سعيد عبدالغفار: المناخ غير صحي والأجواء الكروية فاسدة

عندما تحدثت هاتفياً مع سعيد عبدالغفار أمين السر العام لنادي الشباب وأحد رجاله الأقوياء لكي يكون ضيفنا في ''الاتحاد الرياضي'' لم يمانع، لكنه كان حريصاً على معرفة في أي اتجاه سوف تدور الأسئلةbull;bull; قلت له ليس لديّ أسئلة محددة bull;bull; فالأمر كما يبدو لي أكبر من مجرد سؤال وجوابbull; وقلت أيضاً، كل ما يمكنني أن أقوله لك الآن، إننا سنجلس معاً وسيكون الحوار المفتوح ثالثنا، فنحن كما تعرف نعيش فترة حرجة نريد أن نجد فيها أنفسنا دون جدوى!
هذه السلسلة من الحوارات تفتش عن أفكار وحلول قبل أن تذهب إلى واقع من أجل توصيفهbull;

نريد أن نشارك معاً في تقديم العون لكل من يهمه الأمر على أمل أن نتفادى الانزلاق bull;bull; إذ ربما في مرة من المرات يصيب الحوار ويساهم في وضع القدم المرتجفة على بداية الطريق الجديد الصحيح bull;bull; بعد سنوات وسنوات من الانتظار bull;bull; على قارعة الطريق أحياناً bull;bull; وفي مفترق طرق أحياناً أخرى! وعلى ما يبدو فإن كلانا قد وجد ضالته في الآخر bull;bull; وأشهد أن سعيد عبدالغفار كان على مستوى الحدث bull;bull; فالزمن أصبح يرفض أنصاف الحلول وأصبح لا يلتفت إلا للرجال الشجعان!

ومن حيث ظاهرة محيرة يتحدث عنها الناس حالياً كان بدء الحوار bull;bull; فالناس يقولون وبدهشة bull;bull; ما سر هذا الانخفاض الجماعي في مستوى كرة القدم على كافة المستويات في أول سنة من مشوار الاحتراف الطويل (؟!) هل هناك علاقة خفية bull;bull; هل هي لعنة الرواتب التي أصبحت كبيرة bull;bull; والجيوب التي أصبحت منتفخةbull;bull; والسيارات التي أًصبحت فارهة bull;bull; والشعر الذي أصبح مسدولاً على الأكتافbull;bull; أم ماذا؟!

يقول سعيد عبدالغفار نحن دائماً متسرعونbull;bull; فبعد أن اتخذ اتحاد الكرة قراره بتطبيق لائحة الاحتراف وبعد أن سارعت معظم الأندية في توقيع العقود مع لاعبيها تخيلنا أن النتائج سوف تهبط علينا من السماء ونسينا للأسف أن الاحتراف هذا أسلوب حياةbull;bull; انه فكر قبل أن يكون لعباbull; فالاحتراف عامل واسع له نظمه وله التزامه وله برامجه وله ثقافته وله وقتهbull;

والسؤال المطروح حالياً هل يفهم لاعبونا الاحتراف bull;bull; هل يعرفون ثقافته bull;bull; الاجابة بكل تأكيد لا bull;bull;bull; فهم لا يعرفون من الاحتراف سوى شيء واحد فقط هي فلوسه(!)bull;

البدلات قبل توقيع العقود كان متوسطها يدور في فلك (6) آلاف درهم لكل لاعب أما الآن فراتب لاعب كرة القدم أصبح يزيد على راتب الوزير(!)bull;
نعم لا تدهش فلاعب الكرة في الإمارات الآن أصبح في ترف أكثر من الوزير (!)

انني استغرب عندما أضع سيارتي في موقف السيارات بالناديbull;bull; فالسيارات الخاصة باللاعبين لم تصبح سيارات لاعب كرة قدم bull;bull; بل أصبحت أفخم من سيارات مشاهير العالم(!)bull;

انني على يقين أن أكثر من 95 في المئة من اللاعبين لم يقرأوا لائحة الاحتراف بل الأكثر من ذلك bull;bull; فهم لم يقرأوا حتى عقودهم bull;bull; وبمعنى أدق لم تذهب أعينهم سوى تجاه بند واحد فقط هو بند الراتب وفيما عدا ذلك لا يهمه لا من بعيد ولا من قريب (!)bull;

والذنب هنا ليس ذنب اللاعب بل ذنب القائمين على هذا النظام وذنب الإداريين وأعتقد أنه من الصعب ان لم يكن من المستحيل أن تعلم لاعبا عمره يزيد عن 26 سنة معنى الاحترافbull;

ان الاحتراف الحقيقي يجب أن يتعلمه الصغار bull;bull; هناك في مدارس كرة القدم bull;bull; نعم يجب أن تعلمه ألف باء الاحتراف bull;bull; كما تعلمه كيف يأكل بالشوكة والسكينة يجب أن يتعلم الصغار النظام والبرامج bull;bull; وكيف يتعامل مع الآخرين ومع رجال الإعلام bull;bull; يجب أن نزرع فيه ثقافة هذا العالم منذ نعومة أظافرهbull;

الحكاية تحتاج منا لوقت طويلbull;

نحن كل ما فعلناه أننا جئنا بلاعبي الفريق الأول وحررنا معهم العقود bull;bull; ولاعبو الفريق الأول في أي ناد أعمارهم من 20 إلى 30 سنة فهل يستطيع أحد أن يغير هذه العقول وما ترتب عليه(!)

مرة أخرى يجب أن يبدأ الاحتراف من مرحلة التأسيسbull;

؟ قاطعته قائلاً: إذا كنت أنت مؤمناً بذلك، فلماذا لم تبادر في تطبيقه في ناديك؟

؟؟ قال بالفعل بدأنا المحاولة واجتمعنا بالمشرفين من أجل كيفية إبراز قيادات صغيرة وتعلميهاbull;bull; لكن صدقني أنا لا أستطيع أن أعمل بمفردي في الأندية وتبقى الأمور كما هي عليه في الاتحادات، إن هذه المسؤولية مسؤولية مشتركة ما بين الأندية والاتحادات والمجالس الرياضية المتخصصة التي أصبحت تنتشر في إمارات الدولةbull;

انها أشبه بعمل وطني يجب أن يدرس دراسة كافية ويتم تطبيقه وتعميمه على الأندية من أجل التنفيذbull;

إن الإمارات أصبحت في حاجة ماسة إلى أكاديمية على غرار أكاديمية ''اسباير'' في قطرbull;bull; تأخذ المواهب وتعلمها التعليم الأساسي الصحيحbull; وأنا أعترف أن مثل هذه الأفكار في حاجة ماسة إلى ميزانيات ضخمةbull;bull; فالتثقيف يحتاج الى أموال فهذا هو حال العلم والثقافةbull;bull; ودول كبيرة تصرف أموالا هائلة في سبيل تعليم الصغار حتى تجني ذلك عندما يصبح الصغار كباراًbull;

انني أقولها وبلا مبالغة اننا بحاجة إلى سنوات طويلة ربما لا تكفينا 15 سنة لكي نجني ثمار الاحتراف هذا بشرط إذا بدأنا منذ الآن وبدأنا البداية الصحيحةbull;

العالميةbull;bull;!
لقد جمعتني جلسة مع أحد الشخصيات الكبيرةbull;bull; وهذه الشخصية طالبت بتوصيل أندية دبي للعالميةbull;bull; وهذا حق مشروعbull;bull; ولكل إنسان حلمbull;bull; ولكن اتساءل هل هناك برنامج من أجل تحقيق هذا الهدف الكبير! ولو كان فيه برنامجbull;bull; فما هوbull;bull; وما زمنه؟!

هل من المنطق أن أقول إن نادي الشباب مثلا سوف يصل إلى مرتبة ريال مدريد أو برشلونة أو الارسنال في مدة ستة شهور أو سنة!
إننا يجب أن نكون واقعيين في حكمنا على أنفسناbull;bull; وعلينا أن نسأل أيضا هل الكوادر الإدارية مؤهلة لذلك؟!

هل نملك الناس القادرة على تحقيق هذه الأحلام الهائلة؟

الأمر في حاجة إلى شجاعة فإذا لم يكن لدى هؤلاء الناسbull;bull; بمعنى أن الموجود لا يواكب العصر فمن المفروض أن استبدل هؤلاء بجيل آخر ينسجم مع أفكار العصر الجديدbull;bull; بل من المفترض أن أجيء بخبرات أجنبية تساعدني التحول حتى أقف على قدميbull;bull; وللعلم هذا ما فعلته اليابان وأصبحت من أقوى دول القارة وأصبحت ضيفاً دائماً على نهائيات كأس العالم بل نظمت كأس العالم نفسه عام 2002 مع كورياbull;

لقد ذهبت اليابان الى بعيد بعد أن كنا نتفوق عليها منذ عشر سنوات فقطbull;bull; أما الآن فهم يواصلون التطور السريع ونحن نقف مكاننا بل نتأخرbull;bull; يا سيدي نحن نتكلم كثيراً ونعمل قليلاً!

المنطق يقول إننا يجب أن نبني أجيالاً إدارية قادرة على مسايرة الزمن كما نبني أجيالاً من اللاعبينbull;bull; من المفترض أن يسير الخطان بشكل متوازٍbull;
المفروض أن يتعامل المحترف مع محترفbull;

من المضحك أن يكون هناك احتراف على صعيد اللاعبين وأن يدير ذلك نخبة من الإداريين الهواة والمتطوعينbull;
اسمع هذه الحكاية
وقال لي عبدالغفار اسمع هذه الحكاية ثم احكمbull;
في يوم من الأيام قمت بتوقيع غرامة مالية على أحد اللاعبين المحترفينbull;bull; فماذا كانت النتيجة؟
قال الناس لقد ارتكب سعيد عبدالغفار جريمةbull;bull; نعم لقد قامت الدنيا ولم تقعدbull;bull; وبدأت العواطف تشتغلbull;bull; رغم أنني لم أفعل شيئاً سوى تطبيق لائحة الغرامات!
الدرس المستفاد من هذه الواقعة البسيطة يقول إننا نعيش مسافة هائلة بين الواقع والطموحbull;

اننا في حاجة لسنوات طويلة حتى نفهم أصول الاحترافbull;

العاطفة يجب ألا تأخذناbull;bull; يجب أن نتخلى عنها تماماً إذا كنا صحيح جادين في الوصول لهدفناbull;

لا نشمئز!

ولأن سالفة التجنيس فرضت نفسها بقوة ولأننا فضحنا أنفسنا بموضوع ''دياكيه'' وفي النهاية لم نستفد منه على صعيد المنتخب الوطنيbull;bull;فقد قال سعيد عبدالغفار معلقاً على ذلك نحن لسنا ضد التجنيس ولا نشمئز منه لكن بشرط أن يكون لمصحلة الإمارات في المقام الأولbull;

هذه القضية يجب أن تكون محكومة بمعايير دقيقة وألا تتم بصورة عشوائيةbull;

لا يجب على الإطلاق أن ننظر لهذا الموضوع نظرة إقليميةbull;bull; يجب أن نترفع عن صغار الأمورbull;bull; فنحن إذا جنسنا ثلاثة لاعبين فلن نكون مغردين خارج السرب!

حتى اليابان لم تبخل على نفسها بالتجنيس وكلنا شاهدنا ''البرازيليين'' في الفريق الياباني ولم تأبه اليابان بذلكbull;bull; فالمهم مصلحتها رغم أن الشكل كان مفضوحاً!!

ولماذا نذهب بعيداً فالمنتخب الفرنسي بكل عراقته يضم أكثر من تسعة مجنسين من هؤلاء أصحاب البشرة السمراءbull; إننا مع وليس ضد بشرط أن لا يكون لمصلحة الأندية في المقام الأولbull;bull; بل لمصلحة البلد بصفة عامةbull; وآسف إذا قلت اننا طلعنا ''خائبين'' في موضوع دياكيهbull;bull; وفي تقديري الشخصي أن الذي سعى للجهات المسؤولة في موضوع دياكيه لم يوفقbull;bull; وفي رأيي الشخصي أن من أخطأ في إفادة المسؤولين بمعلومات غير دقيقة يجب أن يحاسب ومهما كان!

قصة الاعتزال

؟ تردد أنك تنوي الاعتزال من العمل الرياضي كلهbull;bull; ما صحة هذا الكلام؟

؟؟ قال سعيد عبدالغفار بالفعل حدث هذا قبل ترأسي لبعثة الفريق الأول خلال معسكرها الخارجي استعداداً للدوري وبالمناسبة لازالت الفكرة في باليbull;فأنا أرى أنه لابد من الاعتزالbull;bull; فالوسط الرياضي أصبح لا يطاقbull;bull; والمناخ غير صحيbull;bull; بل تستطيع أن تصفه بأنه مناخ فاسد للأسف الشديدbull;
المهم بعد عودتي مع الفريق وكان ذلك في 1/9/2006 فوجئت بمن يقول لي ''شو أخبار الاعتزال''!!

وبالطبع كان كلاماً استفزازياًbull;bull; نعم أنا قررت الاعتزالbull;bull; لكن حتى الاعتزال لابد وأن يمارس بشكل صحيح وليس بصورة ارتجاليةbull;bull; الاعتزال هو الآخر له عندي أسس ومبادئbull;bull; فلابد على سبيل المثال أن آتي إلى النادي وأسلم مهام عملي للشخص الذي سيتولى المهمة بعدي وأن نعطي هذا الشخص مهلة لا تقل عن شهر حتى يلم معها بكافة الأمور ومسيرة العمل اليومي الذي أؤديهbull;

يوم 1/10/2006 أي بعد وصولي من المعسكر الخارجي بشهر بالتمام والكمال تقدمت باستقالتي لسعادة الدكتور أحمد سيف بالحصا وكانت لي جلسة مع أبوسيف وهو أخ أكبر لي وأكن له كل تقدير واحترامbull;bull; وطلب مني رئيس مجلس الإدارة التريث في هذا الموضوع لحين وجود شخص بديلbull;bull; ولم يكن أمامي سوى الاستجابة لهذه الدعوة كونها من أخ كبير لي وله قدر عنديbull;bull; وقلت لنفسي في نفس الوقت طالما أن البديل لا يتوفر الآن فلا يجب أن نترك نادينا هكذاbull;bull; وقررت التريث فعلا حتى نجد شخصاً بديلا ليؤدي هذه المهمة الشاقةbull;bull; وصدقني متى ما نجد هذا الشخص لن أتردد مطلقاً في الرحيلbull;

وصدقني بمجرد أن يوجد هذا البديل فسوف أعتزل وأنا أعني كلمة الاعتزال بكل ما تحمله من معنىbull;bull; أي أنني سوف أشيل الرياضة تماماً من دماغيbull;
في حقيقة الأمر الجو الرياضي غير نظيف وغير صحيbull;bull; فالجو الرياضي يتطلب منك أنت تجامل وأن تنافق وأنا لا أستطيع أن أفعل ذلك تحت ظرف من الظروف، وللأسف أيضا إذا تمسكت بمبادئك فلابد وأن تحارب وترى نفسك تغرد بعيداً عن الناس وتحارب من كل جهة!

انا لا أنكر أن هناك شرفاءbull;bull; نعم هناك إدارات نظيفة وكلام نظيفة لكن والله والله هذه النظافة تضيع وسط هذه المعمعة ووسط هذا المناخ الفاسد بمعنى الكلمةbull;

الناس في بلادنا تبحث عن الشهرة من خلال الرياضةbull;bull; أسرع طريقة عندنا للشهرة هي الرياضة وبالأخص في فريق كرة القدمbull; انهم يحرصون على ذلك لكن مع أول إخفاق نجد هؤلاء يدسون وجوههم في الأرض كالنعامة ويتهربون من المسؤولية ويصوبون أصابع الاتهام نحو الآخرين بعيداً عن أنفسهمbull;bull; نعم يحاولون تبرئة أنفسهم حتى بالاستقالةbull;

معلوم أنه عند الشدائد تظهر معادن الرجالbull;bull; ولقد تعودت أن أواجه ولا أخاف المواجهةbull;

ويعلم الله أنني دائماً أحارب والسبب المصلحة العامةbull;bull; فليست لي والحمد لله مصلحة خاصةbull;bull; أنا لا أرتزق من وراء الناديbull;bull; عندي والحمد لله ما يكفيني فأنا أعمل في الأعمال الحرة ولست موظفاً، نعم لا أبحث عن شهرة ولا أبحث عن مال في المجال الرياضيbull;bull; لذا لا أساوم على مبادئ ولا على مواقفيbull;

ان تجربتي في نادي الشباب تجربة غنية استفدت منها فكرياً وتعلمت منها أشياء كثيرة وصارت لي صداقات عديدة مع الناس، ولكني لي آرائي الخاصة التي لا أجامل فيها ولا أحابيbull;bull; إنني أحاول الاستمرار في موقعي خدمة لهذا النادي الحبيب لكني أشعر دائماً أنني أسبح ضد التيار وأن اليد الواحدة لا تصفقbull;

نحن في نادي الشباب وهذه هي المعادلة الصعبة التي تجبرني على البقاء حتى تتضح الرؤيةbull;bull; مجموعة صغيرةbull;bull; كلنا 4 أو 5 أعضاء المتواجدون دائما والمتحملون دائما لكل الأعباءbull;bull; فهناك الاخ خالد فارس، والأخ يوسف بن غليظة المدير المالي وأناbull;bull; والأندية الرياضية في حاجة إلى أعداد كافية لاتساع رقعة النشاط والتسويق وفي حاجة لجهدbull;bull; إنني شعرت بالإعياء والضيق والغضب والمرض أيضاbull;bull; فقد أصابني السكري والكوليسترول وماكانت هذه الأمراض عنديbull;bull; ويا ليتنا عاجبينbull;bull; بل نسب ونشتم سواء عيني عينك أو في المنتديات وعلى الانترنتbull;bull; لقد ضاق الإنسان ذرعاً بكل هذه التصرفات سواء في الداخل أو في الخارجbull;