وجد رئيس الإتحاد الجزائري محمد روراوة نفسه في موقف حرج لا يحسد عليه إعلامياً و جماهيرياً بسبب غياب المنتخب الجزائري عن نهائيات كأس العرب للأمم في نسختها التاسعةالمقامة حالياً بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية رغم انه يشغل في نفس الوقت نائب رئيس الإتحاد العربي الجهة المسئولة عن تنظيم البطولة بل هو رئيس لجنة تنظيم البطولات العربية.
لا يعقل أن يغيب منتخب الجزائري عن تظاهرة يشرف هو فيها محمد روراوة شخصياً على تنظيمهما و يعمل على نجاحها ، مما جعل الكثير من المتابعين و النقاد سواء على الصعيد المحلي أو العربي ينتقدون هذا الموقف ، و يرون فيه تخاذلا من قبل روراوة الذي يفترض أن يكون حريصاً على المشاركة بالمنتخب الأول موقف يفرضه عليه وظيفته و منصبه تماماً مثلما ظل يفعل الإتحاد السعودي بالمشاركة في جميع البطولات العربية ليس من اجل إثراء السجل فقط بل حرصا منه على إعطائها نفس الأهمية و القيمة مقارنة بقية المسابقات الإقليمية الأخرى و أملا في نجاحها.
و مما زاد من شدة الانتقادات التي وجهت لروراوة هو انه صاحب القرار الأول و الأخير بتغييب أي تمثيل للكرة الجزائرية في بطولة جدة ، و إذا كان
|
روراوة وضع نفسه في موقف محرج |
غياب المنتخب الأول أمرا مفهوما يمكن تقبله على اعتبار أن تعداده يتشكل في غالبيته من لاعبين محترفين ينشطون في أندية أوروبية ترفض تسريحهم لخوض بطولة غير معترف بها من قبل الاتحاد الدولي و لا تدخل ضمن أجندتها ، فضلا عن كثافة رزنامته و حاجة لاعبيه لأخذ قسط من الراحة بعد تصفيات افريقية شاقة ، لكن الأمر كان يمكن معالجته بإشراك المنتخب الرديف الذي يتكون من لاعبي الدوري المحلي ممن خاضوا نهائيات كاس أمم إفريقيا عام 2011 في السودان ، ليستفيد على الأقل من البقاء في المنافسة تأهبا لتصفيات النسخة الثالثة التي ستكون في ربيع العام القادم ، أو حتى المنتخب الأولمبي ، أو أي منتخب يتم تشكيله من لاعبين يرغبون في المشاركة و لو من باب المهم المشاركة حفظا لماء الوجه ، مثلما قال احد النقاد العرب، و تفاقمت حدة الحرج لدى روراوة بعد إعلان عدة منتخبات تمر بنفس الظروف أو أسوء من التي يعيشها الخضر مشاركتها على غرار المنتخب المغربي بالرديف و المنتخب العراقي اللذان يشاركان في تصفيات كأس العالم 2014 ، كما أن عضو تنفيذية الكاف و الفيفا سمح لحكام جزائريين بالمشاركة في الكأس العربية .فلماذا هذا التناقض في إتخاذ القرارات يضيف متابع آخر ، كما يتساءل آخرون عما إذا كان روراوة سيتخذ نفس القرار لو تعلق الأمر ببطولة يشرف عليها الكاف.
الواقع أن القرار الذي اتخذه روراوة بعدم المشاركة في البطولة العربية جاء استجابة لقرار البوسني وحيد خليلوزيدشمدرب المنتخب الأولو كوادره من المحترفين ، فهو يعلم جيدا أن الفني البوسني سطر برنامجا لم يأخذ بعين الاعتبار ألكاس العربية و لا يمكنه مراجعته تحت أي ظرف ، أما اللاعبين المحترفين فلا يمكنهم التضحية بعطلهممع زوجاتهم من اجل المشاركة في بطولة لا يعرفون عنها شيئا لان إعلام و صحافة بلدهم لا تكتب عنها إلا ما شح من التقارير ، كما إستجاب روراوة لرفض الأندية المحلية تسريح لاعبيها لخوض البطولة ضمن المنتخب الرديف ، رغم أن نفس الأندية الرافضة تتكالب و تتوسل لروراوة من اجل أن يسمح لها بالمشاركة في دوري أبطال العرب حتى تستفيد من ريعها المالي إنعاشا لخزائنها الخاوية ، و في هذا الصدد لا يحد يمكنه التشكيك في الدور الذي لعبه روراوة في الدعوة التي وجهتها الشركة الراعية لدوري أبطال العرب لنادي اتحاد العاصمة ليشارك في البطولة كضيف شرف.
و من ناحية أخرى فإن مشاركة الخضر في هذه الكأس يخدم المنتخب المشارك مادياً و فنيا بالنظر إلى الجوائز المغرية التي رصدها الإتحاد العربي و أيضا إمكانية احتكاك اللاعبين مع أشقائهم العرب ، فضلا عن إمكانية تلقيهم عروض للاحتراف في الخليج و إشراك الرديف يمنح اللاعب المحلي فرص لإثبات جدارتهو تقليص الاعتماد المفرط على اللاعبين المغتربين ، فضلا على أن مشاركة الجزائر في هذه الدورة له جانب تاريخي باعتبارها المشاركة الثالثة فقط و الأولى منذ العام 1998.
و يبدو أن روراوة حاول في هذه المسالة أن يكون قراره مستقلا من خلال الفصل بين روراوة رئيس الاتحاد الجزائري و روراوة نائب رئيس الاتحاد العربي ، و لو أن العكس هو الذي كان يجب أن يحصل لان تجميد البطولة العربية لمدة عشر سنوات كاملة مرده بالأساس المواقف الخاطئة ndash; مثل الموقف الجزائري ndash; التي لا تأخذ بعين الاعتبار مستقبل البطولة فيحال عدم اكتمال نصاب المنتخبات المشاركة مما يعرضها للزوالشانها شان بقية البطولات فكيف تزول البطولات و المسابقات و يبقى منصب نائب رئيس الاتحاد العربي صامدا إلى الأبد بلا جدوى ، في وقت كان يفترض عليه أن يجول العواصم العربية الأسيوية منها و الإفريقية لإقناع رؤساء اتحاداتها بالمشاركة في البطولة المستأنفة و استغلال علاقاته الوطيدة بجلهم لتحقيق اكبر حضور .
كما كشفتكأس العرب تناقض في موقف روراوة ،ففي الوقت الذي يحرص فيه على إشراك الجزائر في مسابقات إقليمية أخرى على غرار كأس شمال إفريقيا أو بطولة إفريقيا الخاصة باللاعبين المحليين فان لا يولي نفس الاهتمام للبطولات العربية بدليل انه اعتذر عن إشراك أي منتخب وطني في الكأس الحالية و قبلها في كانون الأول من العام 2011 اعتذر أيضا عن إشراك المنتخب الرديف في الدورة ال12 للألعاب العربية التي جرت في العاصمة القطرية الدوحة رغم انه كان مبرمج له أن يشارك بعد تألقه في الشأن،فهل يمكن القول أن روراوة ينطبق عليه المثل الشائع يبيع القرد و يضحك على من يشتريه.
التعليقات