هل انتهى عهد تشكيلة 3-5-2 لمصلحة 4-3-3
إيلاف تقرأ في تشكيلات و أساليب لعب كرة القدم

روميو روفائيل من لندن : بعض التشكيلات في أساليب لعبة كرة القدم يأتي ويذهب، يتعاظم ويضعف، يدخل بقوة إلى نمط اللعب ويخرج منه، أما بعضها الآخر فيختفي. فلا يوجد نادٍ يحلم هذه الأيام

فريق نابولي الايطالي صعد بفضل طريقة 3-5-2
طريقة 2-3-5، وكما يبدو أن أسلوب 3-5-2 متجه إلى الطريق ذاته، وهناك أسباب وجيهة لذلك. ولكن علاوة على ذلك، فإن نابولي قفز إلى المركز الثاني في دوري الدرجة الأولى الايطالي باستخدامه هذه الطريقة. ربما، مثل كارلوس بيلاردو (مدرب منتخب الأرجنتين بين 1983 و1990) العائد إلى دائرة الضوء كجزء من الجهاز الفني الارجنتيني لمساعدة مدرب المنتخب الوطني الجديد دييغو مارادونا، التكتيكات التي وضعها في وقت سابق من المحتمل أن تعود مرة أخرى إلى الواجهة.

ولادة 3-5-2

بعد أن كان بيلاردو جزءاً من قساوة وواقعية المدرب أوزفالدو زيبيلاديا في نادي استوديانيس، النظام الذي كان يسيّر أي مدرب، فإن وضعه في مسؤولية تدريب منتخب الأرجنتين، الذي شاهد بروز واحداً من أكبر المواهب الفردية في أي وقت مضى وهو دييغو مارادونا الذي جعله رئيساً للمنتخب، حاول اكتشاف أسلوب جديد في اللعب من حوله ليلاءمه.
بدأ لاعبو الأجنحة في التقلص ليصبحوا بعد ذلك لاعبي خط الوسط. وقد برر بيلاردو هذه الطريقة. إذاً ما هي أهمية جناحي خط الدفاع؟ اللذين كانا بدآ يدعمان بازدياد كبير ومنذ وقت مبكر من خميسنات القرن الماضي وفي أيام الاسطورة البرازيلي نيلتون سانتوس (مدافع متقدم لمنتخب البرازيل بين عامي 1945 و1968 وشارك في 75 مباراة دولية مسجلاً 3 أهداف)، إذاً وبكل بساطة لماذا لم يتم تسميتهما بلاعبي خط الوسط؟

وكان اليأس هو الذي دفع بيلاردو لتجربة هذا الأسلوب في جولته في أوروبا عام 1986 بعدما كان قد فاز في ثلاث مباريات فقط من مجموع أول 15 مباراة له مسؤولاً عن منتخب الأرجنتين، ومن الطبيعي كان موقفه تحت التهديد بالإقالة، وكانت سمعته منخفضة جداً، خصوصاً بعد أن أعلن عن تشكيلة المنتخب لمواجهة سويسرا في بداية هذه الجولة حتى أن الصحافيين افترضوا أنه ارتكب خطأ، ولكن بيلاردو عقب على ذلك بقوله: quot;قالوا لي انني مخطئ وانني ذاهب إلى استخدام 3 مدافعين، ولكنني أخبرتهم بأنني لست مرتبكاً وانني فعلاً سأستخدم 3 مدافعين و5 لاعبين في الوسط ومهاجمين اثنين. لقد تدربنا على هذه الخطة لمدة سنتين، والآن أضعها موضع التنفيذ على أرض الواقع في المباريات الصعبةquot;.
فازت الأرجنتين في هذه الجولة على سويسرا 2- صفر وكذلك على بلجيكا بالنتيجة ذاتها وعلى المانيا الغربية 3-1. ولكن بيلاردو تراجع عن أسلوب 3-5-2، ربما لتشكيل درع بعد أن علم أن مدربين لمنتخبات وطنية أخرى تجسسوا على هذا الاسلوب، أو ربما لم تكن لديه خطة جيدة لكنه كان يغير أسلوبه باستمرار حتى وصل الأمر إلى مقابلة منتخب انكلترا في ربع النهائي في كأس العالم بعد عامين من هذه الجولة. إذ لم يشارك في هذه المباراة دفاع الوسط بيدرو باسكيولي على رغم تسجيله هدفاً في مرمى أورغواي في المرحلة السابقة من هذه البطولة. وبدلاً من ذلك، وضع هيكتور أنريكي في الوسط لمساعدة خورخي بوروتشانما وسيرجيو باتيستا، إذ برر بيلاردو ذلك بأنه لا يمكن مواجهة منتخب انكلترا بمهاجم واحد quot;لأنهم سيلتهمونهquot;، حسب قوله، ولذلك وضع انريكي في الوسط ليتقدم لاعب من خط الوسط لمساعدة مارادونا ودعمه. وبعبارة أخرى أصبح هناك مهاجماً ثانياً، لذا فالطريقة تحولت من 4-3-1-2 إلى 3-5-2 (أو ربما على نحو أدق إلى 3-5-1-1).

كيف انتشرت الفكرة

كرة القدم الأوروبية كانت متجهة إلى نقطة مماثلة. أسلوب quot;كتاناشيوquot; (مزلاج الباب هو نظام تكتيكي ايطالي يتم التركيز على الدفاع. مما يعني وجود درجة عالية من التنظيم وفعالية الدفاع التي ترمي إلى منع دخول الأهداف)،. أظهر مركزي قلب الدفاع وظهير الأيمن يشبث في منطقته وظهير أيسر يتقدم إلى الأمام مع عودة لاعب خط الوسط إلى الخلف لمساعدة خط الدفاع عند الضرورة. ولكن المانيا وجدت طريقة 1-3-3-1-2 منذ نهائيات كأس العالم في 1974 وفي الكثير من الأحيان كانت تستعمل مهاجم حر و/أو خط دفاع كامل. وفي عام 1984 بدأ مدرب منتخب المانيا فرانز بكنباور بدفع أحد لاعبي خط الوسط إلى الأمام، وهذا كان متوقفاً على أسلوب لعب الفريق الخصم، لذا عند حلول وقت نهائيات كأس العالم كانت المانيا تستعمل طريقة المهاجم الحر بشكل فعال ولاعبين في خط الوسط ومدافعين على جناحي الملعب، الذين يتوقع لهما أن يتقدما لمساعدة خط الوسط، ولاعبين في الوسط مع صانع ألعاب ومهاجمين، الطريقة التي أصبحت معروفة بأنها 3-4-1-2 وهي قريبة جداً من 3-5-2.
وقد انتشر هذا الأسلوب، وفاز 3-5-2، ولكن بطريقة مختلفة قليلاً، بكأس العالم عام 1990 (المانيا الغربية) وفي 1994 (البرازيل) وكأس الأمم الأوروبية لعام 1996 (المانيا). وحتى انكلترا، معقل نظام 4-4-2، قد استخدمت هذه الطريقة خلال تسعينات القرن الماضي. ولكن لحد الآن ndash; خارج البرازيل ودول البلقان ndash; لم يستعمل أحد نظام 3-5-2 على أكمل وجه. فلم يستعمل هذه الطريقة أي منتخب في نهائيات كأس الأمم الأوروبية لعام 2008، ولا أي نادٍ الذي وصل إلى مرحلة الـ16 في نهائي دوري الأبطال للأندية الأوروبية، ولا أي نادٍ في دوري الممتاز الانكليزي (بل إن بورتسموث جربه على نطاق ضيق).

لماذا تخلت الأندية عن 3-5-2

يعتقد رئيس لجنة دراسة التدريب في جامعة ساو باولو خوسيه البرتو كورتيس بأن المسألة تتعلق بجسم الرياضي، إذ يقول: quot;مع وتيرة اللعبة الحديثة، فمن المستحيل لجناحي الدفاع أن يؤديا واجبهما

صورة توضيحية لتشكيلة 3-5-2
الطريقة نفسها، لأنهما يجب أن يكونا أكثر سرعة ولياقة بدنية من اللاعبين الآخرين على أرض الملعبquot;. أما محللون آخرون فيدركون أن صرف النظر عن وجود 3 مدافعين هي نتيجة تجسيد لاعبين مهرة لدعم لاعبو خط الوسط. فتشكيلة بيلاردو الغريبة تحتوي على quot;بذورquot; التعطيل الخاصة بها. فإذا لم يكن باستطاعة مدرب استعمال صانع الألعاب كلاعب خط وسط ولكن على أساس مهاجم ثانٍ، فإنه سيتراجع إلى الوراء تاركاً مهاجم وسط واحد. المحاولات الحديثة تحاول استخدام اللاعبين المبدعين على جناحي الملعب في 4-2-3-1 أو في 4-3-3 بالتساوي مع مهاجم وسط واحد.
وهنا ينبغي التوضيح بأن الطريقة الحديثة 4-3-3، وربما على وجه الدقة 4-1-2-3 تختلف اختلافاُ كبيراً عن عرض 3-3-4 البرازيلية في عام 1962، التي كانت شائعة نسبياً في بريطانيا في سبعينات ومطلع ثمانينات القرن الماضي، وكان الشائع في هذا النظام وجود لاعبين في الهجوم وجناح واحد، فقد كان هذا النظام في الواقع منكفئاً عن 4-4-2 حيث لاعب خط الوسط يكون متقدماً أكثر عن زميله.
أما مخطط بيلاردو فكان: اثنين من اللاعبين يراقبون مهاجمي الوسط للفريق المنافس، مع لاعب آخر متأخر خلفهما. وإذا كان هناك مجالاً لمراقبة مهاجم وسط واحد، فإنه سيترك لاعبين زائدين، أحدهما يوفر التغطية والآخر لا عمل له، ذلك يعني نقصاً في مكان آخر على أرض الملعب. وأوضح ذلك في وقت سابق مدافع فالنسيا ميروسلاف ديوكيتش الذي أصبح مدرباً لبراتيزان بلغراد في عام 2007 بقوله: quot;ليست هناك جدوى من وجود 3 مدافعين يراقبون مهاجماً واحداً!quot;.

النهج التحليلي


وضع المدرب البرازيلي المحنك والخبير الذي تولى رئاسة كورينشيانز في عام 2007 نيلسينيو باتيستا برنامج لاكتشاف نقاط الضعف في نظام واحد عندما يقابل الآخر، فتخيل مثلاً أن الفريق (أ) يلعب بطريقة 3-5-2 ضد فريق (ب) الذي يلعب بطريقة 4-5-1 الذي يتحول تدريجياً إلى 4-3-3. فالجناحين المتأخرين للفريق (أ) يجب أن يتعاملا مع الجناحين في الفريق (ب)، وهذا يعني أن (أ) سيستعمل 5 لاعبين في خط الوسط للتعامل مع 3 مهاجمين. فريق (أ) يملك 3 لاعبين في الوسط ضد 3 من (ب)، إذاً الميزة المعتادة لـ3-5-2 قد خسرت أمام 4-4-2، في حين لا يزال هناك مهاجمين اثنين ضد اربعة مدافعين، إذ أن المدافعين الزائدين سيكونان هما جناحي خط الدفاع، يمكن لأحدهما أن يندفع إلى مركز خط الوسط لخلق لاعب اضافي هناك، في حين لا يزال هناك 3 مدافعين ضد مهاجمين اثنين. لذلك فإن الفريق (ب) يمكنه السيطرة على المراكز وحيازة على عرض أكبر في الملعب أيضاً.
وبالطبع فيمكن لواحد من مدافعي وسط فريق (أ) أن يتقدم إلى خط الوسط، ولكن إذا أراد المدرب أن يفعل ذلك، فمن المؤكد عليه أن يستخدم أفضل لاعب خط الوسط مدافعاً في هذا الدور (الدفاع على الجناحين كثيراً من يستعملها المدرب للتقدم إلى الأمام من قلب الدفاع، لذلك من الطبيعي أن يستعملا عنصراً مساعداً للاعبي خط الوسط)، والذي هو بالضبط ما يفعله تشلسي مع ميكيل جون اوبي وشاختار دونيتسك الأوكراني مع ماريوز لواندويسكي، لاعب وسط يمسك الكرة ويسمح للمدافع على أحد الجناحين باطلاق العنان إلى الأمام.

وضعه موضع التنفيذ

مثالاً عملياً قدم في نهائيات كأس الأمم الافريقية لعام 2008. فازت مصر بالبطولة بطريقة 3-4-1-2، ولكن يمكن تفسير ذلك بأن خطة 4-4-2 لا تزال تهيمن على التفكير التكتيكي في افريقيا.

صورة توضيحية لتشكيلة 4-3-3
في الواقع، في عام 2008، وبغض النظر عن مصر ndash; وأحياناً الكاميرون ndash; غينيا والمغرب استخدمتا 4-2-3-1 ولكنهما لم يضعا أي شكل من أشكال 4-4-2. في مباراتها الافتتاحية سحقت مصر الكاميرون 4-2، النتيجة التي أبهرت حتى منافسي مصر والتي أضافت بعد ذلك 10 أهداف أخرى في مرمى السودان وزامبيا وانغولا وساحل العاج، قبل لقاء آخر مع الكاميرون في النهائي.
في اللقاء الأول بين البلدين أختار مدرب الكاميرون أوتو بفيستر طريقة 4-4-2، أما في النهائي فقد استعمل 4-2-3-1، ولذلك للمرة الأولى في البطولة جاهدت مصر للانطلاق، وظهر قلب دفاعها وائل جمعة قلقاً ومرتبكاً ومتخبطاً للتقدم إلى خط الوسط. وعلى رغم أن مصر سيطرت على ضبط النفس، إلا أنها فازت على منتخب محدود الامكانية فقط بسبب خطأ فردي رهيب من ريغوبرت سونغ.

بوادر الانتعاش
بالعودة إلى نابولي، وإذا كانت خطة 3-5-2 متوعكة، فكيف يمكن حساب نجاح النادي الايطالي؟ الجواب في الواقع هو أنهم سعداء جداً لأن لديهم لاعبين متحررين. نابولي ليس فريقاً الذي يحتاج إلى أخذ زمام المبادرة إلى منطقة النادي المنافس، بل كثيراً ما يتراجع إلى العمق ويدعو الفريق المنافس إلى التقدم ثم يندفع بسرعة، مستخدماً سرعة أزوكويل لافينزي، ومع وجود لاعب اضافي في المؤخرة يجعلهما من السهولة تمرير الكرة إلى المهاجم، ومدربه ايدي ريا على استعداد للتضحية بمركز مهاجم لحيازة منطقة دفاع اضافية آمنة.

وهذه الطريقة قد لا تنجح مع كل الأندية ndash; وعلى الأرجح مع الأندية الكبرى التي تشعر بأخذ عبء اللعبة على عاتقها ndash; ولكن نجحت في نابولي وأضاءت حقيقة عالمية عن التكتيكات: لا يوجد صواب أو خطأ، فقط بدع وأنماط، والنظم هي صحية لنادي معين في أوقات معينة.

إذاً هل تموت خطة 3-5-2؟ الجواب كلا. ولكن الاتجاه نحو استعمال مهاجم واحد في الوسط قد يعرض إلى قصور خطرة.

فرحة لاعبي مصر بعد الفوز في كاس افريقيا بطريقة 4-2-2