عبد الجبار العتابي من بغداد:أول ما جاء في اذهان البغداديين حين سمعوا خبر تسليم ملف المنطقة الخضراء للقوات العراقية هو طريق القادسية السريع، وكان هذا من الاخبار الجميلة ان تحقق، وتمنوه ببالغ الحرص، وراحوا يعلنون بصوت عال ان اهم ما يمكن ان يتم في المرحلة المقبلة هو اعادة افتتاح هذا الطريق المهم الذي وحده من شأنه ان يفك العديد من المشاكل والتي من اهمها مشكلة الزحام الخانق الذي يكتنف شوارع العاصمة بغداد من جانب الكرخ عبورا الى الرصافة، حيث مراكز المدينة، بالاضافة الى كونه سيعيد النشاط الى المرافق الحيوية التي تضمها مساحة المكان، فالاحاديث مازالت تتحدث عن المنطقة الخضراء لكنها تقرن بالطريق الذي يبحث البغداديون عن حلول سريعة للافراج عنه واطلاق سراحه ليعاود الظهور في المشهد اليومي، فيما لم يؤكد اي مصدر حكومي ان هنالك انتباه الى الطريق في الوقت الحاضر، ما عدا تصريح وزير الدفاع بأن المنطقة الخضراء ستفتح امام المواطنين والسماح لهم بالتصوير فيها، ولم يوضح اي مكان وكيف يمكن للمواطنين الدخول اليها.
قال لي صاحب سيارة اجرة (تاكسي) : سمعت ان الحكومة بعد استلامها للمنطقة الخضراء ستفتح الطريق السريع، وهذا اسعد خبر يمكن ان نسمعه نحن سائقو السيارات لانه سيريحنا كثيرا ويريح الناس، اي والله، ولا يجعلنا نمضي الساعات في الازدحامات ونستهلك الوقت والوقود في التجوال في الشوارع الذي اصبح شرا لابد منه !!، واضاف : انا سمعت ان وزير الدفاع اشار الى انه من الممكن ان يكون هذا، هل صحيح؟، لم اجبه، لكنه اضاف : انا اعتبر اليوم الذي يفتتح فيه طريق القادسية السريع عيدا لمدينة بغداد التي سترتاح من عذابات الاختناقات المرورية.
فحين (ابتدعت) المنطقة الخضراء تغيرت العديد من ملامح بغداد، لاسيما المحيطة بهذه التسمية الغريبة، وتغيرت جغرافيا المكان كليا، وصارت المسافات تتباعد كثيرا جدا، والمناطق اصبحت تحدها الموانع، وصار من الصعوبة العبور من الكرخ الى الرصافة، الا ان تستنزف كل قوى الامواطن الجسدية والنفسية، حيث تقع المنطقة الخضراء في (صوب) الكرخ الذي انتفخت مسافاته واكتظت واختزلت بشوارع محددة لم تمتلك قدرة الاستيعاب وان تمت محاولات لتوسيعها.
فمن ناحية الكرخ، وبالتحديد من نهاية شارع المطار على مشارف منطقة البياع يمتد طريق القادسية السريع، مخترقا حي القادسية، مرورا بمنطقة التشريع التي تقع وسط الطريق الذي يضم هناك ساحة الاحتفالات ونصب الجندي المجهول ومسرح المنصور وساعة بغداد ومن ثم النفق الذي بين قصر المؤتمرات وفندق الرشيد، وعبورا الى كرادة مريم ومن ثم جسر الجمهورية الذي يؤدي الى منطقة الباب الشرقي، وهذه المنطقة اغلقت تماما ومعها الشارع الاخر المؤدي من الحارثية الى ذات الطريق، ومن هنا كان الزحام على اشده في المناطق المحاذية وصار لزاما على السيارات الذاهبة الى الباب الشرقي، مثلا، ان تدور دورة كاملة، وصولا الى منطقة علاوي الحلة ومن ثم جسر السنك الذي يصب في شارع الجمهورية العجيب الغريب بزحامه، اما من جانب الكرادة الشرقية فقد اغلق (الجسر المعلق) فتقطع الوصل ما بين الكرادة والكرخ الا عن طريقين بعيدين جدا هما جسر الجمهورية والاخر عن طريق علاوي الحلة ولا ثالث لهما، كذلك (من ناحية الكرخ ايضا) فالشارع المؤدي الى فندق الرشيد مغلق من قرب بناية وزارة الخارجية، وكذلك الطريق المؤدي منه الى كرادة مريم صعودا الى جسر الجمهورية الذي يصب في منطقة الباب الشرقي، بالاضافة الى غلق شارع الزيتون الذي يبدأ من المنصور باتجاه المنطقة الخضراء،وهذا يعني ان بغداد صارت دائرية، وقد تسبب هذا الاشكال في زحامات طويلة الامد واستهلاكا قسريا للوقت.
سألت شرطي مرور كان يقف في منطقة علاوي الحلة فقال : كل السيارات الذاهبة الى اهم منطقتين في بغداد وهما الباب الشرقي وباب المعظم تمر من علاوي الحلة، التي هي كما ترى شوارعها صغيرة بالاضافة الى انسداد بعض الشوارع بالكتل الكونكريتية، وهذا يعني زخما مروريا زائدا يشكل ضغطا من الصعب السيطرة عليه، وكل هذا بسبب الغلق الذي حدث لطريق القادسية السريع الذي كان يستوعب اغلب السيارات الذاهبة الى الباب الشرقي ومقترباته، ومن المفروض بعد تحسن الوضع الامني اجراء فتح الطريق ليقلل من حدة الاختناقات.
وتقع المنطقة الخضراء (Green Zone) أو ما تعرف بالمنطقة الدولية بالتحديد وسط بغداد على الضفة الغربية لنهر دجلة، وتحتل مساحة تقارب 10 كليومترات مربعة، وتضم : مقار القصر الجمهوري ومقر الحكومة ومجلس النواب، وعددا من الوزارات، بالاضافة الى أماكن سكن ومكاتب عدد من كبار المسؤولين العراقيين، فضلا عما كان يعرف بقصر المؤتمرات وفندق الرشيد وعدد من الأحياء السكنية، كما تضم هذه المنطقة كذلك مقر السفارتين الأمريكية والبريطانية وعددا آخر من السفارات العربية والغربية العاملة في العراق.
وهذه المنطقة انشأتها القوات الأمريكية بعد دخولها إلى بغداد في عام 2003، بعد أن احاطتها بأسوار عالية من الجدران الكونكريتية وأوكلت مهمة حراستها إلى القوات الأمريكية وشركات الحماية الخاصة التي تعمل تحت إشرافها، واغلقت الطرقات المؤدية اليها، وقد أثرت تأثيرا سلبيا على حياة البغداديين اليومية.
المواطنون العراقيون استبشروا خيرا بما سمعوه عن تسليم المنطقة الخضراء الى العراقيين قي اليوم الاول من عام 2009، وان قيل انها خطوة من خطوات، لكنهم يرغبون في ان تحل مشكلة الزحام الكبير الذي تختنق به بغداد من ناحية الكرخ والذي يؤثر على بغداد عامة، يقول المهندس علاء البدر : الزحام الحالي يعيق تطور المدينة واقامة بناء وتعمير فيها وحتى تقديم الخدمات البسيطة، اذ ان ابسط شيء وهو اعادة تعبيد الشوارع لايمكن ان تتم لعدم وجود بدائل، فلا بد من اغلاق شوارع اخرى وهذا يعني البحث عن منافذ جديدة ولعدم وجود بدائل فالمشكلة كبيرة، واضاف : فمن نقطة الصفر(اليياع) يبدأ الزحام انتهاء بالنقاط النهائية وطوال ساعات النهار، على عكس اذا تم فتح طريق القادسية السريع فسوف يوفر الكثير من الجهد والوقت.
واكد المهندس البدر : ما اتمناه هو ان تنتبه الحكومة فعلا الى هذا الطريق الذي يعد حيويا وترتب اوضاعه من اجل ان يعود كسابق عهده، وبالتأكيد انه سيترك اثرا طيبا عند المواطنين وللوضع الامني المتحسن.
التعليقات