يبدأ الاتحاد الدولي (فيفا) حقبة جديدة من دون السويسري جوزيف بلاتر الذي بسط نفوذه الواسع على مقاليد السلطة كرة القدم العالمية لاعوام طويلة، وذلك مع انتخاب السويسري الايطالي رئيسا جديدا الجمعة في زوريخ.
&
وكان العجوز السويسري، الذي يبلغ الثمانين بعد أقل من اسبوعين، يأمل بوداع أفضل للمنظمة الاحب على قلبه التي يعمل فيها منذ نحو اربعين عاما، اذ بدأ كموظف ثم تولى الامانة العامة وكان اليد الطولى للرئيس السابق البرازيلي جواو هافيلانج.
&
وكان بلاتر الغائب الابرز عن الجمعية العمومية غير العادية الجمعة.
&
وخرج بلاتر من الباب الضيق لفيفا، حيث كان رئيسا منذ 1998 حتى استقالته المفاجئة تحت ضغوط فضائح الفساد المتتالية في الثاني من حزيران/يونيو الماضي، أي بعد أربعة ايام من اعادة انتخابه رئيسا لولاية خامسة على التوالي، بعد الفوز على الاردني الامير علي بن الحسين الذي انسحب قبل الجولة الثانية من التصويت.
&
ولا تزال تداعيات تلك الانتخابات مستمرة حتى الان، فقبل يومين من التصويت، وتحديدا في 27 ايار/مايو 2015، اقتحمت الشرطة السويسرية الفندق الرسمي للوفود واعتقلت بناء على طلب من القضاء الاميركي مسؤولين بارزين أهمهم جيفري ويب من جزر كايمان الذي كان في حينها رئيسا للكونكاكاف ونائبا لرئيس الفيفا، كما وجهت التهم الى مسؤولين آخرين، وشركاء في شركات للتسويق الرياضي.
&
طالب الاتحاد الاوروبي الذي كان داعما للامير علي بتأجيل الانتخابات، لكنها اجريت وفاز فيها بلاتر، قبل ان يضطر الى وضع استقالته بتصرف الجمعية العمومية لانتخاب خلف له في السادس والعشرين من شباط/فبراير 2016.
&
قاوم السويسري كل الضغوط عليه لترك منصبه فورا، مصرا على انه سيزاول مهماته حتى يوم التصويت، لكن الوقائع كانت أقوى منه هذه المرة.
&
وسارت الرياح القوية بعكس سفينة بلاتر الذي كان يتباهى دائما بأنه ربان ماهر يوصل السفينة الى بر الامان، فأوقف مع الفرنسي ميشال بلاتيني لمدة 90 يوما في البداية قبل ان يصدر الحكم بوقفهما في 21 كانون الاول/ديسمبر الماضي لمدة ثماني سنوات عن مزاولة اي نشاط كروي، خفضت قبل يومين الى ست سنوات، بعد تسريب حصول الفرنسي على مبلغ مليون دولار من السويسري في 2011 عن عمل استشاري قام به الاول للثاني بين 1999 و2002 بعقد شفهي.
&
واجه السويسري ظروفا عصيبة بعد قرار الايقاف، ودخل الى المستشفى "لانه لم يتحمل الضغوط النفسية عليه"، وبدأ مع بلاتيني رحلة صعبة لتغيير الحكم وقد مثلا قبل ايام أمام لجنة الاستئناف التابعة للفيفا.
&
وتوجه "سيب" الثلاثاء الماضي بسرية تامة الى المبنى الذي سيطر فيه على كرة القدم العالمية لفترة طويلة، وصل في الساعة السابعة والنصف صباحا (السادسة والنصف بتوقيت غرينيتش) الى مقر الفيفا بعيدا عن انظار الصحافيين لحضور الجلسة الشفوية الحاسمة التي كانت مقررة في تمام الساعة التاسعة صباحا، وفقا لعضو أمن المقر الرئيسي للفيفا الذي اكد ان بلاتر خرج سرا من الباب الخلفي نحو الساعة الخامسة بعد الظهر.
&
وهو ردد كلمات معبرة جدا تؤكد نهاية نفوذه خاصة بعد بدا عليه الوهن مع انه كان متألقا في الانتخابات الماضية بقوله "الرحيل الذي يدبرونه لي محزن، لكن ما بالامكان فعله؟ هناك حالات لا تملك السلاح لمواجهتها، وفجأة لم يعد لديك اي اصدقاء" وذلك في مقابلة مع راديو مونتي كارلو "ار ام سي".
&
وتابع "لقد طورنا كرة القدم خلال فترة 40 عاما ولم تصل سابقا الى المستوى الذي اصبحت عليه الان، ويكفي ان تنظروا الى مسابقة دوري ابطال اوروبا لتعرفوا المستوى الذي وصلت اليه كرة القدم".
&
لكنه حيد نفسه على ما يبدو عن الانتخابات لتحديد خليفته بالقول "لا يمكنني التحيز لاحد، هذا أمر مستحيل. ليس من شأني التدخل في هذه المسألة"، كاشفا ان اربعة من المرشحين الخمسة تحدثوا اليه وبأن عدة اتحادات اتصلت به للوقوف على رأيه بشأن المرشح الذي يجب التصويت له"، مضيفا "قلت لهم: +صوتوا لمن تريدون، لمن ترونه بروحكم وثقتكم الافضل بالنسبة لفيفا".
&
وبقي بلاتر في آخر تصريح له مصرا على القول انه "لو منحت الولايات المتحدة حق استضافة مونديال 2022 لكان امضى الولاية الخامسة على رأس الفيفا بهدوء"، مكررا ما سبق ان اعلنه مرارا عن "ترتيب دبلوماسي" لمنح كأس العالم 2018 لروسيا و2022 للولايات المتحدة.
&
وفازت قطر باستضافة مونديال 2022 بعد تفوقها في الجولة الاخيرة من التصويت على الولايات المتحدة.