قبل أكثر من سنة فقط ادعى بعض المراقبين على أن حكم السير اليكس فيرغسون في أولد ترافورد كان على وشك الانهيار، وأن امبراطوريته بدأت تتداعى تماماً مثل كل الامبراطوريات العظمى من أيام الرومان وما بعد ذلك التي انهارت في نهاية المطاف.

ولكن هؤلاء النقاد اندهشوا من حشو مانشستر يونايتد لقوته وتألقه للفوز بالدوري الممتاز في الموسم الماضي. إلا أن هذا كله كان يرجع، حسب ادعائهم، تقريباً إلى تألق لاعب واحد بصورة مميزة وهو كريستيانو رونالدو بمساعدة وتحريض من قبل الرائع كارلوس تيفيز. وخلال أسابيع قليلة من انتهاء الموسم الماضي فإنهما كانا قد رحلا عن النادي.

ومن ذلك الحين كثف واين روني جهوده لخرق دفاع الخصم واستطاع وحده أن يقي وقوع مانشستر يونايتد في حال من فوضى مخزية، فمن دون أهدافه الـ34 لكان استاد أولد ترافورد في حال تمرد الآن. وهناك ندرة واضحة من المواهب من الطراز العالمي في تشكيلة مانشستر يونايتد عندما لا يلعب روني. ولكن عروضه الرائعة خدمت فقط لإخفاء التسوس المتعفن في مخبأة السير اليكس.

وحسب ادعاء هؤلاء المراقبين الذين تابعوا مباراة الدربي مانشستر صباح يوم السبت الماضي، فإن أداء الشياطين الحمر كان دون المتوسط بشكل شامل على رغم تسجيل بول سكولز هدف المباراة الوحيد في الدقيقة الأخيرة من وقت بدل الضائع. فببساطة أن التشكيلة الحالية ليست جيدة بما فيه الكفاية للسيطرة على الدوري الممتاز مرة أخرى. فقد كان أداءه هذا الموسم الأضعف خلال الـ15 عاماً الماضية. وليس بمستوى برشلونة وريال مدريد أو انتر ميلان. ويخشى هؤلاء أن يكون المتهم الرئيسي في كل ذلك هو quot;الامبراطورquot; نفسه.

فقد سمح فيرغسون بذهاب رونالدو عندما كان النجم البرتغالي في ذروة سلطته المطلقة. وسمح أيضاً بذهاب تيفيز رافضاً دفع رسم الانتقال الذي يبدو الآن رخيصاً جداً نظراً إلى الأهداف الذكية التي يسجلها الأرجنتيني لمانشستر سيتي. وهو الذي اتجه إلى مايكل أوين كمهاجم بديل، في حين أن الجميع في كرة القدم كان يعرف أن سرعة المهاجم الدولي السابق قد تضاءلت، وأن ساقيه قد تلفا نظراً إلى الإصابة الطويلة المدى التي يعاني منها. وهو الذي دفع أكثر من 30 مليون جنيه استرليني لديميتار برباتوف، المهاجم الذي يجلس في المربع المواجه لمرمى الفريق الخصم لأسابيع عدة من دون أن يفعل شيئاً. وهو الذي سمح ضمنياً ببقاء معظم رسم انتقال رونالدو البالغ 80 مليون استرليني في خزانة مانشستر يونايتد، في حين أن منافسيه من الأندية الأوروبية الكبرى يشترون خدمات لاعبين كبار وموهوبين.

وسيحتج الرجعيين في أولد ترافورد على أن فيرغسون قد كسب الحق في اتخاذ قرار تركه للنادي فقط عندما يريد أن يعتزل. ولكن هؤلاء النقاد لا يوافقون على ذلك، لأنهم يعتقدون بأن امبراطوريته قد فقدت قوتها المطلقة.

فالحكم الامبراطوري قد أفشله في النهاية، ولا بد له أن يترك سيفه والسماح لشخص آخر على تولي القيادة. والمرشح الجلي للمركز الأكثر مطلوباً في كرة القدم البريطانية هو بالتأكيد البرتغالي جوزيه مورينيو. فهو 20 سنة أصغر من فيرغسون، وهو الفائز الطبيعي وقام بعمل رائع في انتر ميلان (كما فعل في أي نادٍ قام بتدريبه)، وهو يتوق بالعودة إلى الدوري الممتاز، وسيسترجع مانشستر يونايتد بوصول الامبراطور الجديد قوته إلى حيث كان يطلق عليه النادي الرقم الواحد في العالم.

وينصح هؤلاء النقاد مشجعي أولد ترافورد، الذين سيعبرون حتماً عن غضبهم كون المراقبين quot;النموذج الطبيعي لكره مانشستر يونايتدquot;، ببساطة: quot;إذا كنتم لا تستطيعون من الحصول عليه ، فإن مورينيو في نهاية المطاف قد يذهب إلى ليفربول. ولذا فإن كابوسكم الخاص سيتحول إلى حقيقةquot;.

إلا أن تلميح فيرغسون ببقاءه في أولد ترافورد لموسم آخر على الأقل كان مخيباً لآمال المدرب البرتغالي الذي كان يأمل بخلافته. فالمدير الفني لمانشستر يونايتد أكد حماسته لاستمرار في عمله بعد احتفاله على خط التماس يوم السبت الماضي عند تسجيل سكولز هدف المباراة الوحيد في مرمى مانشستر سيتي في الدقيقة الـ93 من المباراة، دافعاً ناديه للعودة إلى المنافسة على لقب الدوري مرة أخرى، خصوصاً بعد هزيمة تشلسي 1-2 أمام توتنهام بعد خمس ساعات من المباراة الأولى التي شهدت طرد كابتن البلوز جون تيري. وبفوز الشياطين الحمر فإنه أصبح متأخراً بنقطة واحدة عن المتصدر تشلسي، ولكل منهما ثلاث مباريات متبقية هذا الموسم.

وسبق أن أفادات تقارير بأن فيرغسون فكر في انهاء مسيرته في أولد ترافورد بعد خروج مانشستر يونايتد من دوري أبطال أوروبا. ولكن الاسكتلندي البالغ الـ68 عاماً يعتزم البقاء في منصبه على الأقل لمعرفة نتائج تجديد العقدين الجديدين لمدة سنة التي وافق عليهما في الأسبوع الماضي لسكولز وزميله المخضرم الويلزي رايان غيغز.

وصب كابتن مانشستر يونايتد السابق ستيف بروس، الذي يدرب ساندرلاند حالياً، جام غضبه على النقاد الذين طالبوا برحيل فيرغسون من أولد ترافورد نهاية هذا الموسم، مؤكداً أن مطالباتهم عقيمة وأن مديره الفني السابق سيبقى مرتبطاً بكرة القدم لفترة طويلة.

وكان فيرغسون يخشى من أن التحدي على لقب الدوري الممتاز قد انتهى قبل الفوز على مانشستر سيتي. وعندما سُئل عما إذا كان أعتقد بأن السباق على اللقب قد انتهى قبل أن يحرز سكولز هدف الفوز، فأجاب: quot;كان يبدو ذلك، فمن غير الفوز فإن الأمور بدت صعبة. ليس هناك أي شك اننا كنا نستحق الفوز بالمباراةquot;. يذكر أن هذه هي المرة الثالثة التي يسجل مانشستر يونايتد هدفاً في مرمى مانشستر سيتي في آخر لحظة من المباراة في هذا الموسم.

وقرار فيرغسون بالبقاء في أولد ترافورد كان نبأ سيئاً بالنسبة إلى مورينيو الذي كان يحب كثيراً أن يخلف الاسكتلندي العجوز وذلك عاجلاً أم آجلاً. وأي تحرك من جانب البرتغالي بعيداً عن انتر ميلان سيطلق شرارة الإثارة هذا الصيف الذي قد يشهد تغييرات في إدارة الأندية الأوروبية الكبرى، خصوصاً في انكلترا وايطاليا واسبانيا.

فالمدرب البرتغالي على رأس قائمة المطلوبين في ريال مدريد لخلافة مانويل بيلجيريني الذي قد تتم اقالته نهاية هذا الموسم. أما إذا قرر البقاء مع انترناسيونال والانتظار حتى يصبح منصب المدير الفني في مانشستر يونايتد متاحاً، فإن النادي الملكي الاسباني سيبذل قصارى جهده لجلب الايطالي فابيو كابيلو المدير الفني الحالي لمنتخب انكلترا إلى بيرنابيو.

ولم تظهر ملامح المدير الفني لليفربول رافائيل بينيتز على رادار ريال مدريد، ولكن طموحه بالتدريب في بيرنابيو قد يكلفه أي فرصة التي لديه للسيطرة على يوفنتوس. والأنباء من تورينو تؤكد أن النادي الايطالي قد تعب من الانتظار للحصول على جواب من بينيتز، لذا قرر الآن استهداف روبرتو مانشيني المدير الفني في مانشستر سيتي.

إلا أن مورينيو يصر دائماً على أنه سيحترم عقده الذي سينتهي بعد موسمين. ولكنه لا يخفي اطلاقاً طموحاته بالعودة إلى الدوري الممتاز الانكليزي. وبعدما رفض الذهاب إلى ايستلاند، فإنه مازال يريد وظيفة أولد ترافورد أكثر من أي شيء آخر.

ولكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان سيكون مستعداً للانتظار وأخذ فرصته في وراثة كرسي فيرغسون في استاد أولد ترافورد؟