بعد ان تحدى الموت ونجا من حادث سيارة خطير جدا وتحطم طائرة كان فيها، اظهر رئيس بايرن ميونيخ الالماني اولي هونيس مجددا غريزة البقاء لديه وقدرته على تجاوز المصاعب وبقي على رأس الادارة الفنية لبطل الquot;بوندسليغهquot; رغم فضيحة تهربه من دفع الضرائب.

وترقبت جماهير بايرن ميونيخ ما سيخرج عن اجتماع المجلس الاشرافي للنادي البافاري اليوم الاثنين، حيث تقدم هونيس باستقالته بسبب التحقيق الذي فتح بحقه لاتهامه بالتهرب من الضرائب، لكن المجلس رفض الاستقالة وطلب منه مواصلة مهامه.

كان القرار الصادر عن المجلس الاشرافي بمثابة تجديد الثقة بالرجل البالغ من العمر 61 عاما والذي اعتقلته الشرطة الشهر الماضي ثم اطلقت سراحه بكفالة مالية قدرها 5 ملايين يورو، وذلك في اطار التحقيق بتهريبه امواله الى مصرف سويسري دون ان يدفع الضرائب عنها.

وفي ظل سعي بايرن ميونيخ لكي يصبح اول فريق الماني يتوج بثلاثية الدوري والكأس المحليين ودوري ابطال اوروبا حيث سيواجه غريمه المحلي بوروسيا دورتموند في النهائي المقرر في 25 الشهر الحالي على ملعب quot;ويمبليquot; في لندن، فان ابقاء هونيس في منصبه سيثير المزيد من الضجة الاعلامية والسياسية في عام تجرى فيه الانتخابات النيابية تحت عنوان مكافحة التهرب من الضرائب.

وتصدر هونيس، الفائز مع المانيا الغربية بلقب مونديال 1974، العنواين منذ ان اعترف في 20 نيسان/ابريل الماضي انه يملك حسابا مصرفيا في سويسرا اودع فيه الملايين دون ان يصرح عنها لسلطات الضرائب في بلاده.

ولم يسلم هونيس من انتقادات المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي اعربت عن خيبتها من رئيس بايرن ميونيخ الذي يعتبر من الشخصيات العامة المرموقة في بلاده والذي غالبا ما دعا رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم quot;فيفاquot; السويسري جوزف بلاتر للقيام بمجهود اكبر من اجل مكافحة الفساد في اروقة السلطة الكروية العليا.

ولطالما قدم هونيس الذي يملك معملا لتصنيع النقانق الالمانية الشهيرة quot;براتفورستquot;، رجل الاعمال المستقيم الذي يتمتع بالمبادىء التي جعلته ينتقد الطريقة التي تدير بها الاندية الاوروبية الاخرى اعمالها.

لكن رئيس النادي البافاري، المعروف باعماله الخيرية، اصبح حاليا محط سخرية الصحف الالمانية التي وصفته بالرجل الساقط اخلاقيا الذي quot;يعظ الناس بشرب المياه فيما يشرب هو النبيذquot;، وهو مثل الماني يشار فيه الى ازدواجية المعايير.

اعترف هونيس بان الفضيحة كانت quot;جحيماquot; عليه، وذلك في وقت يستمتع فيها بايرن باحد افضل مواسمه على الاطلاق بعد ان توج بلقب الدوري المحلي للمرة الثالثة والعشرين في تاريخه وبلغ نهائي الكأس حيث يواجه شتوتغارت ووصل الى نهائي دوري ابطال اوروبا بعد اكتساحه العملاق الاسباني برشلونة (4-صفر ذهابا و3-صفر ايابا).

ومع وصول المدرب الاسباني جوسيب غوارديولا الى النادي البافاري في الاول من تموز/يوليو المقبل، اي في نفس اليوم الذي يبدأ نجم دورتموند ماريو غوتسه مشواره مع النادي البافاري، يأمل المشجعون ان يحقق فريقهم نفس النجاح الذي حصده برشلونة مع بيب خلال المواسم الاربعة التي قضاها معه وقاده فيها الى 14 لقبا.

وكان هونيس خلف تعاقد بايرن مع غوارديولا في صفقة تعتبر الاكبر على الارجح في تاريخ النادي خصوصا ان المدرب الاسباني كان محط اهتمام عدة اندية انكليزية قادرة على دفع مبالغ طائلة للحصول عليه وعلى رأسها مانشستر سيتي.

منذ وصوله الى بايرن عام 1970 وهو في الثامنة عشرة من عمره، لم يتحمل هونيس ان يسمع اي انتقادات موجهة الى هذا الفريق الذي يعشقه، وقد وصل به الامر في بعض الاحيان الى التهجم على الصحافيين الذين وجهوا انتقادات او كتبوا مقالات تحمل نبرة انتقادية للنادي البافاري.

كان هونيس الذي خاض 35 مباراة دولية مع المانيا الغربية، من الركائز الاساسية الى جانب القيصر فرانتس بكنباور وquot;المدفعجيquot; غيرد مولر التي قادت بايرن الى الفوز بكأس الاندية الاوروبية البطلة ثلاث مرات متتالية بين 1974 و1976.

امضى هونيس حوالي تسعة اعوام في صفوف بايرن وفاز معه بلقب الدوري 8 مرات قبل ان تجبره الاصابة في ركبته على اعلان اعتزاله وهو فقط في السابعة والعشرين من عمره.

وعندما انتهت مسيرته كلاعب عام 1979، حافظ هونيس على نفس الحماس والشغف اللذين اظهرهما على ارضية الملعب وذلك في دوره الجديد كمدير للفريق، وعندما ترك بكنباور منصبه كرئيس للنادي عام 2009 كان هونيس جاهزا لاستلام المهمة بعد 30 عاما من التحضير.

وتحت قيادة هونيس، تبنى بايرن ثقافة مساعدة الاندية التي تعاني من ازمة مالية من خلال تنظيم مباريات ودية، وعندما واجه الغريم دورتموند خطر الافلاس عام 2005 هب للمساعدة من خلال اقناع ادارة فريقه باقراضه مليوني يورو من اجل دفع رواتب لاعبيه.

كما ساعد هونيس العديد من اللاعبين ايضا على تجاوز محنهم، اذ كان خلف دخول غيرد مولر الى عيادة متخصصة من اجل التخلص من ادمانه على الكحول بعد اعتزاله اللعب عام 1982. ثم اصبح مولر لاحقا مدرب الفريق الرديف في النادي البافاري.

كما تدخل هونيس لمساعدة سيباستيان دايسلر عام 2003 عندما اكتشف ان النجم الصاعد في النادي البافاري يعاني من مشاكل نفسية.

من المؤكد ان هونيس الذي نجا من الموت عام 1975 بعد تعرضه لحادث سير خطير ثم من حادث تحطم طائرة عام 1982 ادى الى مصرع ثلاثة من اصدقائه فيما وجد هو يترنح في احدى الغابات القريبة من موقع سقوط الطائرة، اصبح الان الشخص الذي يطلب المساعدة وليس الذي يقدمها لانه في وضع لا يحسد عليه بتاتا بعد هذه الفضيحة التي ستحرمه من النوم لاشهر طويلة وقد تدفعه في نهاية المطاف الى التخلي عن منصبه.