على طريقة زاهي وهبي في برنامجه الشهير (خليك في البيت) يبدو أن مدربينا الوطنيين قد نسوا الطريق إلى الأندية، وهو ما أقعدهم في بيوتهم لمشاهدة دوريات كرة القدم المحلية والعالمية، مثلهم في ذلك مثل أي مشجع يهوى الكرة ويعشق فنونها، على أمل انتظار دعوة أو مداخلة من هذه القناة أو تلك.

وإلا ماذا يعني أن تفرَّغ الأندية ال14 في دوري (زين) من أي مدرب وطني ليقف على رأس الجهاز الفني فيها؟. الجواب لا يحتاج إلى كثير من الاجتهاد، إذ لا يخرج عن أحد احتمالين؛ فإما أن المدرب الوطني لا يستحق ذلك عطفا على إمكاناته، أو أن الأندية لا زالت تعاني من عقدة الأجنبي.

قبل أيام نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا عن مدربي الأندية السعودية في دوري (زين) والذي أبان عن كارثة غياب أو تغييب المدرب الوطني عن الأندية أجمع. صحيح أن الحقيقة ليست صادمة؛ لأنها ليست جديدة، وإنما هي تكشف عن حقيقة الاستمراء في تذويب المدرب الوطني والإمعان في تفتيته. وهو أمر خطير للغاية على المستوى المنظور أو البعيد، وهو ما يعيدنا إلى الهواجس الذي أثارها تقرير مجلس الشورى الأخير حول (أجنبة الدوري السعودي)، وهو الذي انطلق من خلاله عضو المجلس الدكتور عبدالرحمن العناد لوصف الدوري ب(المسخ)!.

في المقابل حملت التقارير الأخرى عن الدوريات العربية حقائق معاكسة تماما عن الدوري السعودي، فالدوريان التونسي والمصري مثلا، وهما الأقوى عربيا إلى جانب الدوري السعودي أصبح المدرب الوطني فيهما يمثل حجر الزاوية والركن الأساس، ففي تونس يتواجد 7 مدربين من بين 14 مدربا يتقدمهم فوزي البنزرتي الذي بات واقفا على رأس الجهاز الفني في نادي الترجي بطل الدوري، وفي مصر كذلك لا زال المدرب الوطني العلامة الفارقة في وجه الكرة المصرية؛ ويكفي ثقة فيه أن من يدير الناديان الكبيران الأهلي والزمالك مدربان مصريان هما (الحسامان) البدري وحسن، في وقت يستطيع فيها الناديان التعاقد مع أشهر المدربين العالميين نظرا لقوة ملاءتهما المالية.

أتفهم ndash;جيدا- بأن تجارب معظم مدربينا الوطنيين ليست ناهضة بالمستوى الذي يجعل أندية دوري المحترفين تغامر بوضع نفسها تحت مشرط عملية نسبة فشلها - نظريا على الأقل - تفوق نسب نجاحها؛ وهو ما يكرس لاستمرار المدرب الوطني يعمل تحت بند ( مدرب طوارئ )، وما يجعله على الدوام يمثل دور ( أبو الفزعات ) بحسب توصيف الزميلة هيا الغامدي؛ لكن الأزمة تبلغ أعماقها حينما نجد الأمر ينسحب حتى على المدربين من أصحاب التجارب الثرية كناصر الجوهر الذي جلس على الكرسي الفني منذ قرابة 20 عاما مع النصر قبل أن يرتقي ليصل لمرحلة العمل كمدير فني للمنتخب السعودي منذ العام 2000 ليستمر في مهمته متواصلا تارة ومتقطعا أخرى حتى فبراير من العام الفائت بعدما خاض استحقاقات كبرى لم تتح حتى لمدربين عالميين ككأس العالم، ورغم ذلك لم نسمع عن ناد خطب وده!.

المشكلة الأكبر أن المدرب الوطني باتت الثقة في قيمته الفنية منزوعة تماما، فحتى والاتحاد السعودي يوكل مهمة تدريب منتخبي الناشئين والشباب للمدربين عمر باخشوين وخالد القروني ضمن خطة تطوير المنتخبات خرجت أصوات رافضة، وأخرى مشككة، وثالثة مقللة من قيمة التجربة، وهو ما يجعل الأمر يحتاج إلى كثير من المراجعة الجدية حتى يخرج مدربونا الوطنيون من بيوتهم!.
جريدة الرياض السعودية