كامل الشيرازي من الجزائر: يعدّ السد الخزان بولاية ميلة الجزائرية (450 كلم شرق العاصمة) قبلة صيادي السمك في المياه العذبة، ويبدو منظر هذا السد الواقع بوادي العثمانية الشهير شرقي البلاد، وكأنه شاطئ بحر يؤمه مصطافون وهم جالسون تحت مظلات شمسية تقيهم أشعة الشمس المحرقة.
فعلى طول ضفتي هذا السد الذي يحجز حاليا قرابة 30 مليون متر مكعب من المياه الموجهة لتموين مدينتي قسنطينة وميلة بالمياه الصالحة للشرب، يصطف عشرات الأشخاص من هواة صيد السمك حاملين صنانيرهم، وبحسب عمي لخضر صاحب الربع قرن من الخبرة في ميدان الصيد، فإنّ هذه الظاهرة بدأت تبرز منذ أشهر قليلة بعدما انتشرت أخبار عن صيد أسماك كبيرة من نوع الشبوط الفضي وغيره، في أعقاب عمليات زرع لهذا النوع من السمك على مستوى عدد من المسطحات المائية التي تتوفر عليها المنطقة.
ويقول خالد (30 سنة) الذي يقطن بضاحية شلغوم العيد المجاورة، لـquot;إيلافquot; أنّ الإقبال الكبير وخاصة خلال أيام نهاية الأسبوع، ما يدل بحسبه على أنّ هذا السد يتوفر على خير كبير، فيما يضيف صديقه زهير (33 سنة) من وراء نظارته العريضة وصنارته الجديدة التي اقتناها مؤخرا، إنّ أسماكا اصطيدت بهذا الموقع، وفاق وزنها الخمسة عشر كيلوغراما، كما أنّ عديد الأنواع السمكية الأخرى جرى الظفر بها في الفترة القليلة السابقة.
وتدل أرقام لوحات السيارات المتوقفة على مقربة من السد الخزان، على أنّ الكثيرين يقطعون آلاف الأميال من مختلف محافظات البلاد يفضلون هذا المعلم عن البحر وباقي فضاءات التسلية والترفيه الأخرى، حيث يتخذ البعض من هذا المكان مقصدا للترويح عن النفس وممارسة هواية متأصلة لديهم، فيما أصبح صيد السمك عند آخرين حرفة يحصلون منها على مداخيل من خلال بيع ما يصطادونه أو استهلاكه ذاتيا.
وينفى سليمان (45 سنة) القابع تحت مظلة شمسية أصبحت لا تفارق صندوق سيارته، ما يردده قطاع من زوار المكان عن مذاق رديئ لسمك السد الخزان، وهي ملحوظة طالما ألصقت بعموم أسماك السدود والأودية، ويعلّق سليمان بدعابة:quot;إذا ما وجدت السمكة طباخة ماهرة تعرف استعمال البهارات والدواء، فقد تنسيك ذوق سمك البحرquot;.
ويرشح التوأم مصطفى وأمين (33 سنة) المواظبان على الصيد بالسد الخزان، أن يشهد الأخير ازدهارا في المرحلة القليلة المقبلة، خصوصا مع حلول الصيف، فيما يدعو الشيخ جلول (68 عاما) إلى أهمية استيعاب هذا المعطى الجديد المتمثل في الصيد في المياه العذبة بوصفه حرفة جديدة يجب تثمينها، خصوصا بعدما صار المئات يتخذونها مورد رزق من شأنه أن يتلاءم مع الطابع الريفي الفلاحي لهذه المدينة الساحرة التي تتوفر على سد كبير آخر هو سد quot;بن هارونquot; إضافة إلى بعض الحواجز المائية.
ويقول مسؤول بوزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لـquot;إيلافquot;، أنّ نشاط الصيد في المسطحات المائية العذبة ستعرف quot;قريباquot; ميلاد أول مؤسسة مصغرة للصيد بواسطة القوارب بادر بها شاب جامعي من منطقة ميلة، ويعترف العديد من السكان المحليين بأنّ حياتهم بدأت تشهد تطورا نوعيا بفضل فرص الرزق التي برزت فضلا عن مزايا كثيرة مناخية وبيئية جمالية.
- آخر تحديث :
التعليقات