رغم أنه ترك منصبه في عام 2014، لا يزال دوري كرة السلة الأميركي يحصد ثمار فلسفة العولمة التي طبقها مفوضه السابق ديفيد شتيرن خلال أعوامه الثلاثين في هذا المنصب، ووصل الأمر هذا الموسم الى أن يكون هناك أول مدرب أجنبي في الـ "إن بي أيه" بشخص الصربي إيغور كوكوسكوف.
ويدين الدوري الأميركي الى شتيرن بجعله استعراضا عالميا يحلم به كافة اللاعبين من حول العالم ويستقطب أكبر الأسماء التجارية والاعلانية، إذ عرف إبن نيويورك البالغ من العمر 76 عاما كيف يستغل خلال أعوامه الثلاثين كمفوض للدوري نجومية أساطير مثل مايكل جوردان وماجيك جونسون وكوبي براينت وشاكيل أونيل وليبرون جيمس من أجل إحداث ثورة تسويقية في الدوري وما يلحق بها من نواح تجارية وإعلانية وإعلامية.
ورغم رحيله عن المنصب الذي استلمه عام 1984 وتركه الإرث لخلفه آدم سيلفر، ما زالت الأسس التي أرساها تشكل نواة الدوري الذي أعلن الثلاثاء، في يوم انطلاق الموسم الجديد، عن وصول عدد اللاعبين الأجانب فيه الى 108 من 42 دولة.
لقد تغير وضع دوري المحترفين كثيرا بفضل شتيرن، والدليل الابرز هو نهائي الدوري الذي اصبح يبث مباشرة الى 215 دولة بـ47 لغة بعد ان كانت بعض مباريات الدور الفاصل "بلاي اوف" تسجل وتبث لاحقا في الولايات المتحدة.
وبفضل رؤيته ورغبته بعولمة الدوري، تجاوز عدد الأجانب الـ100 لاعب للموسم الخامس تواليا بحسب ما أعلنت الرابطة الثلاثاء، كما أصبح هناك مدرب أجنبي للمرة الأولى بشخص كوكوسكوف الذي استلم مهمة الاشراف على فينيكس صنز، بعد أن كان مساعد المدرب في لوس أنجليس كليبرز (2000-2003) وفينيكس بالذات (2008-2013) وكليفلاند كافالييرز (2013-2014) وأورلاندو ماجيك (2015) ويوتا جاز (2015-2018).
وكان أولمبياد برشلونة عام 1992 نقطة تحول في تاريخ اللعبة عندما سمح للاعبي دوري المحترفين في تمثيل بلادهم في المحافل الدولية للمرة الاولى فكانت النتيجة: منتخب الأحلام الأول الذي قدم للعالم نجومه العظماء مايكل جوردان وايرفين ماجيك جونسون وباتريك يوينغ وكارل مالون وتشارلز باركلي وكلايد دريكسلر وديفيد روبنسون ولاري بيرد وجون ستوكتون وغيرهم من اساطير كرة السلة الاميركية والعالمية.
وخطف "منتخب الاحلام" الاضواء من جميع الرياضيين وفي كل الرياضات في الالعاب التي تعتبر فيها رياضة العاب القوى ام الالعاب والنجم الاساس، فلم يعد يستذكر العالم شيئا اهم من هؤلاء النجوم في تلك الالعاب التي حصدوا ذهبيتها على حساب كرواتيا في المباراة النهائية.
ولعب العامل التجاري دورا في انفتاح الدوري الاميركي على اللاعبين الاجانب وتوسع الآفاق التجارية للاندية خارج الولايات المتحدة، ابتداء من أوروبا ثم أميركا الجنوبية والشمالية والى أستراليا وأفريقيا وأخيرا آسيا.
واصبحت الجماهير خارج الولايات المتحدة تنتظر نجومها المحليين وهم يتألقون على الملاعب الاميركية، فجماهير العملاق الصيني ياو مينغ الذي اعتزل بسبب الاصابة كانت تلحق به من بكين الى تكساس، ونظراؤهم الارجنتينيون تابعوا مانو جينوبيلي بصورة توازي تلك التي يتابعون بها نجوم منتخب كرة القدم.
- الفرنسي دوبويسون أول الغيث -
ونشط هذا الزحف الاجنبي مع لاعبي اوروبا الشرقية التي قدمت الى دوري المحترفين الكرواتي درازن بتروفيتش لاعب نيوجيرزي الذي تميز برمياته من خارج القوس، الا انه تعرض لحادث سير مأساوي في حزيران/يونيو 1993 في المانيا ما أدى الى مصرعه.
وبدأ الزحف الاجنبي الذي كان الفرنسي هيرفيه دوبويسون، بحسب مصادر لا يمكن التأكد من صحتها، أول غيثه (عام 1984 مع نيوجيرزي نتس لفترة وجيزة)، مع انتقال النيجيري حكيم "ذي دريم" أولادجوان (1984) والألماني ديتليف شريمف (1985) من دوري الجامعات الى دوري المحترفين، ثم جاء نجوم كبار مثل الليتواني ارفيداس سابونيس&واليوغوسلافي فلادي ديفاتش والاسترالي لوك لونغلي والزائيري (حينها) ديكيمبي موتومبو والصربي بيا ستوياكوفيتش والروسي اندري كيريلنكو والفرنسي طوني باركر والالماني ديرك نوفيتسكي والاسباني باو غاسول...
لحظة التسلم والتسليم بينه وبين سيلفر، قال شتيرن تعليقا على مسألة توسع آفاق الدوري "كان لدينا بعض اللاعبين الاجانب، بعض الاسواق العالمية"، مضيفا "بدأنا هذا الموسم (2014-2015) بوجود 92 لاعبا من خارج الولايات المتحدة (رقم قياسي)".
لكن هذا الرقم القياسي أصبح 113 لاعبا خلال موسم 2016-2017 وبقي فوق المئة حتى الموسم الحالي الذي يتوزع فيها اللاعبون الأجانب على كافة الفرق دون استثناء، ودالاس مافريكس هو أكثر فريق يعتمد عليهم هذا الموسم (7 لاعبين) أمام لوس أنجليس كليبرز ويوتا جاز (6 لكل منهما).
وكندا هي الدولة الأجنبية الأكثر تمثيلا في الدوري للموسم الحالي بـ11 لاعبا، أمام أستراليا وفرنسا (9 لكل منها) وإسبانيا (7) وألمانيا (6).
وفي المجمل، يشارك 65 لاعبا أوروبيا في دوري هذا الموسم الذي انطلق الثلاثاء بفوز غولدن ستايت ووريرز بطل الموسمين الماضيين على أوكلاهوما سيتي ثاندر، وبوسطن سلتيكس على فيلادلفيا سفنتي سيكسرز.
التعليقات