جلية كانت حالة الارتباك التي سادت أروقة نادي الهلال، والتي تبدت أول مرة منذ دخول الاتحاد المغربي على خط العلاقة مع مدرب الفريق البلجيكي إيريك غريتس في أبريل الماضي، بيد أنها اليوم تجاوزت حالة الارتباك إلى الفوضى، فلم يكن أسوأ من التلبك الإداري الذي بدا من خلال التصريحات الهلالية المتشنجة في الأيام الأولى للأخبار التي ظلت تخرج عن الرباط، سوى الصمت الذي لاذ له الهلاليون في أعقاب الإعلان الرسمي للاتحاد المغربي عن تعاقدهم مع المدرب البلجيكي في 6 يوليو الجاري، والأشد سوءا من ذلك التبريرات التي خرج بها رئيس الهلال الامير عبدالرحمن بن مساعد في تصريحه الأخير ل (العربية)، والتي تتناقض تماما مع تصريحاته الأولى التي تمخضت على إثر سلسلة الأخبار التي رجحت رحيل غريتس للمغرب، والتي ظل يتصدى لها بمتاريس النفي القاطع، ويرشقها بنيران التحدي المفرط.

التصريح الأخير لرئيس الهلال لم يكن مرتبكا وحسب؛ بل تجاوز ذلك إلى حد خلع رداء الشفافية الذي كان يميز صناع القرار الهلالي، والأمير عبدالرحمن بن مساعد تحديدا، بدليل أن أنصار النادي الذين انتظروا طويلا على باب الإدارة الهلالية للحصول على حفنة إجابات تشفي غليلهم، فإذا بهم يخرجون بعد التصريح بجملة أسئلة جديدة زادت من تشويشهم وعقدت رؤيتهم للحالة الهلالية مع غريتس، والأعظم أن التصريح أزاح الستار عن حقيقة وجود أزمة هلالية حقيقية على غير صعيد، سواء الإداري، أو الفني، أو حتى على صعيد الخطاب الإعلامي، وإلا ماذا يعني أن يرتهن النادي الكبير لاحتمالية بقاء غريتس أو عدم بقائه؛ رغم افتضاح العلاقة السرية بينه وبين المغاربة منذ وقت مبكر، وبماذا يبرر وضع مصير النادي في يد البلجيكي الذي ظل غامض الموقف حتى اليوم، والأعظم من ذلك لعبه الواضح على حبال المشاعر؛ بدليل استمرار عزفه على أوتار العلاقة، ونقره على طبول الصداقة مع الهلاليين، في وقت يفترض أن توضع الأمور على طاولة الاحترافية، لا أن توضع في فترينة الصداقة.

لا أقول بأن الطلاق كان يجب ان يحدث بين الطرفين بمجرد انكشاف الأمر، خصوصا وأن التسريبات خرجت والهلال يمر بأصعب مراحل التنافسية في الموسم المنصرم، إن على الصعيد المحلي أو الخارجي؛ وهو ما يثبت حقيقة (براغماتية) غريتس، ولكن كان بإمكان الممسكين بمفتاح القرار الأزرق أن يضعوا حدا لهذه العلاقة التي أدخلت (الزعيم) في مأزق القيل والقال، سواء ببقائه أو رحيله بمجرد أن طوى الموسم ورقته الأخيرة، لا أن يتم الانتظار حتى فتح ملف الموسم المقبل ليزيد تعقيد القضية وتشابكها، وهو ما لن يكون في صالح الفريق أبدا، على الرغم من محاولة الرئيس الهلالي إعطاء تطمينات للقواعد الهلالية بأن بقاء المدرب البلجيكي محتم حتى نهاية الحكاية الآسيوية!.

الحقيقة التي ظلت ملتبسة والتي تجلت مؤخرا، هي أن الهلاليين كانوا ولازالوا في مأزومية واضحة، سببها الأول هو عدم القدرة على التعاطي مع الأزمات، وهو ما يعيد شريط الذاكرة لما حدث قبل موسمين على إثر ترحيل المدرب الروماني كوزمين وما أعقبه من دخول الهلال في متوالية تغيير المدربين التي بدأت بكتالين ثم ليكنز فالحسيني، والتي أفقدت الهلال هويته وأضاعت استحقاقاته، بيد أن الهلاليين يتأزمون اليوم؛ ولكن بشكل مغاير وذلك بوضع كل بيضهم في سلة غريتس!.

جريدة الرياض السعودية