احتفل بيليه بعيد ميلاده السبعين، فيما احتفل مارادونا بعيد ميلاده الخمسين ، وبما أنهما أعظم لاعبين في كرة القدم في كل العصور، لذا يبدو من الأنصاف أن نتمنى لهما عيد ميلاد سعيد.

في الوقت الذي احتفل بيليه يوم السبت الماضيبعيد ميلاده السبعين، فإن دييغو مارادونا سيبلغ الخمسين اليوم السبت، وبما انهما فازا بينهما بأربعة من نهائيات كأس العالم الـ14 الأخيرة وشاركا في أربعة أخرى، فإنهما لم يساعدا خلال ذلك الوقت في إعادة تعريف حدود رياضتهما فقط، بل أصبحا جزءاً من حياة الجماهير الكروية.

أبهر اديسون ارانتيس دوناسيمنتو (بيليه)، المولود في تريس كوراكوس في ولاية ميناس جيريس، العالم للمرة الأولى عندما ساعد البرازيل في الفوز بأول لقب لكأس العالم في 1958 وكان عمره 17 عاماً آنذاك. وتابع بعد ذلك في المساعدة للدفاع عن لقبه في 1962. ثم في 1970 قاد منتخب البرازيل العظيم بالفوز باللقب للمرة الثالثة في المكسيك.

وكان بيليه قوة طبيعية في ملاعب كرة القدم لما ملكه من وتيرة عنيفة والسلطة البدنية المخيفة واللمسات النهائية المثيرة والمقدرة على استعمال رأسه بقوة أكثر ما يمكن أن يفعله بعض اللاعبين بركلة الكرة. وسجل أكثر من 1000 هدف في حياته المهنية، في الغالب لناديه سانتوس، واعتزل اللعبة بعدما قضى عامان في نيويورك كوزموس الأميركي في منتصف سبعيات القرن الماضي.

والمرء ليس بحاجة إلى أن يكون على قيد الحياة عندما كان بيليه في قمة تألقه ليثّمن ويدرك تماماً تأثير quot;الملكquot; ndash; الذي سجل 77 هدفاً في 29 مباراة دولية ndash; على هذه اللعبة الجميلة.

وبنشأته في فقر مدقع في حي من الصفيح في ضواحي بوينس آيرس، فقد كان دييغو أرماندو مارادونا القصة الكلاسيكية للانتقال من الفقر إلى الثراء.

مثل بيليه، فإن لمسات مارادونا عبقرية ظهرت بوضوح أيام مراهقته، ما دفعته بالمشاركة للمرة الأولى مع منتخب الأرجنتين وهو في الـ16 عاماً، مسجلاً 34 هدفاً في 19 مباراة لبلده المتحمس له جداً.

وعلى عكس بيليه، كثيراً ما كان يشوب حياة مارادونا المهنية الجدل. فلكل هدف مثير يسجله كانت تقابله فضيحة ما، مثل هدف التقدم الذي سجله بيده في مرمى انكلترا في الدور الربع النهائي لنهائيات كأس العالم 1986، الذي مازال الانكليز يتحدثون عنه، ولكن بعد أربع دقائق فقط من تسجيله هذا الهدف، شق طريقه بإعجوبة من بين خط وسط منتخب انكلترا ودفاعه ثم راوغ حارس المرمى ليسجل هدفاً ثانياً الذي يعتقد بعض المراقبين بأنه أعظم هدف شاهدته كرة القدم لحد الآن.

وبمفرده تقريباً استطاع مارادونا أن يفوز بكأس العالم في 1986، فضلاً عن لقبين لدوري الدرجة الأولى الايطالي مع نابولي غير المتألق آنذاك. وسيطرته على الكرة مثيرة للإعجاب ومتحالفة مع تصميم المحارب ومع غطرسته الرائعة أمام المرمى جعلته قريباً من اللاعب غير مطابق للمواصفات

ومن الطبيعي لا يمكن الحديث عن مارادونا من دون ذكر تعاطيه للمخدرات التي كادت تؤدي بحياته، أو كثرة الخلافات التي يبدو أنها تبعته في كل خطوة خطاها. وبرز ذلك خلال فترة تدريبه لمنتخب الأرجنتين التي انتهت بغضبه التقليدي بعد نهائيات كأس العالم التي اقيمت في جنوب افريقيا هذا العام، عندما أُذل فريقه من قبل المانيا في الدور ربع النهائي.

ولكن المراقبون يستغلون كل مناسبة لتكثيف النقاش حول من الذي هو حقاً أفضل لاعب كرة قدم في كل العصور؟

والحقيقة أن لكل شخص رأيه في هذا الموضوع، وهي المناظرة التي لم يتمكن حتى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) من التوصل إلى تسوية مقنعة لها.

في عام 2000، قرر الفيفا أن يكون التصويت للعثور على quot;أفضل لاعب في القرنquot;، الذي أخذ شكلاً استطلاعياً على الانترنت. وفاز مارادونا بشكل مريح. ما أدى إلى مخاوف بأن الاهتمام كان أكثر من مستخدمي الانترنت الأصغر سناً الذين شاهدوا منتخب الأرجنتين في حياتهم والذين كانوا قادرين على الادلاء بأصواتهم من تلك الأجيال الأكبر عمراً الذين تابعوا بيليه.

لذا قرر الفيفا الطلب من quot;عائلة كرة القدمquot; لإتخاذ القرار والتي كانت تتألف من عنصرين: حق الاقتراع للمشتركين في مجلة الاتحاد الفصلية، ولجنة تحكيم دولية خاصة بكرة القدم. وهنا فاز بيليه بأغلبية ساحقة. وعندما وصل الأمر إلى الجائزة الذهبية فقرر الفيفا مناصفتها بينهما، وأعلن أن بيليه ومارادونا هما أعظم لاعبين في كل الأوقات. ومباشرة قال النجم الأرجنتيني: quot;لقد فزت بصوت الجماهير أما بيليه فقد فاز بالرهانquot;. وانسحب من القاعة قبل أن يشاهد البرازيلي يستلم جائزته.

واستمر ما يسمى quot;النزاع بينهماquot; لسنوات عدة. ولكن هل كان عداء حقيقياً أم أنه لم يكن سوى أكثر من متعة ملفقة؟ إلا أن النزاع أصبح جدياً في عام 2000 عندما اتهم مارادونا الاسطورة البرازيلي بترك غارنيتشيا زميله السابق في المنتخب quot;يموت من البؤسquot;، والذي أجبر بيليه على التعليق بأن النجم الأرجنتيني quot;شخص مريضquot;.

ومع ذلك، عندما بدأ مارادونا مهنته الجديدة مضيفاً لبرنامج حواري في التلفزيون الأرجنتيني في عام 2005، كان بيليه ضيفاً في أول حلقة لهذا البرنامج. وكانت الدردشة بينهما ودية حتى شاركا الجمهور في بعض الحوارات. وهنأ بيليه مضيفه لتغلبه على إدمانه لمخدرات واصفاً أياه: quot;انت قدوة لأنك أنت المنتصرquot;.

وعندما طُرح السؤال عن من هو أفضل لاعب، أجاب مارادونا بعد تفكير: quot;امي تقول انني الأفضل ووالدة بيليه تؤكد أنه الأفضلquot;. ولكن يبدو أن هذه المسألة سيتم مناقشتها لزمن سحيق.

ونحن نحتفل بكل مراحل حياتهما، فإنه يبدو كأنه هذا هو الوقت المناسب للتأمل في ذكريات لا تصدق التي قدمها لنا بيليه ومارادونا على حد سواء. ولنسأل أنفسنا واحدة من الأسئلة المفضلة في كرة القدم: من هو حقاً أعظم لاعب كرة القدم على الاطلاق؟