رفضوا الإعتراف بمقولة quot;إنه عصر الإحترافquot; وتمسكوا بأنديتهم
أوفياء في عصر المال والإحتراف ..
محمد حامد ndash; إيلاف : إنه عصر الإحتراف ... هذه الجملة البسيطة في كلماتها ... الحاسمة القاسية في معناها، أصبحت من أكثر التعابير التي تتردد على مسامعنا، وتصدم عيوننا وعقولنا ومن ثم قلوبنا كلما التقيناها في وسائل الإعلام مرئية أو مقروءة، أو كلما وردت في مناقشاتنا اليومية البسيطة، إنه تعبير قاس بكل ما يحمله من وضوح يرغمنا جميعاً على الإتفاق على واقعيته، خاصة حينما يكون الأمر متعلقاً بالحديث عن الإحتراف في ملاعب كرة القدم الأوروبية، حيث نضجت التجربة لديهم بما يكفي، وانتهت مصطلحات من نوعية (الإنتماء ndash; العاطفة ndash; حب النادي ndash; الوفاء للنادي ndash; الإرتباط بجماهير النادي ).... إلى آخره من تلك التعابير التي نعيشها في كل لحظة في ملاعبنا العربية، دون أن يكون لها مصداقية بشكل أو بآخر ...
|
ويا لها من مفاجأة سارة (لأنصار العاطفة) حينما نكتشف أن الأمور ليست بهذه القسوة أو ذلك الجفاف بشكل مطلق، نعم إنه عصر سيطرة المال والإعلام والإحتراف على كرة القدم ... ولكنه لم يخل تماماً من الوفاء والعاطفة والتمسك بألوان ناد ما دون سواه، وكأنه زواج كاثوليكي لا يعرف الطلاق أو الإنتقال لزوجة أخرى (ناد آخر) ... نعم هناك أسماء في ملاعب أوروبا والتي تعد أكبر معاقل الترويج لفكرة (عصر الإحتراف) هذه الأسماء لنجوم أعطونا الأمل في أن هناك قيمًا إنسانية لم يدهسها عصر المال والإحتراف بعد ...
وليس هناك من دليل قوي على صحة ما ذهبنا إليه من أن هؤلاء النجوم لم يكن ينقصهم شيء لكي ينتقلوا إلى أندية أخرى ويحصلوا على المزيد من المال وربما المزيد من النجومية والتغطية الإعلامية، ولكنهم رفضوا كل المغريات وفاء لناديهم الذين ارتبطوا به لفترات طويلة، وربما ارتبطوا به للأبد ...
والنماذج التي سوف نستعرضها سيكون لها أكبر الأثر في توضيح الفكرة التي نرمي إليها ...
-جاري نيفيل ndash; بول سكولز ndash; ريان جيجز (أوفياء أولد ترافورد) ... دائماً ما يتحدث عشاق quot;المان يونايتدquot;عن قصة الوفاء والحب التي ربطت بين السير quot;ألكس فيرغسونquot; وناديهم واستمراره في قيادة الفريق منذ 20 عاماً، ولكن هناك بعض النجوم في صفوف الشياطين الحمر كان لهم نصيب كبير في مشاركة quot;فيرغسونquot; معظم الإنجازات التي حققها مع النادي، حيث تدور أعمار كل من quot;جاري نيفيل وبول سكولز وريان جيجزquot; حول 33 عاماً، وقد بدأوا مسيرتهم مع الشياطين الحمر منذ مطلع العشرينات من أعمارهم، أي أنهم قد أمضوا عقداً من الزمان بين جدران quot;أولد ترافوردquot; معقل quot;المان يونايتدquot; ورفضوا أن يتخلوا عن الدفاع عن ألوانه طوال تلك السنوات .
-جون تيري (مثالية المدافع القائد) ... ربما لا يوجد مدافع في تاريخ الكرة الإنكليزية نال من الإحترام والتقدير ما ناله quot;جون تيريquot; قائد وكابتن المنتخب الإنكليزي ونادي quot;تشلسيquot; عطفاً على حماسه المنقطع النظير وقيادته لدفاعي المنتخب والنادي بكل إخلاص، فضلاً عن إلتزامه الأخلاقي والإجتماعي خارج الملعب، وهو النمط الذي يعشقه الإنكليز، ما يهمنا هنا هو أن quot;جون تيريquot; بدأ حياته الكروية بين جدران quot;ستامفورد بريدجquot; وجاهد كثيراً للوصول للمكانة التي وصل إليها، وكانت مكافأته الكبرى الحصول على أغلى بطولتين في تاريخ النادي وهما بطولتا الدوري الإنكليزي في الموسمين الأخيرين، وها هو quot;تيريquot; يواصل مسيرة العطاء مع quot;البلوزquot; عاقداً العزم على التجديد للفريق وفي الوقت ذاته فإنه أبدى تمسكاً بمدربه quot;خوزيه مورينيوquot; الذي وصف quot;تيريquot; بأنه أفضل مدافع في العالم على الإطلاق، وأنه يستحق أن يتم إنتاج فيلم سينمائي يحكي مسيرته مع quot;تشلسيquot; ومع quot;منتخب إنكلتراquot; بداية من مراحل الناشئين وصولاً إلى الحصول على شارة القيادة، ويرى quot;مورينيوquot; أن quot;تيريquot; يجسد مثلاً أعلى للشباب في وفائه لناديه ولمنتخب بلاده وفي قصة صعوده الرائعة.
-ستيفين جيرارد (عاشق عشاق الليفر) ... نعم هو كذلك تماماً وفقاً لتصريحاته التي قال فيها quot;أنا أعشق كل شخص من جماهير وعشاق ليفربول، وكل شخص يعشق الليفر هو فرد في عائلتي، ولم يكن لي أحلام منذ طفولتي إلا أن أكون يوما ما قائدا لفريق ليفربولquot; ... وعلى الرغم من إمكاناته الرائعة التي كانت دافعاً لعديد من الأندية أن تسعى للحصول على خدماته، وآخرها تلك العروض والإغراءات التي جاءت من أندية اسبانية مرموقة، ولكن quot;جيراردquot; ومعه عشاق quot;الليفرquot; لا يتخيلون قائدهم بعيداً عن عيونهم أو مدافعاً عن ألوان أخرى غير quot;الأحمرquot; ولكن ليس أي quot;أحمرquot; ... فقط quot;أحمر ليفربولquot; .
-باولو مالديني ( رمز الوفاء المطلق في الميلان) ... في صيف عام 1985 بدأ شاب صغير كان يبلغ من العمر 16 عاماً مسيرته مع quot;إيه سي ميلانquot; وها هو قد بلغ عدد مشاركاته مع الفريق الذي عشقه بالوراثة وعشقته جماهيره، بلغ عدد مشاركاته 598 مباراة، على مدار 21 عاماً، إنه quot;باولو مالدينيquot; الذي أصبح يجسد ما نستطيع أن نسميه quot;أسطورة الحب والوفاء للميلانquot; ولا مبالغة في هذا الأمر على الإطلاق، ومن المعروف أنه إبن quot;سيزار مالدينيquot; الذي لعب للميلان أيضاً في خمسينات وستينات القرن الماضي، وها هو نجل quot;باولو مالدينيquot; والذي يبلغ من العمر 10 سنوات، ويسمى quot;كريستيانquot; ها هو يستكمل المسيرة التاريخية للعائلة quot;المالدينيةquot; التي ارتبطت بالميلان، حيث يلعب quot;كريستيانquot; في صفوف فرق الناشئين في quot;الميلانquot; ....
-فرانشيسكو توتي (روما للأبد) ... الكابتن والملهم لنادي quot;روماquot; والذي يرفض بكل إصرار ومنذ سنوات أن يتخلى عن ناديه الذي أتعبته المشاكل المالية بالمقارنة بغيره من الكثير من الأندية الإيطالية والأوروبية التي كانت تتمنى أن يكون quot;توتيquot; في قوائمها، ولكن إبن الأكاديمية الكروية في النادي، والذي بدأ المسيرة معه منذ العام 1990 ، وهو العام الذي رفض فيه quot;توتيquot; وعائلته عرضاً مغرياً من quot;ايه سي ميلانquot; للإنتقال إلى صفوفه، منذ ذلك الحين وهو يدافع بكل ما أوتي من قوة عن ألوان quot;أيه إس روماquot; ليسجل معه قصة عشق تعد نموذجاً رائعاً من الناحية الإنسانية في عصر كروي أصبح أسيراً لصفقات الإنتقالات وأموال الرعاة ... -راؤول غونزاليس (الريال قبل المال) ... ربما لا يوجد أي ناد في أوروبا يأتيه نجوم ويرحل عنه نجوم من العيار الثقيل بمثل ما يأتي ويرحل النجوم عن quot;ريال مدريدquot;، ولكن معشوق الجماهير الإسبانية بكافة ميولها، والفتى المدلل لجماهير النادي الملكي quot;راؤول غونزاليسquot; يشكل استثناء من تلك القاعدة التي باتت واقعاً ملموساً في الريال، خاصة خلال السنوات الأخيرة ... راؤول والذي ارتبط بعلاقة خاصة مع quot;أتليتكو مدريدquot; منذ طفولته، أصبح يشكل رمزاً من رموز النادي الملكي، حيث حقق معه 4 بطولات للدوري الإسباني، و 3 ألقاب أوروبية، وغيرها من الإنجازات، كما أن جماهير النادي لا تتخيل أنه قد يرحل أو كان يفكر في لحظة ما في أن يرحل بعيداً عن quot;سنتياجو برنابيوquot; معقل quot;الريالquot; .... ليظل quot;راؤولquot; الهداف والرمز الكبير في الجيل الحالي متمسكاً بالبقاء في صفوف النادي الملكي حتى تأتي اللحظة التي يعلن فيها التوقف عن تسجيل المزيد من الأهداف ...
هؤلاء النجوم الذين تناولهم هذا التقرير لا يشكلون سوى عدد قليل من بين الكثير من نجوم كرة القدم حول العالم، وربما في عالمنا العربي نجد لهذا النمط الرافض لآليات عصر الإحتراف مثيلاً ... حيث تظل القيم الإنسانية مثل الوفاء والإرتباط بالمكان والجماهير وغيرها من القيم الإنسانية قيد الحياة في عالم كرة القدم الذي أصبح أسيراً للعبارة الشهيرة والأكثر استخداماً في عصرنا الحالي ألا وهي عبارة (إنه عصر الإحتراف) .
التعليقات