اذا اراد المرء النظر في "الغلاف" دون تعمق في الصفحات الداخلية، يبدو المالك الجديد لنادي استون فيلا الهابط هذا الموسم الى دوري الدرجة الاولى الانكليزي، رجل اعمال صاحب شهادات عليا وله علاقات سياسية قوية، لكن هناك تساؤلات اثيرت بشأن الخلفية الاكاديمية لتوني شيا.

كان شيا، واسمه الصيني هو شيا جيانتونغ، مجهولا بالنسبة للعالم الخارجي كما حال مجموعته "ريكون غروب" قبل شراء استون فيلا مقابل مبلغ قدر بحوالي 87 مليون دولار.

تظهر السيرة الذاتية لشيا، المنحدر من جيجيانغ المعروفة بانها مهد الشركات الخاصة في الصين، بأنه "يحكم" امبراطورية من الشركات الكبرى تتراوح اختصاصاتها من الصحة ومصادر الطاقة الجديدة الى الخدمات المالية والسياحية، وتتجاوز الاصول المالية لمجموعة "ريكون" المئة مليار يوان (15 مليار دولار) بحسب موقعها على شبكة الانترنت.

ويشكل دخول شيا الى عالم كرة القدم العالمية من بوابة استون فيلا جزءا من "الهجوم" الصيني على الاسواق الكروية الاجنبية وفي اطار مشروع طموح تأمل الصين بأن يقودها الى الفوز بكأس العالم.

ولا شك بان السخاء الصيني في التعاقد مع نجوم كبار لتعزيز الدوري المحلي لكرة القدم، يعكس هذا الطموح وتلك الرغبة واقبال رجال الاعمال والاثرياء على الاستثمار في كرة القدم في الداخل والخارج يشكل جزءا في اطار المشروع المتنامي.

ففي اواخر نيسان/ابريل الماضي، عرضت مجموعة من المستثمرين الصينيين شراء نادي ميلان الايطالي، احد الاصول البارزة التي يملكها رئيس وزراء ايطاليا السابق سيلفيو بيرلوسكوني، في مقابل نحو 700 مليون يورو تشمل الديون.

و"الهجوم" الصيني على الاستثمار الكروي محليا وعالميا يأتي في صلب "ارادة" رئيس البلاد شي جينبينغ الراغب بان تصبح الصين قوة عظمى كرويا، وهو ارسى الخطوات الاولى على هذا الصعيد عام 2012 حين كان نائبا للرئيس، وتابع هذه المسيرة منذ ان تولى مقاليد الحكم في آذار/مارس 2013، تزامنا مع تنفيذ برامج التطوير على اكثر من صعيد.

وقد طرح العام الماضي "برنامجا وطنيا" يتضمن خمس نقاط، ومن اهدافه ايجاد 50 الف مدرسة للعبة في غضون 10 سنوات، يترافق مع جعل المنتخب الذي يحتل الموقع الـ96 عالميا والذي تأهل اخيرا الى الدور الحاسم من التصفيات الاسيوية المؤهلة لكأس العالم 2018، قادرا على العبور للنهائيات للمرة الاولى منذ 2002، فضلا عن التحضير للترشح لتنظيم نسخة من المونديال وحصد اللقب في حدود عام 2034.

ويبدو ان المالك الجديد لاستون فيلا مع "ريكون" على علاقة بالرئيس الطموح رياضيا اذ تشير المجموعة الى انها استضافت شي جينبينغ وفي موقعها الرسمي هناك صورة له في الشركة التقطت عام 2005 حين كان امين عام الحزب الشيوعي الحاكم في مقاطعة جيجيانغ الشرقية.

وهناك صورة اخرى تظهر رئيس الحكومة لي كيكيانغ في جولة شركة تابعة لـ"ريكون"، وثالثة تظهر زعيما شيوعيا اخر بشخص جانغ ديجيانغ يقوم بزيارة الى الشركة ويشيد بجهودها.

لكن شيا ليس ظاهرا في اي من هذه الصور على الرغم من كونه رئيس مجلس ادارة الشركة والرئيس التنفيذي والمالك ايضا، والبحث الذي اجرته وكالة فرانس برس لم يجد تقارير اخبارية صينية عن اي من هذه الزيارات الثلاث.

وفي اعلانه عن عملية بيع النادي، قال استون فيلا ان "ريكون": "تملك حصة مسيطرة في خمس شركات عامة مساهمة عامة مدرجة في هونغ كونغ والبورصات الصينية"، وموقع الشركة يقول الامر ذاته لكنه يسمي شركة واحدة من الشركات التابعة للمجموعة وهي "لوتوس هيلث غروب".

وتدعي الشركة بانها ثاني اكبر منتج في العالم لاحدى المواد المضافة في الاغذية، الغلوتامات الاحادية الصوديوم، لكنها خسرت 78 مليون دولار العام الماضي وفقا لبيان من بورصة شنغهاي حيث الشركة مدرجة.

"الحياة عبارة عن سباق ماراتون وبناء الشركة هو سباق تحمل ايضا"، هذا ما قاله شيا العام الماضي في مدونته الشخصية.

- المزيد من الشكوك والغموض -

ومن المؤكد ان اعادة استون فيلا الى الدوري الممتاز سيكون بمثابة سباق تحمل بالنسبة لشيا الذي يقال بان عشقه لكرة القدم نابع من واقع انه مارس اللعبة كمهاجم ايام الدراسة لكن هناك اشارة يتيمة في موقع الشركة يتحدث عن خلفيته الدراسية، وتقول بانه درس هندسة المناظر الطبيعية في جامعة "بكين فورستري يونيفرسيتي".

لكن وبحسب السيرة الذاتية التي نشرها استون فيلا، فشيا مر بعد ذلك بجامعات عالمية كبيرة هي هارفرد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "ام اي تي" واوكسفورد كما انه مؤلف وناشر وقد اصدر كتابا عن التخطيط الحضري معروضا للبيع على موقع امازون بنسخته الصينية وزبونه الوحيد اعطاه في تقييمه للكتاب خمس نجوم.

وهناك شكوك ايضا تحيط بمصداقية شيا وخلفيته الاكاديمية، وفانغ جوزي من اكثر الاشخاص المشككين بشيا.

ففانغ، الذي يعمل على منصة مخصصة لفضح الغش الاكاديمي مثل الانتحال، يشكك بالتقارير الصينية المتعددة التي نقلت ادعاء شيا بانه اصغر بروفيسور مر في تاريخ جامعة هارفرد.

وحاول شيا تدارك الوقف وصحح معلومات وسائل الاعلام بقوله ان الذي صدر عن الاخيرة مبالغ به وهو لم يكن سوى مساعد بروفيسور في هذه الجامعة العريقة.

كما هناك لغط حول عمره، فمدونته على موقع "ويبو"، النسخة الصينية لتويتر وفايسبوك، تشير وبحسب تاريخ ميلاده بانه في التاسعة والثلاثين من عمره، لكن التقرير السنوي الذي صدر في نيسان/ابريل الماضي عن احدى الوحدات المدرجة تحت لواء "ريكون" يشير الى انه في الحادية والاربعين من عمره.

الامر المؤكد ان شيا انضم الى مجموعة من الاثرياء الصينيين الذين "غزوا" عالم كرة القدم في الاعوام الاخيرة وعلى رأسهم وانغ جيانلين، الضابط السابق في جيش التحرير الشعبي والرجل الغني المتربع على عرش امبراطورية تقدر بـ100 مليار دولار (89 مليار يورو).

فصاحب مجموعة "واندا" الناشطة في مجالات العقارات والتجارة وصناعة الترفيه ومن ضمنها اكبر شركة رياضية في العالم، وقع اخيرا عقد رعاية مع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" جاني انفانتينو، يسري مفعوله في النسخات الاربع المقبلة من كأس العالم وذلك في اطار تمهيد الطريق امام طموح الصين بتنظيم هذا الحدث الكبير.

وكان جيانلين اشترى 20 في المئة من اسهم اتلتيكو مدريد في العام الماضي في مقابل 45 مليون يورو. كما حصل على وكالة التسويق "اينفرونت" في مقابل 05ر1 مليار يورو وتعتبر من اكبر شركات الاعلام والتسويق الرياضيين، وكانت تدير حقوق "فيفا" في كأسي العالم 2002 و2006، كما ترتبط بشراكة عمل مع الاتحادين الدوليين للتزلج والهوكي على الجليد والدوري الايطالي لكرة القدم والدوري الصيني لكرة السلة.

من جهته استثمر جاك ما، ثاني اغنى اغنياء الصين ومؤسس موقع "علي بابا" للتسوق الالكتروني، 160 مليون يورو في حزيران/يونيو 2014 لشراء نصف اسهم غوانغجو ايفرغراند، الذي اضحى وفق وكالة "الصين الجديدة" اغلى ناد في العالم، اذ تقدر اصوله بـ 05ر3 مليار يورو، متقدما على ريال مدريد الاسباني ومانشستر يونايتد الانكليزي.