عوض احمد محمد يجلس منذ 15 عاما في مقهى بعرة ليلتقط رزقه بحسب قوله من خلال اختياره من قبل المنتجين للمشاركة في اداء احد ادوار الكومبارس بعد ان شارك في فيلمي يا انا يا خالتي و الواد كتكوت اضافة الى مشاركته في العديد من المسلسلات التلفزيونية.
ويتذكر محمد حسن عبد الجليل الشهير ب محمد بشير 60 عاما اول فيلم شارك به
انت حبيبي مع فريد الاطرش وشادية وتقاضى عنه 25 قرشا واخر اجر تقاضاه 50 جنيها عن مشاركته في مسلسل حدائق الشيطان.


وعن تنظيم عمل الكومبارس يبين الوسيط الفني وديع بباوي انه يتم اصدار بطاقات شخصية للكومبارس من الجنسين تتضمن المعلومات والعناوين والمواصفات لاختيارهم وعرضهم على المخرجين مقابل اتعاب تصل الى 10 بالمائة من الاجر الذي سيتقاضاه من المشهد ويتم اجراء المقابلات معهم في مقهى بعرة او في مطعم خريستو طريق الاهرامات حيث يوجد الكومبارس على مدار الساعة.