تثير هيمنة القطاع العام في تونس ممثلا في القناة الرسمية (تونس 7)، على بثّ المادة الرياضيّة والمباريات المختلفة جدلا واستياء واسعين، خصوصا من طرف القنوات الخاصة التي ترى في حرمانها من بثّ مباريات رياضية مهمة، مؤامرة تستهدف إقصائها.


تونس: تبدو العلاقة الحالية بين مختلف القنوات الفضائية التونسية - رغم قلتها- فاترة إن لم نقل منعدمة بحكم الحرب الشرسة التي اندلعت شرارتها في بداية هذا الموسم بعد أن احتكرت القناة الحكومية quot;تونس7quot; حقوق البث التلفزيوني للمسابقات الرياضية المحلية ورفضت السماح للقنوات الخاصة الأخرى quot;نسمةquot; وquot;حنبعلquot; من تصوير أو تمرير أي لقطات رياضية وهو ما اغضب كثيرا القائمين على هذه القنوات الذين تحدثوا عن وجود quot;مؤامرةquot; حيكت بين الاتحاد التونسي لكرة القدم والقناة الحكومية لإقصاء البقية.

يؤكد قيس رقاز رئيس مصلحة الرياضة في قناة quot;نسمةquot; الفضائيّة لـ(إيلاف) أن القناة دخلت في المناقصة من أجل الفوز بحقوق بث مبارايات الدوري التونسي وكذلك مباريات المنتخب الوطني وأيضا مباريات مسابقة الكأس المحلية ورصدت مبلغا كبيرا لم يسبق وان تم رصده لمناسبة مماثلة، لكن القناة الحكومية فازت بحقوق البث جملة وتفصيلا بشكل مفاجئ.
ويقول رقاز إنه quot;انه كان يتوجب على الاتحاد التونسي لكرة القدم القيام بالتفويت في المسابقات الرياضية المحلية كل مسابقة على حدا مثلما يحدث في كل أصقاع العالم، لكن القائمين على الكرة كان لهم رأي مغايرquot;.

صورة مركبة لشعار القنوات الفضائية التونسية

ويضيف رقاز بان القناة حاولت بشتى السبل التحدث مع القناة المالكة لحقوق البث لكن وضعت شرطا لذلك مبلغا تعجيزيا فاق كل التوقعات، مشيرا إلى أن القناة الحكومية اشترطت مبلغ 7 مليون دينار تونسي للسماح للقناة بتصوير ثلاث دقائق من كل مباراة مثلما يفرضه القانون الداخلي، رغم أن الصفقة الجملية التي انتقلت بموجبها حقوق البث إلى القناة الحكومية التونسية لم يتجاوز 6 مليون دينار.

ويؤكد: quot; هذا أمر غير معقول وينم عن وجود مؤامرة لإقصاء قناة نسمة من دخول المشهد الرياضي في تونسquot;.
وكانت الجامعة التونسية لكرة القدم أنهت البت في نتائج طلب العروض المحلي لشراء حقوق بث مباريات كرة القدم لموسمي 2010-2011 و2011-2012.

وفشلت القنوات التلفزيونية الخاصة في الفوز بحقوق بث أي من المسابقات المملوكة للجامعة التونسية لكرة القدم بعد أن أرسى طلب العروض على مؤسسة التلفزة التونسية (قناتي تونس 7 وتونس 21) المملوكة للدولة.

واشترت القناة الحكومية مباريات الرابطة المحترفة الأولى والمنتخب الوطني بمبلغ 5.2 مليون دينار تونسي (قرابة 3.5 مليون دولار) والرابطة المحترفة الثانية وكأس تونس بمبلغ 1.9 مليون دينار.

ولم تدخل قناة حنبعل الخاصة، التي كانت تمتلك حقوق بث الرابطة الثانية وكأس تونس في الموسمين الماضيين، السباق أصلا وهو ما يؤكد ما يروج عن صعوبات مالية الكبرى تعيشها القناة التي يمتلكها رجل الاعمال العربي نصرة، منذ فترة.

أما قناة نسمة، المملوكة جزئيا لرئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني إلى جانب مستثمرين تونسيين، فلم تشارك إلاّ بالحزمة الأولى ولم تنجح في الفوز بها.

وكان الموسمان الماضيان عرفا جدلا كبيرا حول طريقة بيع حقوق البث وانتقدت الأندية التونسية بشدة ضعف المبالغ التي بيعت بها وطالبت بالترفيع في النسب المالية التي تستفيد منها الفرق المحترفة من البث التلفزيوني.

وفي نفس السياق أكد صالح القادري رئيس مصلحة الرياضة بقناة quot;حنبعلquot; أن القناة حاولت بشتى السبل إيجاد أرضية تفاهم مع القناة الحكومية المالكة لحقوق بث المسابقات المحلية التونسية لكنها وجدت صدا كبيرا بل أكثر من ذلك تم رفض كل المقترحات نهائيا وكأن قناة quot;حنبعلquot; ليست قناة تونسية مضيفا أن الاتحاد التونسي لكرة القدم بمعية قناة تونس7 الحكومية تآمرا سوية لإقصاء قناة quot;حنبعلquot; التي كانت سباقة لكشف العديد من الحقائق في الرياضة التونسية وهو ما اغضب على ما يبدو أعضاء الاتحاد التونسي، الذي قاطع القناة المذكورة بصفة رسمية ليتم حرمان quot;حنبعلquot; من دخول الملاعب بقرار نافذ المفعول، وهي المرة الأولى تقريبا منذ انبعاث القناة التي تتعرض فيها لمثل هذه المضايقات.

في المقابل يرى توفيق العبيدي رئيس مصلحة الرياضة بالتلفزة الحكومية التونسية أن كل القنوات بشقيها الخاص والعام دخلت المناقصة من أجل الفوز بحقوق البث التلفزي الذي آل قانونيا إلى قناة quot;تونس7quot; التي تقدمت بعرض مالي أكبر من الذي قدمته قناة quot;نسمةquot; في حين لم تدخل قناة quot;حنبعلquot; المناقصة من أصله وعليه فان القناة الحكومية هي صاحبة الحق في البث التلفزيوني للمادة الرياضية وهي مخولة قانونيا للتفويت في جانب منها أو لا.

ويضيف العبيدي أن القناة تدرس حاليا العرض الذي تقدمت به قناة نسمة وان كان يتلاءم مع سياسة القناة ويحمي حقوقها فيتم الاتفاق بين القناتين على صيغة جديدة يتم بموجبها السماح لقناة quot;نسمةquot; بالتصوير وتمرير لقطات من المسابقات المحلية ما عدى ذلك فان قناة quot;حنبعلquot; ليس لها الحق في ذلك بما أنها تغيبت عن دخول المناقصة من الأول.

من جانبه أكد الهادي الحوار عضو بالاتحاد التونسي لكرة القدم لـ(إيلاف) أن الاتحاد فوّت في حقوق البث التلفزيوني للمسابقات الرياضية إلى قناة quot;تونس7quot; بصفة قانونية وهي الهيكل الوحيد حاليا المخول من الناحية القانونية للتفاوض بشأن حقوق البث التلفزي.

ويرى بعض الملاحظين أن المنافسة بمفهومها الحقيقي لم تترسخ بعد في عقلية القائمين على القنوات التلفزية التي تبحث دوما عن التميز والزعامة من خلال سياسة الإقصاء والتي حرمت المشاهد التونسي من حرية الاختيار بما انه حوصر في زاوية معينة وفي طرح معين تقدمه القناة الحكومية quot;تونس7quot;.

يذكر أن رحلة المنتخب الوطني الأخيرة إلى بوتسوانا لم تتضمن أي وفد إعلامي باستثناء مبعوثي القناة الحكومية ومسابقة الكأس والدوري المحليتين تتولى تغطيتهما قناة quot;تونس7quot; لا غير، والبقية ممنوعون إلى حين إيجاد أرضية تفاهم بين مختلف الأطراف.