يعتبر ليون في نظر الكثير من الفرنسيين على أنه كان أفضل نادٍ في بلدهم في العقد الماضي، خصوصاً بعد فوزه بلقب دوري الدرجة الأولى سبع مرات على التوالي بين عامي 2002 و2008. إلا أنه يعتبر أيضاً، حتى الآن، من الأندية التي قصرت في تحقيق أهم الانجازات، إذ أنه مع الفرصة السنوية السانحة لوضع الأندية الفرنسية لكرة القدم على الخريطة الأوروبية لمنحهم لقباً مناسباً، فإن أولمبيك ليون قد خرج من مرحلة خروج المغلوب الأولى لدوري أبطال أوروبا في المناسبات الثلاث الأخيرة. وقبل ذلك لم يصل إلى الدور الربع النهائي لمدة ثلاث سنوات متتالية، وكانت هذه هي أعلى مرحلة استطاع تحقيقها حتى الآن.

ومع ذلك، فإن المدرب الحالي كلود بويل استطاع أن يفعل أكثر من المدربين الذين سبقوه بول لو جوين وجيرار هولييه، وكلاهما معروفين لدى مشجعي كرة القدم البريطانية، إذ كان الأول مديراً فنياً في رينجرز والثاني في ليفربول، حيث قاد ليون خطوة أخرى إلى الأمام.

وما إذا يمكن أن يكون ليون أول فريق فرنسي يصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، منذ أن وصل موناكو المتواضع إلى هذه المرحلة في عام 2004 قبل أن يخسر 3- صفر أمام فريق بورتو المثير للإعجاب بقيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، سيبقى تحت المجهر، فإنه بالتأكيد لديه فرصة جيدة على رغم تأكيد مكاتب المراهنات عدم ترشيحه لفوز فريق المدرب بويل الذي عاد من المانيا بعد مواجهة بايرن ميونيخ في المحطة الأولى للدور قبل النهائي مساء الأربعاء الماضي.

ولكن بعد فوزه على ريال مدريد بطريقة مثيرة للإعجاب في الدور الـ16، وبعد ذلك كان محظوظاً في القرعة، حيث استطاع أن يفوز على مواطنه بوردو المتعثر في الدور ربع النهائي، فإنه من غير المرجح أن يكون فريقاً عادياً أمام بايرن ميونيخ.

وشرع ليون رحلة الـ360 ميلاً إلى ميونيخ مساء الاثنين الماضي في قافلة من الشاحنات الصغيرة بسبب تعطل الرحلات الجوية التي سببتها ملحمة الرماد البركاني. وكانت وسائل الإعلام الفرنسية تنشر أخبار الرحلة في كل مرة تقريباً عندما تتوقف محركات الشاحنات في محطات الخدمة والاستراحة.

ومع ذلك، لم يكن تأثير الرحلة ضاراً جداً بعدما انهزم بهدف يتيم، وأنه من المرجح أن يتفوق ليون في مباراة الاياب الثلاثاء المقبل أمام 40000 من مشجعيه في استاد غيرلاند، إذ أنه استطاع أن يوسع تقدمه على الساحة القارية بدلاً من النجاح المحلي هذا الموسم. ويمكن أن يرجع سبب ذلك جزئياً إلى سوق الانتقالات. فرئيس النادي جان ميشال أولاس الذي تولى السلطة في عام 1987 لم يهدر أي وقت في الانتقالات وقام بعمل جيد في تحقيق التوازن في حسابات النادي على عكس بعض الأندية الأخرى في كل أنحاء أوروبا.

فقد دفع لبورتو 39 مليون يورو (34 مليون جنيه استرليني) لشراء خدمات ليساندرو لوبيز وعلي سيسوكو، ولكن تم تغطية الجزء الأكبر من هذا المبلغ من خلال بيع كريم بنزيمة إلى ريال مدريد بمبلغ 35 مليون يورو (30.7 مليون استرليني)، وحصل على خدمات ستة لاعبين لدعم الفريق بعدما دفع مبالغ شرائهم عن طريق بيع عبد القادر كيتا إلى غلطة سراي بمبلغ عشرة ملايين يورو (7.8 مليون استرليني).

وبسبب مثل هذا الحجم من التغييرات التي جرت في تشكيلة ليون، فإنه كان من المتعذر عليه اجتناب أي زلة في الدوري الفرنسي أو دوري أبطال أوروبا، خصوصاً أن الوقت قد يستغرق طويلاً لتأقلم مثل هذا العدد من اللاعبين مع بعضهم بعضاً. ولكن بحلول منتصف الموسم فإن الأمور بدأت تتوضح أكثر، وأخذ النادي يقدم أداء رائعاً حتى أن أصوات استهجان المشجعين من تكتيكات بويل غير الجذابة كانت أقل بكثير في حملة هذا الموسم.

ومع لوبيز وسيسوكو اللذان بالتأكيد استحقا الأموال التي صرفت لجلبهما إلى النادي منذ كانون الأول الماضي، إذ كانا قوة فعالة في خط الهجوم، وجنباً إلى جنب مع المهاجم الفرنسي الدولي سيدني غوفو والحارس الشاب الذي يتألق أكثر يوماً بعد يوم هوغو لوريس ولاعب خط الوسط الصارم جيريمي تولالان، الذي سيتغيب عن مباراة الاياب لحصوله على بطاقة حمراء، فإن ليون بدا واثقاً منذ مطلع هذه السنة على المنافسة على لقب دوري أبطال أوروبا، حتى لو كان هو أقل ترشيحاً من الأندية الأربعة في الدور قبل النهائي للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا في مدريد في 22 أيار المقبل.

وباعتراف الجميع فإن ليون لم يظهر مؤثراً في الأسابيع الأخيرة، خصوصاً في مبارياته خارج أرضه في الدوري الفرنسي. وبصرف النظر عن فوزه 2-1 في استاد رين بداية هذا الشهر، فإن تفسير بعض المراقبين لهذه الحالة هو أن ليون أراد التركيز أكثر على البطولة الأوروبية. وإذا فاز النادي الفرنسي فعلاً بدوري أبطال أوروبا فمن شأنه أن يساعد أيضاً على توازن بعض الحرج في التاريخ.

ففي 26 أيار 1993 فاجأ مرسيليا جميع المراقبين بفوزه 1- صفر على ميلان الباهت ليتوج بطلاً للنسخة الأولى من دوري أبطال أوروبا، ويصبح أول ndash; ومازال ndash; نادٍ فرنسي يفوز بكأس دوري أندية أوروبا. ولكن تم في وقت لاحق الكشف على أن برنار تابي رئيس مرسيليا وجان جاك ايديلي لاعب خط الوسط قدما رشوة لنادٍ آخر في دوري الدرجة الأولى الفرنسي وهو فالنسيان، طالبين منه أن يخسر مباراته أمام ناديهما حتى يؤمن أولمبيك مرسيليا لقب دوري الدرجة الأولى في وقت مبكر، وبالتالي يكون له متسعاً من الوقت للإعداد لمواجهة غريمه الايطالي. وكان جزءاً من الصفقة أيضاً ألا يتصادم لاعبو فالنسيان مع لاعبي مرسيليا حتى يضمن الأخير عدم وقوع أصابات بين لاعبيه قبل المباراة النهائية ضد ميلان.

وبعدما ظهرت التفاصيل الخسيسة خلال الأشهر الـ12 التالية، فقد تم جرد مرسيليا من لقبه المحلي للموسم السابق وهبط إلى دوري الدرجة الثانية. ودين تابي المثير للجدل في وقت لاحق وسجن لمدة عامين لثبوت تورطه في هذه القضية.

إلا أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أكد مراراً وتكراراً أن هذه الرشوة متعلقة بالدوري المحلي، وأنه يمكن لمرسيليا أن يحتفظ بلقبه الأوروبي إذ، كما ذكر يويفا في واحدة من منشوراته الخاصة في عام 2005 احتفالاً بالذكرى الـ50 لبطولتي كأس أوروبا ودوري أبطال أوروبا: quot;سرعان ما ستتبخر نشوة مرسيليا بالنصر وسط الكشف عن الرشاوى والفسادquot;.

فنجاح ليون سيؤدي بطريقة ما إلى تطهير الذوق السيئ لهذه الحادثة، التي اعتبرها بعضهم أنها واحدة من أكبر الفضائح في تاريخ الأندية الأوروبية ما بعد الحرب العالمية. ومازال الكثير منهم، وحتى الكثير من مشجعي كرة القدم، يتذوقون طعم هذه الفضيحة.

ومن الغرابة، وربما أن الأشياء تدور دائرة كاملة، فمرسيليا يتصدر حالياً دوري الدرجة الأولى في بلاده بفارق خمس نقاط عن أوكسير أقرب المنافسين له. ومع بقاء ثلاث مباريات في هذا الموسم، فإن مرسيليا على وشك الحصول على اللقب الفرنسي الأول منذ أن تم انتزاعه منه في عام 1993