في الوقت الذي أعلن سيب بلاتر الثلاثاء أنه يملك أدلة خاصة على أن محمد بن همام سينسحب من انتخابات رئاسة الفيفا، أكد القطري، الموجود حالياً في باريس لحضور اجتماعات يويفا، لهيئة الإذاعة البريطانية أنه سيجعل عملية العطاءات لنهائيات كأس العالم أكثر انفتاحاً في المستقبل إذا فاز برئاسة الفيفا.


اعتبر محمد بن همام، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم والمرشح الوحيد حتى الآن لمنافسة سيب بلاتر على رئاسة الفيفا، أن معدل نسبة فوزه على الرئيس الحالي هي 50 في المئة،رغم تأكيده أن بعض المراقبين قد يعتبر ذلك أكثر تفاؤلاً بعض الشيء.

ويعتبر بن همام شخصية هائلة في تسيير الأمور الرياضية وسياساتها. ورغم أنه قد لا يحصل على دعم كامل من اللجنة التنفيذية لفيفا، إلا أنه يحظى بدعم عميق ومخلص من الدول الـ208 الأعضاء الذين سيقررون مصير الرئاسة في اجتماع الفيفا الذي سيعقد في زيوريخ في 1 حزيران/يونيو المقبل.

وآخر مرة واجه بلاتر تحدياً كان في عام 2002 من رئيس الاتحاد الافريقي عيسى حياتو، إلا أنه فاز في الاقتراع بصورة ساحقة بعدما حصل على 139 صوتاً مقابل 56 لحياتو، والذي اعتبر نصراً ملحوظاً، خصوصاً إذا أُخذ في الاعتبار أن حملته خيّمت عليها سلسلة من مزاعم الفساد وسوء الإدارة المالية في الفيفا.

وفي العديد من الطرق، فإن الوضع الآن يتشابه إلى حد كبير، حيث أدت عملية تقديم العطاءات لنهائيات كأس العالم لعامي 2018 و2022 إلى بروز أكثر من مزاعم الفساد ضد مسؤولين كبار في الفيفا.

ورغم أنه لم يشر بشكل مباشر إلى تورطه، إلا أنه تم توجيه اللوم إلى بلاتر لعدم شفافية منظمته وقرارها منح قطر حق استضافة نهائيات 2022.

ومثل حياتو، منذ عقد من الزمن تقريباً، فإن بن همام سيخوض معركة الانتخابات كـquot;مرشح يديه نظيفةquot;، الذي سيحاول quot;تنظيفquot; أروقة الفيفا. ففي حديثه مع الصحافيين في كوالالمبور قبل أكثر من أسبوع وكذلك مع وسائل الإعلام الأوروبية في باريس قبل أيام، تعهد القطري بجعل الفيفا أكثر شفافية وأقل بيروقراطية ونشر ثروة المنظمة الضخمة على نحو أكثر توازناً.

لكن هذه الثروة ستجعل المنافسة على رئاسة الفيفا هذه المرة مختلفة جداً عن عام 2002، فتمويل المنظمة يمر في الوقت الحاضر بحالة من الفوضى الرهيبة في اعقاب انهيار الشريك quot;التسويق الدولي للرياضة والترفيهquot;، وكادت المنظمة تعلن إفلاسها. أما اليوم فإنها جالسة على فائض قدره 1.28 بليون دولار بفضل الأرباح غير المتوقعة من نهائيات كأس العالم 2010.

وفي دورة مدتها أربع سنوات، من 2007 حتى 2011، تمتع الفيفا بزيادة ثروته بنسبة 59 % عن الايرادات المتحققة خلال نهائيات كأس العالم 2006 التي اقيمت في المانيا، ما سمح له أن يسجل فائضاً قدره 31 مليون دولار، مع التفكير بأن تنظيم جنوب افريقيا لنهائيات كأس العالم كان مقامرة كبيرة بالنسبة إلى الفيفا.

وتم تسليم جزء كبير من هذه الأموال إلى الـ208 جمعية عضو في الفيفا (يجب ألا ننسى أن لكل منها صوت واحد) من خلال quot;مشروع الهدفquot; الذي انشئ في 1999، أي بعد سنة واحدة فقط من رئاسة بلاتر الأولى للمنظمة الدولية.

ووفقاً لتقرير الفيفا المالي لعام 2010، فإن كل اتحاد حصل على مبالغ استثنائية قدرت بـ550 ألف دولار. وحصل كل اتحاد كونفيدرالي على خمسة ملايين دولار. ويعتبر مثل هذا المبلغ في العديد من الدول الفقيرة التي تشكل quot;عائلة الفيفاquot;، كما يدعي بلاتر، مهم ومهم جداً.

وقد يعود الفضل إلى بن همام الذي يرأس لجنة quot;مشروع الهدفquot;، إلا أن حملة بلاتر ستركز على سجله بجعل الفيفا والجمعيات الأعضاء أغنياء. فهل لدى بن همام الفرصة بالفوز برئاسة الفيفا؟

ليس هناك أي شك من اعتباره لاعباً رصيناً ومميزاً. وبما أنه رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فمن الطبيعي أن يحصل على دعم اتحاده. كما إنه يحظى أيضاً بدعم لائق من افريقيا وأوروبا. ولديه علاقات خاصة مع ريتشارد سكودامور، الرئيس التنفيذي للدوري الممتاز الانكليزي.

ومن المرجح أن يدعمه اتحاد الكرة الانكليزي، الذي سيزوره القطري فيالشهر المقبل كجزء من حملته الانتخابية، رغم بعض الانقسامات بين أعضاء مجلس إدارة الاتحاد.

وفي الوقت الذي لا يريد ديفيد بيرنشتاين، رئيس الاتحاد الجديد، أن يفعل أي شيء قد يعرض للخطر إعادة بناء الجسور مع الفيفا، ويريد أن ينتظر حتى اللحظة الأخيرة ليقرر من الذي يمكنه أن يقدم أفضل الفرص للاتحاد الانكليزي لإستعادة العلاقات والحصول على منصب نائب الرئيس، ربما قد يشعر بعد هجومه على الفيفا وبلاتر بعد إذلال محاولة عرض انكلترا لإستضافة نهائيات كأس العالم 2018، بأنه ليس لديه ما يخسره إذا دعم المنافس.

وأياً كان قرار الاتحاد الانكليزي، فإن التصويت الأوروبي قد يكون حاسماً، ودور ميشيل بلاتيني، رئيس يويفا، سيكون آسراً. فقد اعتبر الدولي الفرنسي السابق خليفة محتمل لبلاتر، ولكن هناك شعوراً بأن العلاقة بينهما توترت خلال السنوات الأخيرة.

ودخول بلاتر في المنافسة على رئاسة الفيفا أجبرت بلاتيني على اتخاذ قراره: إما الانتقال إلى دعمه على أمل أن يتمكن من تولي المنصب في 2015 خلفاً له، أو استخدام نفوذه لانتخاب القطري. ولهذا مخاطر بالطبع، لأنه سيضطر إلى الانتظار حتى يخدم بن همام (61 عاماً) فترة رئاسته، التي يمكن أن تكون طويلة بعض الشيء.

مما يثير للدهشة ان بن همام لا يتمتع بالضرورة بدعم كامل من آسيا، حيث قضى بلاتر أخيراً في بناء قاعدة سلطته هناك. وقد يكون مفتاح النجاح هو التحول إلى كتلة أميركا الشمالية وأميركا الوسطى والدول الكاريبي التي يسيطر عليها جاك وارنر.

هناك مسألة أخرى مثيرة للاهتمام: هل يمثل بن همام التغيير حقاً؟ فقد كان عضواً في اللجنة التنفيذية لفيفا لمدة 15 عاماً وكان حليفاً رئيساً لبلاتر. وقبل كل شيء كان القوة الدافعة وراء نجاح قطر في إستضافة نهائيات كأس العالم.

فهل حقاً سيستطيع من quot;تنظيفquot; الفيفا، أم إنه سيكون مجرد عضواً آخر في داخل أروقته؟

لقد وضع بن همام بالفعل أفكاره لتوسيع اللجنة التنفيذية وتبسيط عملية صنع القرار وبقاء أفضل العلاقات مع الاتحادات المهنية وأندية أوروبا. ورؤيته في التغيير أصبحت اللاعب المميز في وسائل الإعلام، ولكن كل ذلك سوف لا يكون له إلا تأثيراً قليلاً على الهيئة التشريعية لفيفا، التي لا تهيمن عليها مخاوف الصورة العامة أو مصالح الأندية الكبيرة ومنافسات الدوري المحلي.

خبرة بلاتر ساعدت على تجاوزه مصاعب عدة وإبقاء قضبته عالية في أروقة الفيفا، فهل سنشاهد تكراراً لانتخابات 2002؟.