تتعلق مارسيا ليموش، البالغة من العمر 59 عاما، ببريق امل ضئيل وتحلم بالمحافظة على منزلها وسط احتمال شبه مؤكد بان تخسره لانه يقع في قلب الحديقة الاولمبية المخصصة لالعاب ريو دي جانيرو 2016.
&
تجسد السيدة ليموش "الاثار الجانبية" لاستضافة الاحداث الكبيرة لان القائمين على العاب ريو 2016 يريدون تحويل المنزل الذي ترعرع فيها اولادها الثلاثة الى مرآب.
&
وحتى تبدأ الجرافات بتدمير هذا المنزل الذي سكنت فيه لمدة 15 عاما، سيبقى عنوان السيدة ليموش: 68، جادة اوتودرومو.
&
ادركت السيدة ليموش ان الامور جدية للغاية عندما قطعوا الكهرباء والغاز عن منزلها، فحزمت حقائبها وانتقلت للعيش عند والدتها البالغة من العمر 82 عاما في احدى الضواحي البعيدة عن المدينة التي تستضيف اول العاب اولمبية في اميركا الجنوبية من 5 الى 21 اب/اغسطس المقبل.
&
لكن السيدة ليموش لم تهجر منزلها الذي يتميز بواجهته الخضراء وابوابه البيضاء، بل تزوره كل يومين للوقوف على حاله بعد ان كانت شاهدة على تدمير جميع المنازل المحيطة به من اجل افساح المجال امام المنشآت المخصصة لهذا الحدث الكبير الذي يقام كل اربعة اعوام.
&
ولم تعد السيدة ليموش ترى جيران الامس بل كل ما تراه هو عمال المنشآت الذين اصبحوا الجيران الجدد.
&
"انا الان المقيمة الوحيدة في الحديقة الاولمبية. هل تعتقدون بانهم سيسمحون لي بالبقاء؟ حبذا لو يتحقق هذا الامر، لكن..."، هذا ما قالته السيدة ليموش في مقابلة مع وكالة فرانس برس، مضيفة: "حتى لو كان هناك امكانية ضئيلة جدا، اقل من 1%، فسأتعلق بها. لا اريد ان يتحول منزلي الى مرآب"، مؤكدة بانها ستواجه اي امر بطردها من منزلها.
&
وتحتاج السيدة ليموش الى تصريح خاص من اجل شق طريقها الى منزلها وسط المنشآت الضخمة التي شيدت من اجل هذا الحدث وهي تمر بين العاملين الذين يحيونها بود بعدما اصبحوا جيرانها الجدد.
&
وبعد ان تمر بنقطة امنية، يقوم احد رجال الامن بمرافقتها حتى باب منزلها ثم يبقى هناك حتى خروجها منه.
&
- لا اتفاق -
&
ورثت السيدة ليموش منزلها من عرابها عندما كانت المنطقة، المعروفة بفيلا اوتودرومو، حيا من احياء مدن الصفيح المعروفة بـ"فافيلا" والتي تسكن فيها الطبقات العاملة، لكن من دون مشاكل الجريمة والمخدرات التي تجتاح المناطق الفقيرة الاخرى المشابهة.
&
كانت فيلا اوتودرومو التي بنيت بجانب بحيرة خلابة، تعتبر مكانا جيدا للعائلات واحتضنت حوالي 600 نسمة لكنها تقع الان في مسار مشروع لبناء الحديقة الاولمبية بالقرب من القرية الاولمبية وبالتالي، وبعد عقود من الطمأنينة والهدوء، اضطر المجتمع هناك الى اختبار التفكك الموجع عاطفيا.
&
وافق معظم السكان على تعويضات هامة من مكتب رئيس البلدية، اما نقدا او باستبدال منازلهم بشقق سكنية في مجمع جديد بني خصيصا لذلك.
&
والسيدة ليموش كانت واحدة من بين عدد قليل من السكان الذين تمسكوا بمنازلهم وحاربوا المدينة في المحاكم وفي بعض الحالات اضطروا حتى الى مواجهة شرطة مكافحة الشغب من اجل الوقوف في وجه الجرافات القادمة لتدمير منازلهم.
&
"عرضوا علي 900 الف ريال (حوال 225 الف دولار اميركي)، لكن بامكانهم ان يذهبوا الى الجحيم"، هذا كان موقف السيدة ليموش التي زعمت بان الحكومة لم تعطها خيار الحصول على شقة بدل منزلها وبان باقي الجيران عرضت عليهم مبالغ اكبر بكثير من اجل اخلاء منازلهم.
&
وتابعت: "الحقيقة هي اني لا اريد الرحيل، انا سعيدة هنا".
&
شاهدت السيدة ليموش الحي يتلاشى وقد دمر منزل جارها بدرو بيرتو الاسبوع الماضي ومنزلها هو الثاني والاخير على اللائحة.
&
- مصير اولمبي -
&
منذ ان حصلت ريو في 2009 على حق استضافة الالعاب الصيفية، ادركت السيدة ليموش التي انتقل اولادها الثلاثة للعيش مع اصدقائهم ولم يبق في المنزل سوى الدجاجة "تيريري" والسلحفاة "فوسكا"، بان مصيرها قد حسم على الارجح بهذا القرار.
&
"كنا نأمل جميعنا بان تخسر ريو (سباق الاستضافة) لاننا كنا نعلم ما سيحصل"، هذا ما اعترفت به هذه السيدة التي تبدو مستعدة للنهاية لانها افرغت حوض السباحة من المياه ولم يبق في منزلها سوى القليل من المفروشات.
&
"من المحزن جدا جدا ان اراه (المنزل) يتقلص الى ما وصل عليه"، هذا ما قالته بغضب شديد، مضيفة: "لن اذهب لمشاهدة الالعاب الاولمبية حتى وان اعطوني كل التذاكر، سأمزقها. ما اريده حقا هو تجميع منزلي مجددا. العودة الى هنا. ان اعيش واموت وادفن هنا".