في مواجهة هي الثانية التي يلتقي فيها المنتخبان خارج قواعدهما خلال شهرين، بعد المواجهة الأولى التي أقيمت بين المنتخبين المصري والجزائري في أم درمان بالسودان نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في فاصلة كأس العالم الشهيرة، التي حسمها الخُضر لصالحهم بهدف نظيف، يلتقي مساء يوم غد الخميس المنتخبان الشقيقان في الدور قبل النهائي لبطولة كأس الأمم الإفريقية المقامة حاليًّا في أنغولا، في سيناريو لم يكن يتوقع حدوثه كثيرون، أو بالأحرى لم يكونوا يتمنونه، نظرًا للجرح الغائر الذي تركته الفاصلة المونديالية في صُلب العلاقات بين الجانبين عقب الأحداث المؤسفة التي وقعت قبل وبعد مباراة القاهرة ومن ثم مباراة السودان.
أشرف أبوجلالة من القاهرة : وسط محاولات تهدئة تقودها جهات عليا في كلا الدولتين بغية الخروج بالمباراة إلى بر الأمان، تمثلت في تلك التصريحات التي تناقلتها يوم أمس وسائل إعلام عديدة عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير حسام زكى، وقال فيها إن اتصالاً هاتفيًّا قد جرى يوم الثلاثاء بين أحمد أبو الغيط وزير الخارجية ونظيره الجزائري مراد مدلسي، أكدا خلاله على أهمية التعامل الحكيم مع المباراة التي ستقام بين منتخبي البلدين يوم غد الخميس في نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية، خرجت بعض الأصوات لتحذر من تداعيات وردود فعل طائشة قد تقوم بها قلة غير واعية وغير مسؤولة وتلحق الضرر ببعض المصالح المصرية في الجزائر. وهنا، يقول دكتور محمود محمد حسين، أمين الاستثمار في بنك الاستثمار العربي، في اتصال هاتفي له مع quot;إيلافquot; إن المباراة قد تتسبب في وقوع أزمة ثانية أكبر من الأولى.
ويتابع بقوله :quot; يمكنني القول إن الأمر عبارة عن أزمة سياسية في المقام الأول قد تنعكس على الأوضاع الإقتصادية. وأتصور أن المباراة قد تسفر عن بعض الآثار السلبية على استثمارات شركة أوراسكوم هناك.
ومع هذا، أعاود لأقول إن الأوضاع قد تتغير، إذا ما تم احتواء الأمور ومعالجتها بالصورة الصحيحةquot;. هذا وقد أعلنت شركة أوراسكوم تيليكوم القابضة من جانبها قبل بضعة أيام أنها حصلت على موافقة أغلبية مقرضي الديون المضمونة على الاستثناء المقترح الذي يتعلق بالمطالبة الضريبية بالجزائر بموجب اتفاقية القرض البالغ قيمته 2.5 مليار دولار.
وأضافت الشركة أن هذا الاستثناء الذي تم الحصول عليه بالمطالبة الضريبية بالجزائر ضد أوراسكوم تيليكوم الجزائر عن الأعوام 2004 و 2005 و 2006 و2007 .
محاولات للتهدئة
بالتزامن مع الأخبار التي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام مساء يوم أمس وتحدثت عن وجود جهود دبلوماسية رفيعة المستوى وتنسيق يتم على أعلى المستويات بكلتا الدولتين من أجل الخروج بالمباراة في إطار من الأخوية والروح الرياضية، كان هناك جهد إعلامي يبذله عدد من الإعلاميين وأقطاب التقديم الرياضي في مصر كبادرة لإظهار حسن النوايا أمام الوطن العربي بأسره، وتوصيل رسالة مودة وأخوة للشعب الجزائري بأن مباراة الفريقين مجرد مباراة في كرة القدم، ليس أكثر أو أقل. وهو ما تزامن كذلك مع التصريحات الرزينة التي أدلى بها معظم أفراد الجهاز الفني للمنتخب المصري من مقر معسكرهم بمدينة بنغيلا، والتي أجمعوا فيها على أنها مجرد تنافس رياضي بين فريقين يسعى كل منهما لاجتيازه بكل روح رياضية. مع استبعادهم لاحتمالية تكرار ما حدث في أم درمان مرة أخرى في بنغيلا.
ترتيبات أمنية
على صعيد آخر، وتحسّبًا لإمكانية حدوث أي سيناريوهات قد لا يتم التنبه لها أو لا تؤخذفي الاعتبار قبل أو بعد اللقاء، أكد شريف ربيع الملحق الدبلوماسي للقنصل المصري في أنجولا أن هناك زيادة تأمينية لبعثة المنتخب المصري بصورة كبيرة، مشيرًا إلى طلب السفارة المصرية بمنح البعثة المصرية الاهتمام الزائد وهو ما استجاب إليه الجانب الانجولي في الحال. وأضاف في مداخلة تلفزيونية إن الأمور تسير إلى الآن بصورة هادئة في مدينة بنغيلا قبيل المواجهة التي ستجمع يوم غد بالمنتخبين المصري والجزائري.
سفر الجمهور المصري
وفي ما يتعلق بالترتيبات الخاصة بسفر مشجعين مصريين إلى بنغيلا لمؤازرة منتخب بلادها، أكد المهندس هاني أبو ريدة، نائب رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، أن هناك تنسيقًا في هذا الشأن مع المهندس حسن صقر، رئيس المجلس القومي للرياضة، وينتظر أن تتوافد رحلات تقل أعدادًا من المشجعين المصريين. وأوضح أمين الشباب بالحزب الوطني، محمد هيبة، في تصريحات صحافية أنه يجري الآن حجز رحلات الطيران للمشجعين المصريين، مضيفًا أن وزارة الخارجية المصرية فتحت قنوات اتصال مع نظيرتها الأنغولية من أجل تسهيل دخول الجماهير المصرية قبل مباراة الغد. وأشار إلى أن عدد الجماهير المصرية سيتراوح بين 1000 إلى 2000 مشجع سيتم اختيارهم من روابط مشجعي الفرق المصرية في الدوري من جميع أنحاء الجمهورية. كما يُنتظر أن يتضح خلال الساعات القليلة المقبلة موقف السفارة الأنغولية في القاهرة من منحها التأشيرات لأعداد متزايدة من الجماهير التي أبدت رغبتها في السفر إلى بنغيلا ضمن الرحلات التي ينظمها إتحاد الكرة بجانب 4 شركات سياحة أعلنت استعداداها لتنظيم رحلات بأسعار رمزية.
آخر تحضيرات المنتخب المصري
عقب انتهاء اللقاء الماراثوني الذي جمع الفريق بنظيره الكاميروني في دور الثمانية، قرر الجهاز الفني بقيادة المعلم حسن شحاته منح اللاعبين فترة من الراحة والاستجمام على أحد الشواطئ الأنغولية المطلة على مياه المحيط الأطلنطي من أجل فك العضلات والخروج من جو الشد العصبي، ولدى عودتهم إلى الفندق، بدأ الفريق معسكرًا مغلقًا بعيدًا من كافة وسائل الإعلام. وينتظر أن يبدأ اليوم الجهاز الفني تطبيق سلسلة من الخطط التكتيكية في كافة الخطوط، والتركيز كذلك على بعض التكتيكات والجمل التي سيتم الاتفاق عليها في التغطيات الدفاعية، وطرق ضرب التكتلات المتوقعة من جانب المنتخب الجزائري، والاستحواذ على الكرة وسط الملعب. وبحسب ما أكده الكابتن حسن شحاته لمجموعة من الصحافيين المرافقين لبعثة المنتخب الوطني في بنغيلا، فإنه سيبدأ مباراة الجزائر الحاسمة على الأرجح بنفس التشكيل الذي بدأ به لقاء الكاميرون الأخير، مع احتمالات الدفع بحسام غالي من البداية، في حالة شعور حسني عبد ربه بحالة من الإرهاق، وربما الدفع كذلك باللاعب محمد ناجي الشهير بـ quot;جدوquot; من أول اللقاء أو مع مطلع الشوط الثاني.
آراء الجماهير
في الوقت الذي جاء فيه التحرك السياسي في مصر على هذا النحو، تناسقت معه إلى حد بعيد آراء الجماهير التي التقتها quot;إيلافquot;، حيث أعربت أغلبيتهم عن تمنياتهم بأن تخرج المباراة نظيفة بعيدًا من أي شيء قد يعكر صفوها، وألا يتكرر ما حدث في أم درمان مرة أخرى، وإن طالبوا لاعبيهم بأن يبذلوا قصارى الجهد من أجل تعويض ما فاتهم في المشوار المونديالي، وإعادة البسمة على شفاههم من جديد، من خلال اللقب القاري.
التعليقات