منتخب الجزائر

بدأت حمى المواجهة المغاربية بين الخضر وفرسان المتوسط تتصاعد في الوسط الرياضي الجزائري الإعلامي والشعبي مع بدء العد التنازلي لموعدها المقرر في التاسع من سبتمبر/أيلول المقبل.


تدخلالمواجهة الجزائرية-الليبيةفي إطار ذهاب الدور الحاسم من تصفيات كأس أمم أفريقيا 2013 التي ستقام نهائياتها كما هو معلوم في جنوب أفريقيا بعدما كان مقررا لها أن تقام في ليبيا قبل أن تغير الظروف السياسية والأمنية التيشهدتها الأخيرة منذ مطلع العام 2011 مكان إقامتها .

ورغم أن المواجهة بين المنتخبين ستلعب على مرحلتين إلا أن لقاء الذهاب يكتسي أهمية أكبرعلى أن نتيجته النهائية ستحدد نسبياًهوية المتأهل إلى النهائيات قبل الحسم النهائي في لقاء الإياب الذي سيقام في الجزائر شهر تشرين الأول.

ومنذ إجراء عملية القرعة مطلع شهر يوليو تحولت مباراة المنتخبين إلى مادة دسمة بالنسبة إلى الصحف و المواقع في البلدين التي وجدت فيها مجالا لتغطية حيّز هام ، فراحت تقدم تحليلات مختلفة لسيناريو المواجهة رغم أن الخبراء والمتابعين يؤكدون أنها ستكون مباراة عادية جدا والميدان هو الذي سيفصل في نتيجتها.غير أن جهات إعلامية تحاول إضفاء الطابع السياسي على المباراة ، من خلال تصويرها على أنها مواجهة بين منتخب يمثل نظاما ثوريًا جديدا و آخر يمثل نظاما يعاديه في المنطقة ، كما أن الجهات ذاتها تحاول الزج بالموقف السياسي للجزائر من الثورة الليبية في هذه المباراة ، حيث ترى أن مساندة الجزائر نظام القذافي البائد واستضافتها عدة أفراد من عائلتهوموقفها الغامض من الثورة سيفرض نفسه على المباراة ، والأمر نفسه ينطبق على المنتخب الليبي الذي يضم في صفوفه عددًا من اللاعبين المحسوبين على النظام السابق.

وبعد إجراء القرعة اندلعت في كواليس الاتحاد الأفريقي منافسة بين الاتحادين ، فالاتحاد الليبي حاول جاهدا خوض مباراة الذهاب في طرابلس أو بنغازي لتكون أول مباراة يلعبها زملاء الزوي على أرضهم منذالإطاحة بالقذافي والاستفادة من عاملي الأرض و الجمهور لكنه فشل في إقناع الكاف بتوفر الأمن في ليبيا خاصة مع استمرار التفجيرات والاعتداءات التي تؤكد عكس ذلك كما حدث قبل أيام مع المنتخب نفسه عندما حاولت جماعة مسلحة التعدي على بعض اللاعبين المحسوبين على نظام القذافي لطردهم من المنتخب ، و بعدما تيقن الجانب الليبي بان قبول الكاف إجراء هذه المباراة في ليبيا أمر مستحيل في الوقت الحالي بدأ يبحث عن بلد يستضيف المباراة دون أن يستفيد الجانب الجزائري ، وبعدما فاضل بين تونس والمغرب اختار الأخير حيث ستقام المقابلة على الأرجح على ملعب محمد الخامس في مدينة الدار البيضاء .ولم يكن هذا الاختيار عشوائيا بل فرضته جملة من المعطيات رآها الليبيون تخدمهم أو على الأقل لا تضمن انحيازا للجزائر ، فاختيار المغرب سيقلل من تدفق الجمهور الجزائري على هذا البلد على اعتبار أن التنقل إلى هناك ستقتصر على الجو ما دام أن الحدود البرية مغلقة بينهما منذ أغسطس 1994، وارتفاع تذاكر الطيران بينهما لا يخدم عشاق المحاربين عكس تونس حيث الحدود مفتوحة جوا و برا ووسائل النقل متوفرة لكافة الأطياف.

وحاولت ولا تزال تحاول عدة صحف جزائرية وأخرى ليبية معروفة عنها اصطيادها في المياه العكرة اجتهادها للدفع في اتجاه تكرار سيناريو الجزائر ومصر في تصفيات كأس العالم 2010 و عبر الخلط بين الرياضة و السياسة رغم الروابط الكثيرة التي تربط بين الأشقاء ، وتراهن على أن المباراة بين المنتخبين الشقيقين ستكون مباراة كراهية بامتياز ، و هو ما تؤكده الحوارات التي نشرت منذ إجراء عملية القرعة والتي تطلق عليها هذه الصحف صفة حصري رغم أن الجميع يعرف أنها مفبركة ، ورغم ذلك فالأسئلة التي تتضمنها تلك الحوارات لا تخلو من الطابع السياسي المرتبط كما قنا سلفا بموقف الجزائر من الثورة الليبية ، و هو ما حدث مع حوار أجراه المدافع الليبي علي سلامة مع صحيفة محلية وتناقلته أخرى جزائرية قال فيه لاعبو المنتخب الليبي سيأخذونفي الاعتبار الموقف السياسي المعادي لثورتهم ليكون دافعا معنويا لهم يساعدهم على تحقيق الانتصار .

وعلى عكس هذه المواقف المثيرة، فان العديد من المتابعين يرون في المباراة فرصة ذهبية يجب استغلالها سياسيا لتصفية الأجواء بين البلدين.

المنتخب الليبي في كأس العرب

وعلى صعيد المواجهات التاريخية لم يلتق البلدان على مستوى المنتخب الأول كثيرا حيث كانت ليبيا تعلن انسحابها في الكثير من التصفيات خاصة في نهاية الثمانينات، و آخر مواجهة رسمية بينهما تعود إلى صيف 1998 في الدور الأول من تصفيات كأس أفريقيا 2000 وعادت الغلبة للجزائر التي تفوقت ذهابا و إيابا ، غير أن المواجهة التي أثارت حفيظة الجزائريين و أسالت الكثير من الحبر كانت على مستوى الأندية عام 1985 في كأس أفريقيا للأندية البطلة بين الاتحاد وغالي معسكر الذي كان يلعب له النجم لخضر بلومي الذي تعرض لاعتداء من قبل المدافع الليبي أبو بكر باني اعتبره الإعلام الجزائري آنذاك متعمدا.أما آخر لقاء رسمي بينهما فيعود إلى ربيع 2010 بين رديف الخضر و رديف الفرسان في تصفيات كأس أفريقيا الخاصة باللاعبين المحليين وفازت الجزائر.

وبالنسبة إلى المواجهة المقبلة، فإن التكهنات تصبّ في خانة المنتخب الجزائري الذي استعاد الكثير من عافيته منذ تولي البوسني وحيد خليلوزيدش شؤونه التقنية في يوليو 2011 بدليل انه لم يخسر سوى مباراة واحدة من مالي و يحتل الصدارة العربية في ترتيب الاتحاد الدولي، وطريقة لعبه تطورت بشكل كبير خاصة الشق الهجومي منهافي ظل وجود أسماء لامعة على غرار نجم فالانسيا الاسباني سفيان فغولي و صانع الألعاب رياض بودبوز و النجم الصاعد بثبات المهاجم إسلام سليماني وأسماء أخرى بدأت تشق طريقها نحو التألق مستفيدة من التجربة البوسنية ، و يحاول خليلوزيدش تحقيق الهدف الأول و هو تأهيل الخضر لكأس أفريقيا بعدما غابوا عن الدورة الأخيرة في الغابون وغينيا الاستوائية ، و بعدها التفكير في الهدف الثاني و هو تأهيل المحاربين لنهائيات مونديال البرازيل 2014 ، لكن الربط بينهما أمر ضروري فتجاوز ليبيا سيمنح زملاء القائد مدحي لحسن شحنة معنوية كبيرة لمواصلة المشوار بنجاح . غير أن بلوغ هذا المسعى ليس بالأمر الهين ليس فقط بسبب قوة المنافس الليبي بل أيضا بسبب الصعوبات التي يواجهها الناخب البوسني قبل المباراة بأقل من شهر ، على رأسها عدم جاهزية العديد من العناصر التي تمثل كوادر المنتخب ، فحراسة المرمى أصبحت صداعا يؤرقه فالحارس الأساسي رايس مبولحي لم يجد بعد نادياينضم إليه وبقية الحراس الثلاثة عز الدين دوخة و سي محمد سيدريك ومحمد زماموش لم يتم اختبارهم بعد في أي لقاء رسمي منذ انتهاء الموسم ، كما أن محور الدفاع لا يزال شوكة في حلقه بعد العملية الجراحية التي خضع لها مجيد بوقرة و عدم فصل إسماعيل بوزيد في مستقبله لغاية اليوم .

وفضل خليلوزدش عدم خوض أي مباراة حبية استعدادا لليبيا مفضلا الاكتفاء بمعسكرين الأول ينطلق في ال22 و يستمر حتى نهاية الشهر الجاري و يقتصر الحضور على عشرة لاعبين محليين قبل أن يلتحق بهم بقية اللاعبين المحترفين الذين سيستدعيهم و ذلك في مركز سيدي موسى في الجزائر العاصمة ويستمر التربص لغاية التنقل إلى المغرب.

أما المنتخب الليبي فإن أحواله ليست على ما يرام و تخضع للظروف السياسية والامنية السائدة ، رغم الأداء الطيب الذي قدمه في البطولات التي شارك فيها منذ اندلاع الثورة سواء في نهائيات أمم أفريقيا 2012 رغم خروجه من الدور الأول ، أو في كاس العرب التي احتضنتها جدةالسعودية يوليو المنصرم عندما بلغ المباراة النهائية و خسر من المنتخب المغربي .

ومنذ اندلاع الثورة المناهضة للقذافي في فبراير توقفت منافسة الدوري المحلي ، لكن مدرب المنتخب سواء البرازيلي ماركوس باكيتا أو خلفه اربيش حاول تعويض ذلك بإجراء اكبر عدد ممكن من المعسكرات الخارجية و اللقاءات الودية لإبقاء اللاعبين في الحد الأدنى من الجاهزية البدنية تحسبا للاستحقاقات الرسمية ، كما يراهن اربيش و بشكل أساسي على ترسانة اللاعبين المحترفين خارج ليبيا التي أصبح يمتلكها بعد الثورة بسبب اضطرار الكثير من اللاعبين اللجوء إلى الاحتراف الخارجي لإنقاذ مسيرتهم ، فهو يمتلك حاليا تشكيلة تضم في صفوفها قرابة 15 لاعبا يلعبون بالخصوص في الدوري التونسي الذي لا يزال ساري المفعول عكس الدوري الجزائري ما يعني أن هؤلاء يتمتعون بجاهزية كافية .

وعلى عكس الخضر فان فرسان المتوسط سيخوضون مباراتين وديتين ضد المنتخبينالإثيوبي و السوداني ، وتحضيراً للقاء الجزائر دخل أشبال اربيش في معسكر طويل في ليبيا تخلله توقف اضطراري بعد مداهمة مجموعة مسلحة للملعب من اجل طرد عدد من اللاعبين المحسوبين على النظام البائد أبرزهم ربيع اللافي و عبد العزيز بريش و طالبت بإبعادهم من صفوف المنتخب كمطلب ثوري شعبي يجب تحقيقه و هو ما رفضه اربيش الذي اعتبر ذلك تدخلا في صلاحياته الفنية و من شأن تلك الحادثة خاصة في حال تكررت أن تؤثرفي معنويات اللاعبين وفي استعداداتهم ما يخدم مصلحة الخضر .