فيما تتحضّر جنوب افريقيا لاستقبال كأس العالم لكرة القدم ، يستعد اللبنانيون بمختلف انتماءاتهم بشوق وحماسة لمتابعة المباريات عبر شاشات التلفزة، داعمين هذه الدولة او تلك. وعلى عكس حزيران 2009 الذي انشغل فيه لبنان بالانتخابات النيابية في السابع منه، سيتّصف حزيران 2010 بجوّ رياضي حماسي يجمع كل اللبنانيين، الذين وان فرّقتهم السياسة، تجمعهم الرياضة.

فانيسا باسيل من بيروت: quot;ايلافquot; جالت على عدد من المقاهي والجامعات وسألت الناس والمهتمين خصوصا عن تحضيراتهم لمواكبة الحدث الرياضي العالمي.

تبدأ المباريات لنيل لقب كأس العالم لكرة القدم في 11 حزيران/يونيو الجاري وتمتدّ حتى 11تموز/ يوليو المقبل وتتبارى لنيل هذا اللّقب العالمي 32 دولة من القارات الخمس.

ينتظر العالم بأسره هذا الحدث الرياضي، واللّبنانيون خصوصا، الذين لا يفوّتون فرصة للاستمتاع بوقتهم، ينتظرون بدء المباراة بكل شغف، ويأمل كلّ منهم في وصول الفريق الذي يشجّعه الى النهائيات. وتظهر جليّا مناصرتهم لهذا الفريق او ذاك من خلال أعلام الدول المعلّقة على سيّاراتهم او على شرف منازلهم. ويبلغ الجوّ التنافسي أشدّه حتى داخل العائلة الواحدة، فتجد علمين مختلفين على سطح سيارة واحدة او على شرفة منزل واحد.

أعلام الدول المشاركة في المونديال أمام متجر لبناني

وبعدما كان السؤال الأكثر تداولاً quot;لمن ستصوّت في الانتخابات البلدية؟quot; التي تجاوز لبنان استحقاقها بسلام وهدوء، أصبح السؤال الرائج: quot;من تؤيد في المونديال؟quot; اما الجواب، فيختلف باختلاف الاشخاص. وتتعدد أسباب تأييد هذا المنتخب او ذاك بتعدد الخلفيّات والحوافز.

اسباب شخصية ولغوية ودينية وقومية وسياسية

تحصد البرازيل نسبة عالية من المشجعين في لبنان. هذه البلاد التي تضم الملايين من اللبنانيين المهجّرين، تستقطب اللبنانيين المقيمين الذين يرون في اللاعبين البرازيليين quot;أبطالا في لعبة كرة القدمquot;.

يقول طوني: quot;الفريق البرازيلي قوي جدّاً، وهم في المونديال منذ عام 1930. لهم تاريخ في لعبة كرة القدمquot;. وهذا ما يؤكّده كريم الذي يقدّر quot;الاساس المتين الذي بناه البرازيليون على مرّ السنينquot;. ويرى مشجّعو البرازيل ان لعبة كرة القدم هي اصلاَ quot;لعبة الفقراءquot;، معربين عن إعجابهم بدولة البرازيل quot;الفقيرة والمستضعفة والتي استطاعت ان تصنع مجداَ في هذه اللّعبةquot;.

وفيما يعود بعضهم الى تاريخ وإنجازات دولة البرازيل في كرة القدم، ينظر بعضهم الآخر الى فتياتها المثيرات اللواتي يتقنّ رقصة quot;السامباquot;. في المقابل، تشجع بعض الفتيات الفريق الايطالي لإعجابهنّ بالشباب الايطاليين المعروفين بجمالهم. ولكنّ فرنسوا يرى ان quot;الفريق الايطالي قوي ويستحق التشجيعquot;، فيما يعتبر فريد quot;انه فريق انظلم في لعبة كرة القدم، ويجب هذه المرة ان ينتصرquot;.

من جهتها، تشجّع سارة اسبانيا لأنها تتقن اللغة الاسبانية. تقول: quot;على الاقل، اعرف كيف اشجع في لغة البلادquot;. اما شربل، فهو مصرّ على تشجيعه المانيا متمسّكا بالمبدأ الذي لا يتنازل عنه. يقول: quot;منذ كنت صغيراَ وانا اشجّع المانيا. هذا مبدأ لا أغيّره.quot; في المقابل، يمارس بعضهم النظرية الواقعية بامتياز. لا مبدأ ولا اساس، بل هم فقط quot;مع الاقوىquot;.

ولا يخلو المونديال كليّاَ من صبغة السياسة اللّبنانية، اذ يصرّ بعض الحزبيين على اسقاط انتمائهم السياسي إلى الرياضة ايضاً. امين الذي ينتمي الى quot;التيار الوطني الحرquot;، يشجع هولندا لان علمها يحمل اللون البرتقالي تماما كاللون الذي يتبنّاه حزبه.

اما العصبية الملتصقة بطبيعة الانسان البشرية، فلها ايضا دور في هذا الحدث الرياضي. quot;انا مع اليونان لانها دولة ارثودوكسيةquot;، يقول جوني. عصبية دينية، تقابلها عصبية قومية. فلمى تشجّع الجزائر quot;لانه البلد العربي الوحيد المشاركquot;. اما غوى، فهي متأثرة بثقافتها الفرنكوفونية، ولا تتردّد في تشجيع فرنسا.

وفيما ينشغل معظم اللبنانيين في تشجيع هذا الفريق او ذاك، نجد بعضهم غير مهتم بهذا الحدث الرياضي العالمي رغم أهميّته، بل يبقون على حياد من اي دولة مشاركة. ان لسبب ضيق وقتهم وعدم ايجاد متّسع منهم لمتابعة المباراة الطويلة، او لأنهم بكل بساطة لا يهتمون بهذا النوع من الرياضة، بل يفضلون لعبة اخرى. quot;لا يعنيني المونديالquot;، يقول محمد، quot;بل أفضّل المصارعةquot;. ويشير روبير الى ان quot;مباراة كرة القدم تصيبه بالمللquot;، لكنه يحب الاجواء الحماسية التي ترافق الناس أثناء بثّها.

أعلام ملونة وقهاوٍ مجهّزة

تمتلئ طرق لبنان ببسطات لبيع الاعلام، كما تضج المحلات بألوان تزيغ العين، تنتظر مناصريها مرفرفةَ. وان تشارك في المباراة 32 دولة، الا ان اللبنانيين يشجّعون خصوصا دول البرازيل وايطاليا والمانيا وفرنسا واسبانيا وانكلترا والارجنتين، فيما لبقية الدول درجة تشجيع ضئيلة وحتى معدومة.

واذ يحضّر بعضهم غرفة الجلوس في المنزل لتتناسب وquot;جلسةquot; المونديال، يفضّل بعضهم الاخر الالتقاء في المقاهي والمطاعم حيث يبلغ الجو الحماسي اوجه، مع ازدحام المناصرين المختلفين الذين يقفون ويجلسون مع تسجيل لاعبهم هدفا او قبل تسجيله بلحظات.

اما المقاهي والمطاعم، فتتحضّر بدورها لاستقبال الناس المتحمّسين، مؤمّنة لهم جلسة مريحة وشاشات كبيرة يتابعون عبرها المباريات. يقول صاحب احد المقاهي في بيروت لquot;ايلافquot;: quot;اشتريت شاشة كبيرة تبلغ 46 انشاً، فالناس بحاجة إلى متابعة المباريات بوضوح براحةquot;.

ولكن في المقابل، هناك بعض المطاعم التي لا تحتاج لشراء اي شاشة، اذ تملك شاشات متوسطة الحجم في كل زاوية، في خارج المطعم كما في داخله، فquot;تكتفي بها للمونديالquot;، كما يؤكّد مدير احد المطاعم لquot;ايلافquot;.

فالمقاهي جميعها تجهّز نفسها للاستفادة تجاريًّا من المونديال، وتعمل على جذب الناس لقصدها بكثافة في شهرَي حزيران وتموز، لعلّ لعبة كرة القدم تنشّط الاقتصاد اللبناني في شهر المباريات هذا، ويليها موسم سياحي مزدهر على عكس مونديال 2006 الذي اندلعت بعد ثلاثة ايام من انتهائه quot;حرب تموزquot; الشهيرة.