اذا كان هناك من اعتبر بان فوز الالماني سيباستيان فيتل باللقب العالمي عام 2010 جاء بمساعدة الحظ بعد ان فشل منافسه الإسباني فرناندو الونسو في احتلال احد المراكز الاربعة الاولى في المرحلة الاخيرة، فان سائق رد بول-رينو اكد في 2011 انه quot;ملكquot; دون منازع بعد ان هيمن على مجريات البطولة تماما، ليصبح اصغر سائق يحتفظ بلقب بطل سباقات فورمولا واحد.

يبدو ان quot;سيبquot; على خطى مواطنه الاسطورة ميكايل شوماخر الذي توج باللقب العالمي سبع مرات حاصدا في طريقه الغالبية العظمى من الارقام القياسية، خصوصا ان سائق ريد بول-رينو توج باللقب العالمي مرتين خلال اربعة مواسم كاملة له في رياضة الفئة الاولى التي بدأ مشواره فيها عام 2006 كسائق التجارب في بي ام دبليو ساوبر قبل ان يمنحه فريق تورو روسو فرصة خوض موسم باكمله في سباقات الفئة الاولى عام 2008 حين اصبح اصغر سائق يفوز باحد السباقات وكان ذلك في جائزة ايطاليا حين كان يبلغ 21 عاما و74 يوما.

اضاف فيتل هذا الانجاز الى ذلك الذي حققه عام 2007 عندما اصبح اصغر سائق يحرز نقطة في البطولة (19 عاما و349 يوما) وذلك عندما حل ثامنا في جائزة الولايات المتحدة الاميركية، متفوقا على انجاز البريطاني جنسون باتون (كان يبلغ 20 عاما و67 يوما حين حل سادسا في سباق البرازيل عام 2000).

اصبح فيتل بعدها ملك الارقام القياسية من حيث صغر السن حيث بات ايضا اصغر سائق يتصدر سباقا، والاصغر الذي ينطلق من المركز الاول والاصغر الذي يفوز باللقب العالمي والاصغر الذي يحتفظ باللقب العالمي، وقد حقق الاخير في 2011 خلال جائزة اليابان الكبرى حين حسم اللقب العالمي ليجرد الونسو من لقب اصغر سائق يحتفظ باللقب بعد ان تفوق على الاخير بفارق حوالي عام، لانه احرزه وهو يبلغ 24 عاما و3 اشهر و6 ايام.

كان فيتل ملك كل شيء في 2011 اذ انطلق من المركز الاول في 15 سباقا من اصل 19، ليحطم الرقم القياسي الذي حققه البريطاني نايجل مانسل خلال موسم 1992 (14 مرة)، كما انه كان قاب قوسين او ادنى من معادلة انجاز الاسطورة شوماخر من حيث عدد الانتصارات في موسم واحد (13 عام 2004)، لو لم يهجره الحظ في ابوظبي بسبب ثقب في اطار سيارته (انسحب في اللفة الاولى) ثم في السباق الختامي على حلبة انترلاغوش البرازيلية حين واجهته مشكلة في علبة السرعات (حل ثانيا).

لم يمنح فيتل الذي احرز لقب 11 سباقا وصعد الى منصة التتويج في ست مناسبات اخرى، اي فرصة لمنافسيه من اجل الدخول معه في صراع على اللقب العالمي ومنهم زميله الاسترالي مارك ويبر الذي حاول يائسا اللحاق بالسائق الالماني دون ان ينجح في مسعاه، ما يؤكد موهبة quot;سيبquot; لان السائقين يملكان السيارة ذاتها.

والامر ذاته ينطبق على الونسو الذي رشحه الجميع ليكون بطل 2011 على متن سيارة فيراري الجديدة، لان السائق الاسباني عانى الامرين في بداية الموسم ما صعب من مهمته كثيرا، اما بالنسبة لماكلارين-مرسيدس فقد كان الفريق الوحيد القادر على كسر احتكار فيتل من خلال فوزه بستة سباقات الا ان ذلك لم يكن كافيا لكي فرمل البطل الالماني الذي انهى البطولة بفارق 122 عن سائق الفريق البريطاني باتون.

من المؤكد ان المهندس العبقري ادريان نيوي لعب دورا اساسيا في التفوق المطلق لفيتل وريد بول، وهو ما دفع مدير فيراري ستيفانو دومينيكالي الى وصف البريطاني بquot;النابغةquot;.

لكن نيوي رفض ان يمنح الفضل الاكبر في تفوق فيتل، اذ عزا تألق السائق الالماني الى النضوج الذي وصل اليه الاخير رغم صغر سنه لان هذا الامر شكل المفتاح الاساسي لنجاحه الملفت.

واعرب نيوي الذي توج مع وليامس بلقب الصانعين اعوام 1992 و1993 و1994 و1996 و1997 ومع ماكلارين عام 1998 ثم ريد بول عام 2010، عن دهشته بالمقاربة الهادئة التي تمتع بها فيتل هذا الموسم رغم صغره سنه، مضيفا: quot;الامر المميز جدا بشأن فيتل هو درجة النضوج التي وصل اليها في هذا العمر. شاهدت كيف يتأثر بعض السائقين بالشهرة وصعدوهم المفاجىء الى النجومية. يفقدون حسهم الواقعي ويصبحون متعجرفين. لكن سيباستيان يتميز برباطة جأشهquot;.

وتابع quot;انه شخص يحب الخصوصية كثيرا ولا يحب الشهرة على الاطلاق. يفكر كثيرا بالعمل الذي يقوم به ونادرا ما يرتكب الخطأ ذاته مرتين، انه رجل يعمل بجهد كبيرquot;، مضيفا quot;في المساء، تجده دائما داخل الحظيرة يتحدث مع المهندسين ويتفحص المعلومات ويناقش امور السيارة. اعتقد ان ذلك هو القاسم المشترك بين جميع السائقين العظماءquot;.

ومن المرجح ان لا يختلف الوضع في 2012 بعدما رفض فيتل اغراءات الانتقال الى حظيرة من عراقة فيراري والبقاء مع فريقه الحالي الذي يعول على الثبات في تركيبته من اجل مواصلة هيمنته على البطولة، ويبقى ان نعرف اذا كان فيتل سيصيب في التصريح الذي ادلى به: quot;الافضل قادمquot;.