كان برشلونة الإسباني قبل نحو ثلاثة أسابيع على عتبة تكرار إنجاز ثلاثية الدوري والكأس في إسبانيا، ودوري أبطال أوروبا. كان الأرجنتيني ليونيل ميسي يصول ويجول في مناطق الخصوم، ويدك شباكهم من بعيد بالركلات الحرة... لكن النهاية لم تكن كما رُسِم لها.

كانت الصدمة الأولى في السابع من أيار/مايو: فرّط النادي الكاتالوني بتقدمه المريح 3-صفر على ملعبه كامب نو على ليفربول الإنكليزي في ذهاب الدور نصف النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا، بتلقي خسارة قاسية صفر-4 على ملعب أنفيلد. في 25 من الشهر ذاته، صدمة ثانية: خسارة بنتيجة 1-2 أمام فالنسيا في نهائي مسابقة كأس الملك في إسبانيا.

من الثلاثية، اكتفى برشلونة بالاحتفاظ بلقب الدوري الإسباني بعدما توج بطلا لليغا للمرة السادسة والعشرين في تاريخه، وتبخر حلم تكرار الثلاثية للمرة الثالثة خلال عقد من الزمن، بعد 2009 و2015.

قالها ميسي بصراحة الجمعة. القائد، أفضل لاعب في العالم خمس مرات، أقر أمام الصحافيين بأن جرح الخسارة أمام ليفربول لم يندمل بعد.

وأوضح "ما زلنا نتعافى من المباراة ضد ليفربول، أنا على الأقل. أريد فقط أن أفوز بهذا النهائي (كأس ملك إسبانيا) لأنهي العام مع لقب جديد".

لم يتحقق لميسي ما أراده، كما لم يتمكن من أن يفي بوعد قطعه أمام عشرات الآلاف من المشجعين في كامب نو قبل أشهر: الكأس ذات الأذنين الكبيرتين (لدوري الأبطال) ستعود إليكم هذا الموسم.

صور ميسي في أرض ملعب "بنيتو-فيامارين" في ختام نهائي الكأس ضد فالنسيا، كانت مماثلة لصوره في أنفيلد بعد الخروج الصاعق أمام ليفربول: مطأطأ الرأس يخفي بيديه وجها تعلوه ملامح الخيبة والأسى.

بدا أن برشلونة لم يتمكن من استنباط قوة ذهنية كافية لتجاوز آثار الخسارة الأوروبية. كان الموعد القاري في أنفيلد قاسيا هذا الموسم، لاسيما وأنه أوقع برشلونة ضحية سيناريو مشابه للعام الثاني تواليا: في الموسم الماضي، تقدم النادي الكاتالوني في ربع النهائي على روما الإيطالي 4-1 في الذهاب، قبل أن ينتقل الى الملعب الأولمبي في العاصمة الإيطالية، حيث خسر صفر-3 وودع المسابقة القارية أيضا.

اختصرت صحيفة "موندو ديبورتيفو" الكاتالونية ما اختبره الفريق-الرمز للإقليم بنتيجة مباراة الأمس "ضربة أخرى قاسية (...) الفريق مصاب ويحتاج الى فحص". أما بالنسبة الى صحيفة "ماركا" المدريدية، برشلونة "أنهى الموسم منهارا".

- فالفيردي المعلَّق -

طرحت علامات استفهام الكبيرة حول المدرب إرنستو فالفيردي ومستقبله مع الفريق الذي قاده العام الماضي الى الثنائية في موسمه الأول معه. في السجل الإجمالي، لا يمكن اعتبار المدرب البالغ 55 عاما فاشلا، مع ثلاثة ألقاب في موسمين.

لكن كامب نو متطلب، ومشجعوه يريدون المزيد دائما لاسيما على المستوى القاري حيث شهدوا الغريم ريال مدريد يهيمن بين العامين 2016 و2018 بإحراز ثلاثة ألقاب متتالية.

في بعض مراحل الموسم، لاسيما بعد الإقصاء القاري، بدا استمرار فالفيردي مدربا لـ "بلاوغرانا" موضع شك تعززه تصريحات ملتبسة لرئيس برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو، تركت مجالا متاحا أمام الاحتمالات.

لكن الرئيس سارع بعد ضياع لقب الكأس، الى تأكيد استمرار المدرب في الموسم المقبل، بعد نحو 24 ساعة من تلقي فالفيردي دعما صريحا من ميسي في المؤتمر الصحافي الذي سبق مباراة النهائي ضد فالنسيا.

بعد الهزيمة، قال بارتوميو "يجب تهنئة فالنسيا، يستحقون الفوز. سيصار الى تجديد في الفريق الموسم المقبل لكن الوقت ليس مناسبا الآن للحديث عن ذلك... قلتها دوما إن إرنستو يملك عقدا معنا للموسم المقبل".

وتابع "هو المدرب.. الموسم ليس فاشلا وليس ممتازا، هو موسم جيد جدا لأن الفوز بالدوري هو الهدف الدائم"، مضيفا "اليوم (السبت) أعتقد أن علينا القول إن المدرب لا يتحمل مسؤولية هذه الخسارة".

لم تتفق بعض الصحف الكاتالونية مع هذا الرأي. في مقالة نشرت اليوم، اعتبر مدير صحيفة "سبورت" إرنست فولش أن برشلونة "ينهي الموسم جامدا، حزينا، ودون أي طاقة".

أقر فالفيردي باختلاف الأجواء والتوقعات في برشلونة خلال أسابيع قليلة. أوضح بعد خسارة السبت "قبل شهر كنا نحتفل بلقب الدوري وكنا قادرين على إحراز ثلاثية. كانت التوقعات عالية وخرجنا عن المسار. كانت المباراة غريبة، فالنسيا أوجعنا كثيرا بنجاعته ثم تراجع الى الخلف...".

وتابع "في مباراة نهائية، فريق يفوز والآخر يخسر"، مضيفا "عندما تكون مدربا، تحاول دائما قلب الوضع، دون أدنى شك".

- تغييرات بنكهة هولندية؟ -

في إسبانيا، يتوقع أن يكون ريال مدريد حجر الرحى في الانتقالات الصيفية بقيادة المدرب الفرنسي زين الدين العائد في وقت سابق هذا الموسم، محاولا إعادة توجيه الفريق الى سكة الألقاب التي عرفها في عهده.

لكن برشلونة، وفي ظل الخيبة "الختامية" التي واججها، قد يكون أيضا فاعلا أساسيا في الانتقالات. حتى الآن، الثابت الوحيد هو الانتقال المبرم لفرانكي دي يونغ من أياكس أمستردام الهولندي الى صفوفه في الموسم المقبل (75 مليون يورو). التقارير ترجح أن زميله ماتيس دي ليخت قد يسير على الدرب ذاته، مع بقاء الغموض محيطا بالفرنسي أنطوان غريزمان الذي أكد مغادرته لأتلتيكو مدريد، من دون أن تحسم وجهته.

بحسب ما كتب فولش في "سبورت"، "من البديهي أنه يجب تجديد شباب الفريق المنهك جسديا والمنهار نفسيا (...) ميسي وحده أكثر من اللازم"، متوقعا إقبال برشلونة هذا الصيف على حراك في فترة الانتقالات يكون "الأكبر (له) في العقد الأخير".