قدم كورينثيانز عرضاً محسناً بمبلغ 40 مليون جنيه استرليني لمانشستر سيتي لشراء خدمات مهاجمه الحزين كارلوس تيفيز مع وضع موعد مطلع الأسبوع المقبل لقبول العرض أم رفضه بصورة نهائية. علماً أن السيتيزين سبق له أن أصر على أنه سوف لن يوافق على بيع كابتن ايستلاند بأقل من 50 مليوناً بعدما رفض عرضاً أولياً بمبلغ 37 مليوناً من النادي البرازيلي.

يذكر أن تيفيز (27 عاماً)، اليائس للعودة إلى أميركا الجنوبية ليكون قريباً من عائلته، سبق له أن طلب مغادرة ايستلاند، ما يعني أن عليه أن يبدأ بالحديث مع كورينثيانز عن شروطه الخاصة قبل يوم الاثنين على أبعد تقدير، لأن سوق الانتقالات في البرازيل ستغلق يوم الأربعاء.

وجاء ادعاء اندريس سانشيز، رئيس النادي البرازيلي، أن يوفنتوس قد انضم إلى سباق ضم الأرجنتيني الدولي بعد استعداده بدفع 45.6 مليون استرليني في الوقت الذي رفض مانشستر سيتي هذا العرض، جنباً إلى جنب مع إعلان تيفيز أنه لا يريد البقاء في أوروبا. لذا مايزال سانشيز يحلم بإمكانية التعاقد معه، ولكن هذا يعتمد على موافقة السيتيزين وقرار اللاعب.

ولم يسبق لتيفيز أن استقر في الشمال الغربي من انكلترا على رغم وقته في مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي، مصمماً العودة إلى ناديه السابق كورينثيانز حتى يتمكن من قضاء المزيد من الوقت مع ابنتيه. وقد يقرر مانشستر سيتي أنه من الأفضل أن يبيع الأرجنتيني لنادٍ في أميركا الجنوبية بدلاً من السماح له بالإنضمام إلى أحد المنافسين المحتملين في المستقبل.

ويبدو أن كورينثيانز قد يشرك طرفاً ثالثاً للمساعدة في تمويل صفقة عودة تيفيز إليه الذي تركه في 2007، ودفع أجره الأسبوعي الذي يقدر بـ250 ألف استرليني في ايستلاند، لأنه لا يستطيع أي نادٍ في البرازيل من أن يدفع أي شيء قريباً من هذا المبلغ.

وواحدة من مظاهر ازدهار كرة القدم البرازيلية في الآونة الأخيرة تضاعف معدل نمو اقتصاد البلاد وأنها ستستضيف نهائيات كأس العالم المقبلة، بالإضافة إلى أن كورينثيانز يعتبر من الأندية الرائدة في البرازيل، فقد أهدر نقطتين فقط في ثماني مباريات، وهو الأكثر شعبية في ساو باولو، التي تعتبر أكبر مدينة في البرازيل والمركز المالي للبلاد. وجغرافية وديموغرافية النادي جلبا 26 مليوناً من الأنصار عبر البرازيل التي تولد دخلاً ضخماً مقارنة إلى أقران النادي الأخرين.

وعندما انهارت المفاوضات على مساومة جماعية لصفقة حقوق البث التلفزيوني للدوري البرازيلي، عقد كورينثيانز صفقة خاصة به. وعلى رغم أنه لم يعلن عن أرقام الصفقة، إلا أنه يعتقد بأن قيمتها وصلت إلى 40 مليون استرليني لكل موسم اعتباراً من العام المقبل.

ويتمتع النادي أيضاً من استثمار 23 مليوناً من رعاية قمصانه مع شركة الأدوية البرازيلية quot;نيو كيوميكاquot;، وبالتالي أصبحت السيولة قوية، مضافاً إليها اقتصاد النادي الحاسم، ففي أيلول/سبتمبر بلغت فاتورة أجور النادي مليونا استرليني فقط مع دخل سنوي يقدر بـ24 مليوناً الذي من شأنه أن يبدو معقولاً بشكل بارز. وإذا كان يلعب في الدوري الممتاز في الموسم الماضي، فإن عائدات كورينثيانز كانت ستحتل المركز الـ11 الأعلى فيما يعتبر دافع للأجور الثاني الأقل.

ولكن كل هذه الايجابيات تقول نصف القصة فقط للظروف المالية في واحداً من أكبر الأندية البرازيلية. فالسلبيات ستصعّب صفقة الـ40 مليوناً لتيفيز بالإضافة إلى أجره الأسبوعي، إذ تسبب حالة كورينثيانز باعتباره المضيف لنهائيات كأس العالم صعوبات معينة. فقد أعلن أورلاندو سيلفا، وزير الرياضة، أن النادي سيفتتح ملعبه الذي سيتسع لـ65 ألف مقعداً في كانون الأول/ديمسبر 2013 بكلفة تقدر بـ140 مليون استرليني، الذي سيضاف إلى ديون النادي الضخمة بالفعل.

وعلى رغم أن ارتفاع نمو الاقتصاد البرازيلي كان جيداً بالنسبة إلى أندية كرة القدم من جانب واحد، إلا أن ضريبة البنك المركزي هي 12.25 في المئة في البلاد. وهذا يعني أن أي مؤسسة مثقلة بالديون يجب أن تدفع مبلغاً مرهقاً لخدمة الديون. وبما أن جمعيات اجتماعية تملك كورينثيانز وليست لديه مساهمين، بالإضافة إلى الأصول القليلة لضمان القروض، فإن لهذه الديون سيكون تأثيراً كبيراً على التدفق النقدي.

ولا يوجد نادٍ في تاريخ كرة القدم البرازيلية يستطيع أن يعرض صفقة من هذا القبيل لتيفيز من دون مساعدة مالية، لأنها ضخمة جداً على الالتزامات من ناحية العائدات. وكورينثيانز لا يحتاج إلى المال فقط لتمويل عملياته، بل عليه أن يفكر بالديون أيضاً. فالنادي، مثل كورينثيانز، يعول على الفضل الهائل لإعادة التفاوض بشأن حقوق البث التلفزيوني والزيادة في قيمة صفقات الرعاية، ولكن قوتها الشرائية ماتزال أقل بكثير من الأندية الأوروبية.

والمقربون من كورينثيانز يقولون إن النادي سيبحث في استراتيجية بحيث يشارك مع أطراف ثالثة لدفع نسبة من رسوم وأجور الانتقالات لوضعها معاً في رزمة قادرة على تمويل صفقة تيفيز. وهذه الممارسة هي شائعة في البرازيل، فغالباً تدفع شركات تجارية، مثل شركة الملابس الرياضية ومحلات سوبرماركت والتكتلات الصناعية، أجور اللاعبين. وتحصل هذه الشركات على قيمة أموالها من الوقت المخصص للدعاية لمنتوجاتها مع اللاعبين التي تظهر في كل مكان في التلفزيون البرازيلي، مثل نيمار ndash; الذي تدفع نايكي وتكستل، وهي شركة للاتصالات، أجره الأسبوعي البالغ 55 ألف استرليني في سانتوس.

ولكن مطالب كورينثيانز للتمويل يثير احتمالاً آخر للخدعة، حيث، ربما ستطلب شركة quot;الاستثمار في وسائل الإعلام الرياضيةquot;، وهي مستثمر سابق في كورينثيانز، إعادة شراء نسبة من حقوق تملك اللاعب الاقتصادية، والتي لا تعتبر غير قانونية وفقاً لقواعد كرة القدم البرازيلية.

وربما هذا ما أشار إليه كيا جورباتشيان، وكيل أعمال تيفيز، يوم الثلاثاء الماضي في مقابلة مع شبكة سكاي سبورتس: quot;انه اتفاق كبير وصعب في آن واحد، وقد لا يكون بسيطاً، لأنه أولاً وقبل كل شيء يجب احترام الجواب الرسمي لمانشستر سيتي، فإذا قبل بالعرض، فإنه ينبغي على الجميع تحقيق صفقة الانتقال. أما إذا لم يوافق، فعلينا أن نبحث عن خيارات أخرى المتاحة لتيفيزquot;.

وسيكون هذا تحولاً ملحوظاً لجورابتشيان ولـquot;الاستثمار في وسائل الإعلام الرياضيةquot; اللذان يملكان جزءاً من تيفيز. فالأرجنتيني الدولي والمستشار الإيراني لكرة القدم يعملان معاً منذ أن كان الثاني مسؤولاً تنفيذياً في كورينثيانز الذي دفع 22 مليون دولار (11.4 مليون استرليني في وقتها) ليأخذ تيفيز من بوكا جونيورز إلى ساو باولو.

وكان جورابتشيان قد حصل على العمل مع كورينثيانز بعدما وعده بأنه سيستثمر 35 مليون دولار في سوق انتقالات اللاعبين في مقابل حصة بنسبة 51 في المئة من أرباح النادي. وسارت الأمور بينهما بشكل جيد مع حصول كورينثيانز على لقب الدوري في 2005. ولكن عندما صدرت مذكرات توقيف بحق المستثمر الإيراني وعدداً من مساعديه خلال مزاعم تبييض الأموال، ألغى النادي اتفاقه مع quot;الاستثمار في وسائل الإعلام الرياضيةquot; فقطعت العلاقات بينهما. إلا أن متحدثاً باسم مكتب اقليم ساو باولو لخدمة النيابة العامة الفيديرالية أكد الثلاثاء الماضي أن التحقيق مع الشركة والنادي مايزال جارياً على رغم أن مذكرات التوقيف كانت قد سحبت منذ فترة طويلة.

ومن المعروف أنه لا يوجد نهاية للجدل الذي ينطوي على ملحمة جورابتشيان وتيفيز، فقد عبرت الاستثمار الرياضية اهتمامها بحقوق انتقال الأرجنتيني. وهذه المشاركة من طرف ثالث مع مهاجم مانشستر سيتي غير قانونية وفقاً لأنظمة الدوري الممتاز الانكليزي. وأدت في نهاية المطاف إلى دفع ويستهام يونايتد 27.5 مليون استرليني لشيفيلد وينزداي كتعويضات، لأن الأخير هبط إلى الدرجة الأولى بعدما سجل تيفيز هدفاً الذي أبقى ويستهام في الدوري الممتاز، خصوصاً عندما وصل إليه بطريقة مبهمة عرفت وقتها بـquot;ملحمة تيفيزquot;. ولكنه عندما وقع مع مانشستر يونايتد في آب/اغسطس 2007 فقد انتقل إليه على سبيل الإعارة، وبعدها وصل إلى ايستلاند عندما اشترى مانشستر سيتي حقوق تملكه من الاستثمار الرياضية وجورابتشيان. ويقال إن ذلك كلف الشيخ منصور، مالك النادي، 47 مليون استرليني على رغم نفي الإيراني ذلك.

عموماً، فإنه سيخاطر أي مستثمر خارجي إذا أراد تمويل تحرك كورينثيانز لعقد صفقة مع تيفيز، وستعتبر مقامرة كبيرة، لأن المستثمرين المحتملين سوف لن يضمنوا استرداد التكاليف. وقد يقامر جورابتشيان، لأن زمالاته مع تيفيز كانت مريحة على مر السنين وهو على استعداد لإتخاذ خطوة جريئة.

وقد يفسر كل هذا أيضاً لماذا بعض المسؤولين في مانشستر سيتي يتخذ نظرة قاتمة من الإثارة التي يبديها تيفيز للرحيل بعيداً عن النادي. ويرون أن الأسباب التي يذكرها هي مجرد ذرائع.