سياسي مهم
طلال الحمود

طلال الحمود
عقب تأهل المنتخب المصري إلى المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، اتصل شخص مجهول على برنامج laquo;البيت بيتكraquo;، الذي تعرضه القناة الفضائية المصرية، منتحلاً شخصية أحد السياسيين laquo;المهمينraquo; في الحكومة السعودية، ودار حوار بينه وبين مقدم البرنامج تامر أمين وضيف البرنامج المطرب اللبناني سامو زين، عن كيف أن ذلك السياسي ترك مهامه وتفرغ لمشاهدة مباراة المنتخب المصري ضد نظيره العاجي في الدور نصف النهائي، وكيف أن بطولة أمم أفريقيا أصبحت شغله الشاغل بعيداً عن أداء مهامه الرسمية في الدولة!

وأثناء مداخلة المتصل الذي كان يتحدث بلهجة كويتية، وبطريقة لا توحي بأنه مسؤول حكومي أو حتى مواطن سعودي، نذر ذلك الشخص بتقديم مبلغ 50 ألف يورو لكل لاعب مصري في حال فاز منتخب الفراعنة بكأس أفريقيا، وسط ترحيب من مقدم البرنامج، الذي ردد طويلاً عبارات على نحو: laquo;نشكر سمو الأمير... هذه مبادرة كريمة وغير مستغربة من سمو الأميرraquo;، وغير ذلك من التفاعل الذي جعلني أشكك في مهنية القائمين على تلك القناة أو حتى قدرتهم على التعامل مع الاتصالات الواردة إلى غرفة الكنترول. والطريف أن بعض الصحف المصرية ومواقع الانترنت أشارت إلى تبرع تلك الشخصية المهمة تكريماً للمنتخب المصري!

انتهت المكالمة وفي آخرها ظهر على مقدم البرنامج الحرج بعدما داخله شعور بأن المتصل بدأ laquo;يخورraquo; بكلمات كشفت أنه شخص مجهول انتحل شخصية سياسي مهم في حكومة شقيقة، ولم يترك ذلك المذيع لنفسه أو قناته خطاً للرجعة، بعدما ظهرت عبارة laquo;اتصال من صاحب السمو الملكي الأمير...raquo; طوال فترة المكالمة التي استمرت نحو خمس دقائق، ما جعل تامر أمين ينهي المكالمة بتقديم الشكر للأمير على مكرمته ومن دون الاعتذار لمشاهدي القناة أو للشخصية التي تم انتحالها.

ومع أن العرف في القنوات التلفزيونية أو الإذاعية يقتضي التحقق من شخصية المتصل في حال ادعى أنه شخصية عامة، إلا أن ما حدث لا يمت بصلة لذلك العرف، خصوصاً أنه من laquo;المستحيلraquo; أن يبادر مسؤول بأهمية تلك الشخصية السياسية بالاتصال ببرنامج يستضيف laquo;سامو زينraquo; للتحدث عن إعجابه بالمنتخب المصري، علماً بأن ذلك المسؤول لم يُعرف عنه سابقاً الاهتمام بمتابعة كرة القدم أو التحدث عن شؤونها.

ما حدث أعتقد أنه امتداد للتخبط الذي عرفه الإعلام الرياضي في مصر طوال البطولة الأفريقية، بفعل laquo;بعضraquo; منسوبيه، خصوصاً أن هناك من كان يحارب المدرب حسن شحاتة داخل معمعة المنافسة القارية، أملاً بأن تخسر مصر اللقب ويُبعد المدرب من منصبه، والمصيبة أن بعض القائمين على القنوات المصرية الرسمية فتحوا لهؤلاء المجال لممارسة التجاوزات من دون رقيب أو حسيب، وفي ذلك عدم مهنية وارتجالية لا تمت للعمل الاحترافي بصلة، وتلك مصيبة بحد ذاتها!

* نقلاً عن صحيفة quot;الحياةquot; اللندنية