تعيش الكرة النسائية في الولايات المتحدة تناقضا صارخا، بين منتخب وطني مهيمن عالميا ودوري محلي صغير بعيد عن النجومية والأضواء، لكن مع التتويج الأخير في فرنسا، يؤمل الاستفادة من تأثير كأس العالم لتعزيز مكانته ومردوده الاقتصادي.

وبدأ اللقب العالمي الرابع الذي أحرزه المنتخب الأميركي للسيدات هذا الشهر في فرنسا على حساب هولندا (2-صفر)، يعطي ثماره من ناحية الاهتمام بالدوري المحلي ولاعباته، على صورة فريق سكاي بلو أف سي الذي مضى أكثر من نصف ساعة على نهاية احدى مبارياته واللاعبات لا يزلن منشغلات بتوقيع التذكارات لصف طويل من المعجبين الشبان.

بالنسبة لنجمة المنتخب الأميركي كارلي لويد التي توجت قبل ثلاثة أسابيع باللقب العالمي للمرة الثانية تواليا، فالهدف هو "إحداث تغيير في حياة الناس. التواصل معهم، توقيع التذكارات، التقاط صور الـ+سيلفي+. الطفل يقول لنفسه +لقد التقطت صورة سيلفي مع كارلي+. أريد أن أعود (لمشاهدة مباراة). هذا هو الهدف".

وبمناسبة عودة لويد الى فريقها سكاي بلو أف سي، امتلاء ملعب "يوركاك فيلد" في نيوجيرزي بالمشجعين للمرة الأولى هذا الموسم بعدما احتشد 5 آلاف شخص لمشاهدة الفريق.

ولا يختلف المشهد في بورتلاند، سياتل وشيكاغو، حيث تجاوز عدد المتفرجين الأرقام القياسية السابقة ووصل الى 22329 متفرجا في مباراة بورتلاند وهيوستن في 24 تموز/يوليو.

وكانت لاعبة وسط المنتخب روز لافيل التي تدافع عن ألوان واشنطن سبيريت، سعيدة جدا بالتأثير الذي تركه اللقب العالمي على الدوري المحلي، موضحة "في دوري السيدات الوطني لكرة القدم (+أن أس دبيلو أل+)، لا تحصل على فرصة اللعب أمام جمهور كبير، بالتالي من الرائع أن تختبر مباراتين على التوالي بمدرجات ممتلئة".

وبحسب المقابلات التي أجريت، أقر العديد من الأشخاص بأنهم يشاهدون مباراة لسكاي بلو لأول مرة، على غرار بي دجاي بيترو الذي يمرن الفتيات منذ 25 عاما.

وتم دعوة لاعباته لمرافقة المحترفات في أرضية الملعب قبل المباراة لكني "كنت قادما في كافة الأحوال لأنه بعد كأس العالم الجميع يشعر بالحماس"، فيما رأت ترايسي ديفيليبانتينو، إحدى مشجعات سكاي بلو المتفانيات، أنه "سبق لهن احراز اللقب (العالمي)" لكن الألق دائما موجود.

- "نشهد تحولا ثقافيا" -

وبالنسبة لوضع الدوري المحلي وتعزيز شعبيته ومردوده التجاري "لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل" بحسب كارلي لويد التي استطردت "الأمر الأهم هو أن يعرف الناس بأن هناك بطولة محلية... العقد التلفزيوني (نقل المباريات) سيساعدنا".

وفي خضم كأس العالم التي صنفها رئيس الاتحاد الدولي "فيفا" السويسري جاني إنفانتينو الأفضل في تاريخ الكرة النسائية، أعلنت شبكة "إي أس بي أن" الرياضية بأنها ستنقل 14 مباراة في الدوري من الآن وحتى نهاية الموسم.

وتشكل هذه الخطوة نفحة إيجابية لدوري السيدات الذي تلقى ضربة في بداية العام بعدما قررت مجموعة "أيه أند إي"، الناقلة الرسمية وأيضا المساهمة بنسبة 25 %، الانسحاب بشكل مفاجىء.

وكان لقرار "إي أس بي أن" التأثير السريع على شعبية الدوري الذي شهد في 21 تموز/يوليو الماضي خلال مباراة لشيكاغو وكارولاينا الشمالية متابعة تلفزيونية قدرت بـ149 ألفا، وهي الأعلى منذ عام 2016 لمباراة في دوري السيدات.

وتلقى دوري السيدات دفعة هامة أخرى بعدما أعلنت شركة الجعة "بادوايزر" في يوم نهائي كأس العالم عن شراكة متعددة السنوات مع رابطة السيدات بهدف دعم كرة القدم النسائية بشكل متواصل.

وأعربت رئيسة رابطة الدوري تيريزا فيرغوسون عن سعادتها "بوجود اهتمام بالدوري ويريد الرعاة أن يكونوا موجودين"، فيما أشارت مديرة سكاي بلو اليس لاهيو الى أن "ما يميز عام 2019 هو أننا نشهد تحولا ثقافيا في الرياضة النسائية"، متطرقة الى الكفاح من أجل تحقيق المساواة في الأجور بين الرجال والسيدات في كرة القدم الأميركية.

وبعد مرور ستة أعوام على إنشائه، أصبح دوري السيدات الوطني لكرة القدم "أن دبليو أس أل" الأكثر صمودا بين الدوريات النسائية الاحترافية في اللعبة، مقارنة مع دوري سيدات الولايات المتحدة "دبليو يو أس أيه" الذي أقيم بين 2001 و2003، ودوري السيدات الاحترافي "دبليو بي أس" الذي أقيم بين 2009 و2013.

لكن الدوري الحالي أيضا لا يزال هشا حتى اليوم، في ظل الرواتب المتدنية جدا والتي يصل أعلاها الى 46,200 دولار سنويا هذا الموسم، في حين تتقاضى النجمة النروجية آدا هيغربرغ 400 ألف يورو سنويا من نادي ليون الفرنسي.

بالنسبة لأليس لاهيو، فإن زخم 2019 أكبر الذي سبقه لأننا "ننظر الى الأمور بشكل جماعي. (...) هناك العديد من الفرق والمالكين الذين يجتمعون على فكرة أننا في لحظة مهمة حقا ويبحثون عما يمكننا القيام به للاستفادة من ذلك".