يبدو ان المهاجم الدولي جيمي فاردي الذي حقق موسما تاريخيا مع ليستر سيتي وقاده الى الفوز بلقب الدوري الانكليزي الممتاز للمرة الاولى في تاريخه، يسعى للبناء على تجربته الشخصية من اجل منح الفرصة للاخرين للسير على خطاء وذلك من خلال اطلاقه اكاديمية "في 9".

ويسعى فاردي (29 عاما) من خلال اطلاق اكاديمية خاصة به الى التأكيد ان احدا لا يعلم ما يخبىء له المستقبل وان على الجميع القتال من اجل تحقيق الحلم مهما كانت الحواجز التي تواجهه، مستندا في ذلك على ما اختبره شخصيا خلال مشواره "الخرافي".

يريد فاردي ان يمنح الفرصة للاعبين الهواة الذين لا يملكون الامكانية او العلاقات التي تخولهم تلقي التمارين المناسبة لكي يصبحوا نجوما.

واكد فاردي في مؤتمر صحافي في ملعب "كينغ باور ستاديوم" الذي كان هذا الموسم مسرحا لقصة "خيالية" بالنسبة لليستر، "قيل لي اني كنت صغير القامة، اني لم اكن جاهزا بدنيا".

وصارع ليستر الموسم الماضي لتجنب الهبوط الى الدرجة الاولى ثم وجد نفسه في 2016 متربعا على عرش الدوري الممتاز بعدما تفوق على فرق عملاقة مثل ارسنال ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتوتنهام.

وتابع: "لا اعتقد بانه يصح القول لاحد في عمر الخامسة عشرة او السادسة عشرة انه ليس جيدا بما فيه الكفاية لان ما زال امامه الكثير من الوقت لكي ينمو ويتطور. هذا هو السبب (الذي دفعه الى افتتاح اكاديمية). على الارجح ان هناك المئات الذين قرروا التخلي عن اللعب لانه سمعوا الحديث ذاته".

وواصل: "نأمل بان نجدهم وندخلهم الى الاكاديمية من اجل مساعدتهم على التقدم. انا نجحت في تحقيق هذا الامر. انها (الاكاديمية) موجودة هناك من اجل ان يرى الناس انه بالامكان تحقيق هذا الامر. ان اللاعبين الذين سينضمون، واذا عملوا بجهد كبير - سيتطلب الامر جهدا كبيرا ولن يكون سهلا - سيحصلون على فرصة التمرن بقيادة مدربين بحسب مقاييس الدوري الانكليزي الممتاز. بامكاننا ان نمنحهم فرصة تحقيق الخطورة الانتقالية" من الهواية الى الاحتراف.

وتبدأ الاكاديمية التي ستكون مجانية ودون رسوم اشتراك، باستقبال الطلبات هذا الشهر على ان يحتضن مركز التمارين الخاص بمانشستر سيتي الحصص التدريبية خلال توقف الموسم.

وستشمل الدفعة الاولى 42 لاعبا تتراوح اعمارهم بين 17 و33 عاما، وهم سيلتحقون بالاكاديمية العام المقبل.

ويمول فاردي جزءا من المشروع وهو يطمح لان تحقق اكاديمية "في 9" الاكتفاء الذاتي مستقبلا.

ومن المؤكد ان الخطوة التي قام بها فاردي تظهر انه شخص لا ينسى ماضيه، فقصة هذا اللاعب فريدة من نوعها وذلك لانه في عصر يتم فيه التعاقد مع اليافعين قبل ان يتمكنوا حتى من اتقان "فن" ربط شريط الحذاء، نجح لاعب ليستر سيتي في فرض نفسه على كبار الدوري الممتاز رغم سلوكه دربا مختلفا تماما.

فقبل خمسة اعوام، كان فاردي لاعبا هاويا يدافع عن الوان ستوكسبريدج بارك ستيلز في الدرجة السادسة الانكليزية (السابعة فعليا) الى جانب عمله بدوام جزئي في مصنع للجبائر الطبية.

ومن المؤكد ان فاردي لم يكن يحلم حتى بأن يصل به الامر لان يدافع عن الوان المنتخب الانكليزي لكن هذا الامر تحقق هذا الموسم بعدما وضع ليستر على صدارة الدوري للمرة الاولى منذ اوائل موسم 2000-2001 ثم بقي متربعا عليها حتى توج في نهاية المطاف باللقب.

"انه مثال لكل لاعب طموح"، هذا ما قاله سابقا قائد ليستر السابق ستيف وولش عن فاردي الذي دخل تاريخ الدوري الممتاز بعدما اصبح اول لاعب يجد طريقه الى الشباك في 11 مباراة متتالية منذ انطلاق الدوري الممتاز موسم 1992-1993.

ولم يكن فاردي الذي تخلى عنه شفيليد ونزداي حين كان في الخامسة عشرة من عمره بسبب صغر قامته حينها، يتصور انه سيصل الى هنا وان تتم مقارنته من قبل مدربه الايطالي كلاوديو رانييري بالهداف الارجنتيني غابرييل باتيستوتا، ومن قبل هداف ارسنال السابق ايان رايت بالايطالي سلفاتوري سكيلاتشي الذي احرز لقب هداف مونديال 1990 بعدما كان بديلا.

وبعد ان ترك شيفيلد ونزداي، بقي فاردي بعيدا عن كرة القدم لفترة متفرغا لدراسة علوم الرياضة في جامعة محلية قبل ان يجد نفسه مع ستوكسبريدج حيث شق طريقه في الصفوف العمرية للنادي.

"كان اول الحاضرين الى التمارين وآخر من يرحل"، هذا ما يتذكره رئيس ستوكسبريدج الن بيثيل عن فاردي، مضيفا: "كان ايضا حياة وروح الحفلة..."، في اشارة الى حماسه وحيويته.

ولم يكن فاردي في بداياته بالشخص الرصين، بل عرف بطباعه "النارية" اذ طرد في 4 مناسبات خلال موسمه الاخير مع الفريق، ما دفع بشيفيلد يونايتد الى العدول عن فكرة ضمه.

ولم تنحصر مشاكل فاردي بالمباريات وحسب، بل اضطر لوضع سوار الكتروني بعد الساعة السادسة والنصف مساء من اجل تحديد مكان تواجده، وذلك بعد ان اعتدى على شخص في وقت متأخر من الليل. وحظر التجول هذا، اجبره على عدم اكمال المباريات لانه مضطر للعودة الى منزله قبل هذا التوقيت.

وترك فاردي ستوكسبريدج وانضم الى هاليفاكس تاون عام 2010 ومن الاخير الى فليتوود تاون عام 2011 قبل ان يحط في ليستر عام 2012 مقابل مبلغ قياسي للاعب قادم من فريق هاو وقدره 4ر1 مليون يورو.

ومنذ ذلك الحين، بدأت المسيرة التصاعدية لهذا اللاعب الذي سجل 16 هدفا في الموسم الذي عاد فيه ليستر الى دوري الاضواء ثم اضاف 6 في موسمه الاول بين الكبار، بينها هدف في المباراة التي فاز فيها ليستر على مانشستر يونايتد 5-3، وتواصل تصاعده هذا الموسم (24 هدفا) ما فتح الباب امامه للانضمام الى المنتخب الانكليزي الذي استدعي اليه لاول مرة في حزيران/يونيو الماضي.

والنجاج الذي حققه فاري هذا الموسم لن يدفعه الى نسيان الماضي: "عليك الا تنسى ابدا ايام اللعب مع الهواة... سواء كانت جميلة او سيئة، فالجذور التي تأتي منها تبقي قدميك على الارض".