بعد أكثر من ثماني سنوات على ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 والاضطرابات التي تلتها، يبقى الأمن مصدر قلق رئيسي لمصر التي تستعد لاستضافة بطولة كأس الأمم الإفريقية في كرة القدم من 21 حزيران/يونيو إلى 19 تموز/يوليو.

وتنطلق البطولة بعد أيام من إعلان السلطات وفاة الرئيس السابق محمد مرسي عن 67 عاما بعد ظهر الإثنين&في معهد أمناء الشرطة داخل مجمع سجون طرة بجنوب القاهرة حيث كان يخضع للمحاكمة. وقد ووري الرئيس السابق المنتمي الى جماعة الإخوان المسلمين، الثرى فجر الثلاثاء في القاهرة دون مراسم تشييع وفي ظل إجراءات أمنية مشددة.

وتتخذ السلطات المصرية في الآونة الأخيرة اجراءات أمنية معززة تحضيرا لاستضافة البطولة القارية، والتي ستكون الأكبر من حيث الحجم في تاريخ القارة، مع مشاركة 24 منتخبا بدلا من 16. وتستضيف مصر هذا الحدث للمرة الخامسة، وسيكون أكبر مناسبة رياضية في البلاد منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وتلتها أعوام من الاضطرابات الأمنية والمشاكل السياسية والأزمات الاقتصادية.

في أوائل حزيران/يونيو، وقبيل إجازة عيد الفطر، أعلنت وزارة الداخلية المصرية "تنفيذ خطط وإجراءات أمنية واسعة النطاق للحفاظ على الأمن، وتحقيق الانضباط، وحماية وتأمين المواطنين" خلال عطلة العيد والبطولة.

وأضافت أن الإجراءات تشمل "نشر الارتكازات الأمنية، والدفع بقوات التدخل والانتشار السريع بكافة المحاور والمناطق الهامة والحيوية".

وإن كانت مصر قد استضافت البطولة على أرضها أربع مرات آخرها في عام 2006، الا أن بطولة 2019 ستكون الأكبر قاريا، والأكبر بالنسبة الى مصر منذ ثورة 2011 وفترة عدم الاستقرار التي تلتها.

ومنذ الاطاحة بمرسي في تموز/يوليو 2013، تشهد مصر مواجهات عنيفة بين قوات الأمن ومجموعات إسلامية متطرفة، خصوصا في شمال ووسط شبه جزيرة سيناء، أوقعت مئات القتلى من الجانبين.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أعلنت جماعة "أنصار بيت المقدس"، وهي مجموعة مسلحة كانت حتى ذلك الوقت قريبة من تنظيم القاعدة، مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية تحت اسم "ولاية سيناء". ولا تزال هذه المجموعة ناشطة حتى بعد أشهر من انهيار "خلافة" التنظيم في الأراضي التي كان يسيطر عليها منذ أعوام في سوريا والعراق.

في أيار/مايو الماضي، وقبل أسابيع فقط من موعد انطلاق البطولة الإفريقية، استُهدفت حافلة سياحية جنوب إفريقية بهجوم بالقنابل بالقرب من أهرامات الجيزة، أحد معالم الجذب السياحي الرئيسية في مصر.

وفي كانون الأول/ديسمبر، قُتل ثلاثة سائحين فيتناميين ومرشدهم المصري في هجوم مماثل، أيضا بالقرب من الاهرامات.

وبخلاف قوات الأمن والسيّاح، استهدف الجهاديون مرارا الأقباط الأرثوذكس، وهي أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط وواحدة من أقدمها، إذ يمثلون نحو 10 بالمئة من سكان مصر البالغ عددهم قرابة 100 مليون نسمة. وقُتل أكثر من مائة شخص منذ نهاية عام 2016 في هجمات ضد الأقباط، تبنى معظمها تنظيم الدولة الإسلامية.

- شغب الملاعب -

وتحت قيادة المشير السابق والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، تشن مصر "حربا على الإرهاب"&خصوصا في شمال سيناء حيث تتركز المجموعات الجهادية.

وتوقع "صوفان غروب" للتحليل الأمني ومقره نيويورك، توقع في تقرير حديث له أن تكون ثمة "نتائج عكسية" لحملة الجيش على الجهاديين بسبب ما يتعرض له السكان من "عنف بلا سبب".&

أضاف التقرير "لقد كانت النتيجة أن المزيد من الناس، وليس أقل، (باتوا) على استعداد للانضمام ودعم التمرد (المسلّح)".

وإضافة إلى الاعتداءات والهجمات "الارهابية"، هزّ العنف أيضا الملاعب المصرية في الأعوام الماضية، وكان على صلة بالمباريات المحلية.

وتمنع السلطات المصرية بشكل شبه متواصل منذ 2012 دخول المشجعين الى الملاعب خلال مباريات الدوري المحلي، إثر مقتل 74 مشجعا على الأقل للنادي الأهلي خلال مباراة ضد مضيفه المصري البورسعيدي، في حوادث عنف عرفت بـ "مذبحة بورسعيد".

وخففت السلطات بشكل محدود هذه القيود في الأشهر الأخيرة، علما بأن المباريات القارية كان يسمح فيها بدخول عدد أكبر من المشجعين.