ارادت البورتوريكية مونيكا بويغ ان يكون تتويجها بذهبية مسابقة كرة المضرب لفردي السيدات في اولمبياد ريو 2016 رسالة الى المرأة اللاتينية ان بامكانها تحقيق اي شيء تريده اذا كانت تتمتع بالتصميم والارادة.

لكن الانجاز الذي حققته بويغ السبت بمنح بلادها ذهبيتها الاولى على الاطلاق في الالعاب الاولمبية، قد لا يكون كافيا حتى لها من اجل الخروج من ظل الملاكمين ولاعبي البايسبول او... ريكي مارتن نجم الغناء العالمي الذي غرد السبت وهنأ مواطنته قائلا: "اليوم ودون ادنى شك، بلادي بورتوريكو هي اسعد جزيرة في العالم".

وكانت بويغ فخورة تماما لكونها اول امرأة من الجزيرة الواقعة في الكاريبي وتحت سلطة الولايات المتحدة منذ 117 سنة، تتوج بميدالية اولمبية وهي قالت بهذه الصدد: "انا فخوري جدا لكوني امثل المرأة اللاتينية وامل ان اكون الهاما لجميع النسوة اللاتينيات من خلال اظهار ان كل شيء يمكن تحقيقه في هذه الحياة".

وجاء تتويج اللاعبة البورتوريكية التي تحتفل بميلادها الثالث والعشرين اواخر الشهر المقبل، بالذهب الاولمبي رغم انها لا تملك في سجلها سوى لقب يتيم توجت به عام 2014 في دورة ستراسبورغ الفرنسية.

وتغلبت بويغ في النهائي السبت على الالمانية انجيليك كيربر المصنفة ثانية 6-4 و4-6 و6-1، وما يزيد من اهمية الانجاز ان بويغ كانت تواجه لاعبة في قمة عطائها خصوصا ان منافستها توجت في اوائل الموسم الحالي بلقبها الاول في الغراند سلام بعد تغلبها على الاميركية سيرينا وليامس في نهائي استراليا المفتوحة قبل ان تخسر امام الاخيرة بالذات في نهائي ويمبلدون قبيل السفر الى ريو.

وتملك كيربر (28 عاما) في سجلها 8 القاب اخرى وخاضت في مسيرتها 21 مباراة نهائية في دورات رابطة المحترفات، في حين ان بويغ لم تخض سوى مباراتين نهائيتين عام 2014 في ستراسبورغ حين توجت بلقبها الاول والوحيد على حساب الاسبانية سيلفيا اسبينوسا، والعام الحالي في دورة سيدني حين خسرت امام الروسية سفتلانا كوزنتسوفا.

ورغم انها ولدت في سان خوان، امضت بويغ معظم حياتها في ميامي الاميركية وهي تحدثت السبت بعد التتويج بلهجة اميركية تخفي اي اثر لجذورها البورتوريكية اللاتينية.

وقد سلط تتويج بويغ الضوء على بورتوريكو ووضعها كأرض تابعة للولايات المتحدة وليست دولة كاملة الاستقلال، والبورتوريكيون يعتبرون مواطنين اميركيين لكنهم لا يحظون بحق التصويت في الانتخابات الرئاسية وليس لهم اي ممثل في الكونغرس الاميركي، وهم لا يدفعون ضرائب فدرالية الا اذا كانوا مقيمين على الارض الاميركية.

واذا اراد المرء التعمق في التداخل الاميركي-البورتوريكي على صعيد الرياضي، فبويغ ليست الرياضي الاول من هذه الجزيرة الذي ينال الذهب الاولمبي لقد سبقتها الى ذلك لاعبة كرة المضرب ايضا جيجي فرنانديز التي احرزت ذهبية زوجي السيدات مرتين عامي 1992 و1996 لكنها، ورغم انها ولدت في سان خوان ايضا، كانت تدافع عن الوان الولايات المتحدة.

وجيجي فرنانديز ليست الرياضية الوحيدة من اصل بورتوريكي التي سبقت بويغ الى الذهب الاولمبي، فهناك ايضا ليزا فرنانديز التي نالت ثلاث ذهبيات اعوام 1996 و2000 و2004 في رياضة السوفتبول لكن مع المنتخب الاميركي كما حال جيسيكا ستيفنز (فضية وذهبية في كرة الماء عامي 2008 و2012) وشقيقتها ماغي ستيفنز (ذهبية كرة الماء عام 2012) ولوري هرنانديز (ذهبية في الجمباز خلال العاب الحالية).

كما هناك نجم كرة السلة وقائد المنتخب الاميركي في ريو 2016 كارميلو انتوني الذي يتحدر من الجزيرة وهو يسعى الى ذهبيته الاولمبية الثالثة على التوالي مع الاميركيين.

لكن بويغ هي صاحبة الذهبية الوحيدة على الصعيد الرسمي بالنسبة لبورتوريكو التي رفعت رصيدها الى 9 ميداليات في تاريخها (ذهبية وفضيتان و6 برونزيات).

وكشفت بويغ ان "جيجي (هرنانديز) هنأتني، انها بمثابة الهام لي"، مضيفة: "كل من ينال ميدالية يكون مصدر الهام لكني سعيدة جدا وحسب لكوني اول امرأة بورتوريكية تفوز بالذهبية".

وتابعت: "لطالما كنت مخلصة 100% للمكان الذي ولدت فيه والجذور التي ربتني. ما زال لدي عائلة في بورتوريكو وانا ازورهم بشكل متواصل. هذه الجزيرة اعطتني الكثير. الكثير من الحب والمساندة طيلة مسيرتي وكل ما اردته هو ان امنحهم اياها (الذهبية)".

وسبق لبويغ ان تحدثت الجمعة بعد فوزها في نصف النهائي على التشيكية بترا كفيتوفا، عما ستعني لها الذهبية قائلة: "سيكون امرا لا يصدق. سيكون اعظم شرف ممكن لكني اقوم به من اجل بلدي اكثر من نفسي. الالعاب الاولمبية لا تتعلق بي بل ببورتوريكو واعلم تماما مدى رغبتهم بذلك (الذهبية)".

وقد نجحت بويغ في تحقيق امنية ابناء "الجزيرة التي تسمع الاخبار السيئة طيلة الوقت، وبالتالي عندما تكون هناك مباراة او احد من الجزيرة يفوز بميدالية ما، كل شيء يتوقف. انا اعلم حجم السعادة التي يشعر بها الناس (عند الفوز)، وبالتالي هذه (الميدالية) ليست لي" بحسب ما اضافت الجمعة.

وتمر بورتوريكو بازمات متلاحقة ان كانت اقتصادية حيث ترزخ حاليا تحت وطأة الديون التي تبلغ حوالي 70 مليار دولار، او سياسية حيث يطالب البعض بان تصبح بورتوريكو ولاية من الولايات الاميركية، او حتى صحية.

كشف في ايار/مايو الماضي ان ما معدله 50 امرأة باليوم تصاب بفيروس زيكا ما يرفع مخاطر كثرة الاطفال الذين يولدون وهم مصابون بمرض صغر الجمجمة (الصعل) او تشوهات خلقية اخرى على ما اوضحت السلطات الصحية الاميركية.

لكن بويغ انست اهل الجزيرة ولو ليوم واحد المصاعب التي يعيشونها واعتلت منصة التتويج وعزف النشيد الوطني الذي لم تكن تعرفه وقد "ارسل لي والدي الكلمات بالبريد الالكتروني لكني لم احظ بالوقت الكافي لكي احفظه. سمعت الناس ينشدونه فعجزت الكلمات عن الخروج من فمي. كنت لانشده لو لم يحصل معي هذا الامر".