منذ أن تمت مكافأة جنوب افريقيا لإستضافة نهائيات كأس العالم لعام 2010، فإن القائمين على تنظيمها يؤكدون مرارًا وتكرارًا أنها كانت رغبة عموم افريقيا في إستضافة هذه البطولة، ولكن على صعيد التدريب، فإنهم في طريقهم للشعور بخيبة أمل، لأن الجزائري رابح سعدان هو الوحيد الذي سيتحمل المشقات مثل quot;قرحة الإبهامquot; في حزيران المقبل، كونه المدرب الموحيد لمنتخب افريقي من بين ستة منتخبات القارة المشاركة في هذه النهائيات.
روميو روفائيل من لندن :كان من المفروض أن يكون هناك مدربان اثنان على الأقل، يقودون تدريبالمنتخبات الأفريقية في مونديال 2010، إلا أن النيجيري شابيو أمادو أُجبر على ترك منصبه بعد نهائيات كأس الأمم الافريقية التي اقيمت في وقت سابق من هذا العام.
ويمكن القول بكل اطمئنان إن مدرب ساحل العاج الجديد لن يكون افريقيًا، بعدما تأكدت صباح الاثنين تكهنات بعض الصحف السويدية عندما أعلنت قبل أيام عديدة أنه تمت الموافقة على تعيين سفن غوران اريكسون.
وإذا تم النظر في تاريخ افريقيا في كأس العالم، ناهيك عن التقاليد، فينبغي على المراقبين الاستعداد لمثل هذا الواقع. إذ يقوم بتدريب 24 منتخبًا أفريقيًا من الفرق الـ34 التي تنافست على المشاركة في نهائيات كأس العالم في حزيران، مدربون أجانب.
وإذا كان لدى أحدهم الفضول في الدخول في التفاصيل، فإن تسعة منها كان يقودها فرنسيون، وخمسة من قبل مدربين يوغوسلافيي المولد وألمانيين وبرازيليين والبقية من اسكتلندا وهولندا وروسيا والسويد والقطب الفرنسي.
ومع عدم وجود أي مدرب افريقي في أي وقت مضى قاد منتخب بلاده إلى المرحلة الثانية من نهائيات كأس العالم، فيبدو أن المدربين الأجانب سيستمرون في ذلك النهج أيضًا، حتى لو حقق المدرب الجزائري ما هو غير متوقع منه ضد سلوفينيا وانكلترا والولايات المتحدة في المجموعة الثالثة.
فسعدان كاد أن يساعد في صنع التاريخ في بداية ثمانينات القرن الماضي. فالمدرب المتمرس الذي يبلغ الـ63 عامًا قاد الجزائر إلى آخر نهائيات له في العام 1968، وعمل مساعدًا لكل من محي الدين خليف ورشيد مخلوفي في 1982، عندما تلقى حلم المدربين الأفارقة ضربة قاضية سيئة السمعة في مباراة quot;عار خيخونquot; المعروفة التي جرت بين النمسا والمانيا الغربية عندما لعبا بطريقة غريبة، أدت إلى عدم تأهل قيادة الفريق التدريبي للبلد الأفريقي الجزائر للمرة الأولى، والمرة الوحيدة حتى الآن، من مرحلة المجموعات.
وسواء كان ذلك من شأنه أن يغير أي شيء، فهذه نقطة خلافية، خصوصًا أن المدربين المحليين يكافحون من أجل الاعتراف بهم منذ أن عرضت كرة القدم على افريقيا من قبل المبشرين والجنود الأوروبيين، وما شابه ذلك.
ويقول سيفان أوبغبامي الذي قاد نيجيريا للفوز بكأس الأمم الافريقية في عام 1980، وإن كان مساعدًا لمدرب برازيلي: quot;لم يكن المبشرون في نيجيريا مدربين أو لاعبين، ولكنهم أصبحوا خبراء لأنهم عرفوا اللعبة في انكلترا. لقد اعتمدنا عليهم، وفي وقت لاحق أصبح الأب سلاتري مدربًا لنيجيريا على الرغم من كونه كان حكمًا لدوري درجات أدنى في بلادهquot;.
ومع الوقت، وصل إلى افريقيا الكثير من المدربين المحترفين، واستطاع الاسكتلندي جيمس ماكريا، لاعب ويستهام ومانشستر يونايتد، أن يضبط نغمة افريقيا لنهائيات كأس العالم عندما قاد مصر، كأول دولة افريقيا، إلى نهائيات عام 1934. وبعدها اضطر المشجعين من الانتظار 44 عاماً لتأهل افريقيا إلى نهائيات كأس العالم أخرى عندما قاد عبدالمجيد الشتالي تونس إلى أول فوز لمنتخب افريقي في النهائيات بعدما هزم المكسيك 3-1.
وبينما سلمت اتحادات شمال افريقيا زمام التدريب لمواطنيها في أكثر من نصف الـ13 زيارة لنهائيات كأس العالم، إلا أن البلدان الواقعة في جنوب الصحراء أثبتت ترددها ومقاومتها بقوة. فلم يكن حتى العام 2002 عندما سافرت دول جنوب الصحراء الكبرى للمرة الأولى إلى نهائيات كأس العالم مع مدربين محليين عندما وصلت في آن واحد حافلتان يقود الأولى النيجيري فيستوس اديغبوي، والثانية جومو موسونو على رأس منتخب جنوب افريقيا.
وهذا لم يساعد القارة السمراء على الاطلاق، ففي حين أن البلدين قد تعثرا، فإن منتخب السنغال الصغير أصبح، بواسطة مرشده الفرنسي بورنو ميتسو، ثاني فريق افريقي يصل إلى الدور الربع النهائي في نهائيات كأس العالم. فقد قاد اللاعب الكاميروني روجيه ميلا منتخب بلاده للمرة الأولى في مونديال 1990 تحت قيادة المدرب الروسي غير المعروف فاليري نيبومنياشي. وحتى يومنا هذا لم يقد أسود الكاميرون أبداً إلى نهائيات كأس العالم أي مدرب محلي. هذا على الرغم من الفوز في الألعاب الأولمبية لعام 2000 بقيادة مدرب محلي، حينما استطاع جان بول أكونو توجيه فريقه في سيدني لتحقيق الانتصار على الجانب الاسباني الذي كان يتفاخر بلاعبين من أمثال تشابي وكارليس بويول وآخرون.
أما المدرب السابق لجنوب افريقيا ثروت مولوتو فيقول برثاء: quot;لقد فزنا باللقب العالمي في بطولات تحت سن الـ17 و20 و23 بإدارة مدرب محلي، ولم يعترف أحد بهذا الانجاز.
ووجود مدرب واحد في نهائيات جنوب افريقيا يدل على انعدام ثقة الناس بالمدربين المحليين، وأنها حقًا حال سلبيةquot;، خصوصًا عند الأخذ في الاعتبار أن خمسة من ست بطولات تحت الـ17 أو 20 سنة التي فازت بها افريقيا كان يقودها مدربون محليون (فقط اثنان منهم تم ترقيتهما لتدريب المنتخب الأساسي بدوام كامل)، في حين كانت مكافأة تيتيه سيلاس بعد قيادة منتخب غانا للفوز بكأس العالم تحت الـ20 سنة العام الماضي، هي تدريب منتخب رواندا. وهي وظيفة قد تكون جيدة تماماً، ولكنه كان يتوقع أكثر من ذلك.
وعلى الرغم من تحقيقه الأهداف المحددة له في تأهيلات نهائيات كأس العالم للعام 2010 والوصول إلى الدور نصف النهائي لكأس الأمم الافريقية، إلا أنه تمت إقالة أمادو لعدم الاقتناع بطبيعة أدائه. وحل محله رجلاً لم يدرب في افريقيا قط الذي لم يجتمع مع لاعبي المنتخب بعد والذي يتوقع منهم أن يتألقوا في هذه النهائيات، إلا إذا كان لارس لاجرباك قد خفض قبل خمسة أشهر خسائره أم أن الاتحاد النيجيري لكرة القدم فعل ذلك.
وبما أن لدى السويدي الخبرة الدولية وعلى مستويات عليا، فإنها هي التي يركض وراءها العديد من اتحادات الكرة الافريقية، ايمانًا منها بأن الابتكارات المتفوقة والتكتيكات والانضباط تقع خارج القارة (ناهيك عن تذكير المشجعين النيجيريين ببيرتي فوغتس). وما يقال كثيرًا أيضًا عن أنه ينظر إلى تقلب التأثيرات القبلية أو المشبوهة (مثل وضع اللاعبين في المنتخب الوطني وذلك بكل بساطة لتضخيم رسوم انتقالاتهم).
ففي الحقيقة هناك نقاط مهمة للمناقشة مع وجود العديد من السلبيات والايجابيات، فواحدة هي التي تستقطب الرأي العام، وأخرى التي ستكون موضع نقاش حاد في كل أنحاء القارة السمراء. ولكن النقطة الأهم هي أنه من المؤكد أن العديد من المدربين الافريقيين سيتابع مع الحسد قيادة الصربي ميلوفان رايفيتش لغانا وتعامل الفرنسي بول لوجوين، الذي قاد ليون للفوز بالدوري الفرنسي ثلاثة مرات متتالية، مع الكاميرون، وقيادة الدولة المضيفة، جنوب افريقيا، البرازيلي الفائز بكأس العالم في العام 1994 كارلوس البرتو باريرا.
وسبق لاتحاد الكرة في جنوب افريقيا أن وعد أنه سيقوم بعد نهاية بطولة كأس العالم مباشرة، بتعيين مدربًا محليًّا للمنتخب الوطني ndash; مع احتمال كبير بتعيين غافن هانت مدرب نادي سوبرسبورت يونايتد بهذا المنصب ndash; ولكن هذا سيحصل فقط بعد نهائيات كأس العالم بالطبع. إذ يؤكد ثروت مولوتو أن المسؤولين الأفارقة يعتقدون دائمًا بأن المدرب المحلي يكون جيداً فقط في كأس الأمم الافريقية وليس كأس العالم.
ومثل الكثير من اتحادات الكرة الافريقية، فإن اتحاد جنوب افريقيا يريد مدرباً ذو خبرة دولية ليقودهم في حزيران المقبل، ولكن هذه القضية هي مثل قضية البيضة والدجاجة الكلاسيكية، فكيف يمكن لمثل هؤلاء المدربين المحليين من الحصول على هذه الخبرة أو اظهار قابلياتهم عندما تتاح الفرصة لعدد قليل منهم (أو في الواقع الدعم الصحيح)؟. وأخيراً، هل قال أحدهم على الإطلاق إنه لم يفز أي بلد بكأس العالم مع مدرب مغترب؟!
التعليقات