دورتموند (ألمانيا): انبعث لاعب الوسط الدولي الإنكليزي جود بيلينغهام برغم صغر سنه من رماد التألّق ليتحوّل إلى قائد داخل وخارج الملعب في مدينة دورتموند الألمانية، حيث يتشارك شقّة مع والدته التي تساهم في إبقائه متواضعاً.

يخوض بيلينغهام الذي سيبلغ 19 عاماً في حزيران/يونيو المقبل، عامه الثاني في ألمانيا بقميص بوروسيا دورتموند، ولكنه سيكون الإسم الأوّل في قائمة طويلة من اللّاعبين سيواجهون سبورتينغ البرتغالي في الجولة الثانية من دور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أوروبا الثلاثاء.

يصرّ زميله المدافع المخضرم ماتس هوملس، المتوَّج بمونديال 2014، على القول "إنّه اللّاعب الأكثر نضجاً وجدّية في سن الـ 18 عاماً الذي شاهدته".

ويتابع "إنّه لاعب كرة قدم رائع وشخص رائع أيضاً. سيشقّ طريقه الخاص بمفرده، لا جدل في ذلك".

تطارد الشائعات مستقبل بيلينغهام المرتبط بعقد مع دورتموند حتّى عام 2025، مع الكثير من التكهّنات من وسائل إعلام بريطانية حيث تربطه التقارير بمواطنه ليفربول الذي يسابق الجميع للتعاقد معه من ضمن قائمة كبيرة من الأندية في "البريميرليغ" المتعطّشة للحصول على توقيع هذا الشاب المتألّق.

سجّل بيلينغهام هدفين ومرّر 4 كرات حاسمة في 9 مباريات خاضها في مختلف المسابقات مع بداية الموسم الحالي.

ارتداء قميص إنكلترا

عمد دورتموند إلى بيع الإنكليزي الآخر جايدون سانشو إلى مانشستر يونايتد مقابل 100 مليون دولار هذا الصيف في تموز/يوليو الماضي، في حين برز بيلينغهام كموهبة شابة جديدة في النادي الألماني ومن المتوقّع أن يتحوّل في المستقبل إلى نجم إنكليزي في دوري بلاده.

وبدا واضحاً أنّ مدرّب منتخب "الأسود الثلاثة" غاريث ساوثغايت شاهد ما يكفي ليمنح بيلينغهام فرصة ارتداء قميص إنكلترا للمرة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حيث بات في رصيده حتّى الآن 8 مباريات دولية.

انتقل بعمر السابعة عشرة من فريق مسقط رأسه برمنغهام سيتي إلى دورتموند العام الماضي مقابل 23 مليون يورو، لينضج في الـ "بوندسليغا" ويتحوّل في فترة قصيرة إلى أحد أبرز لاعبي خط الوسط.

كتب لاعب جناح ليفربول السابق ستيف ماكمانامان في عموده الأسبوعي، متكهّناً بشأن مستقبل بيلينغهام "أنا متأكّد أنّه سوف يُساوي سعره ثلاثة أضعاف ما دفعه دورتموند قبل عام".

دوّن بيلينغهام اسمه على لائحة المسجّلين ومرّر كرة حاسمة إلى المهاجم "العملاق" النروجي إرلينغ هالاند، ليساهم في فوز فريقه على بشيكتاش التركي 2-1 في الجولة الأولى للمسابقة القارية الأم.

"من الجنون كم هو جيّد"

طبع بيلينغهام قبلة على خد هالاند خلال مقابلة صحافية قبيل انطلاق المباراة، وتنعكس صداقتهما وتفاهمهما داخل المستطيل الأخضر إلى أهداف وقد ترجما ذلك في مباراة الفوز أمام هوفنهايم 3-2، فسجّل الإنكليزي هدف التقدّم 2-1 والنروجي هدف الفوز في الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدل الضائع للشوط الثاني في المرحلة الثالثة من الدوري.

قال هالاند متحمّساً "من الجنون كم هو جيّد، وهو يبلغ 18 عاماً فقط، أي ثلاثة أعوام أصغر مني".

ولم تشذّ كلمات مدرب دورتموند الجديد ماركو روزه عن لاعبيه، إذ يقول مع الكثير من الفرح "جود هو شاب رائع"، معتبراً أن "عقلية" و"الإرادة للعمل" و"الطاقة" هي العناصر الأساسية وسر نجاح لاعب الوسط.

ما زال أمام بيلينغهام الكثير لتعلّمه، على غرار سماحه للاعب بوروسيا مونشنغلادباخ السويسري دنيس زكريا بردّ فعل سريع بعد كرة ضعيفة في منطقة دورتموند، ليسجّل الهدف الوحيد في الدقيقة 37 ضمن منافسات المرحلة السادسة من الدوري السبت، في ثاني خسارة للفريق "الأصفر والأسود" هذا الموسم مفوّتاً فرصة التقدّم للمركز الثاني خلف بايرن ميونيخ المتصدّر.

ومن دون هالاند وقائد الفريق ماركو رويس المصابين، عانى بيلينغهام لإيجاد إيقاعه داخل الملعب، حيث بدا كمن فقد سحره.

حياة شاب عادي

لكن خارج الملعب، يعيش بيلينغهام حياة شاب عادي في مقتبل العمر.

وبخلاف مواطنه سانشو الذي عوقب مرات عدة بسبب تخلفه عن التمارين خلال الأعوام الأربعة التي قضاها في دورتموند، تُراقب والدة بيلينغهام نجلها عن كثب حيث يتشاركان شقة، فيما عاد والده وشقيقه الأكبر إلى برمنغهام.

أثّرت قيود السفر بسبب تداعيات فيروس كورونا من فرص اجتماع جميع أفراد العائلة خلال الجائحة.

تقول دنيز بيلينغهام والدة جود لشبكة "دازون" للبث التدفّقي "لطالما قلنا أنّ واحداً منا، إما أنا أو مارك (والده) سيرافقه".

وتابعت "لا يمر يوم إلاّ ونفكر أنه من الجميل أن نكون أسرة مجتمعة مع بعضها البعض، ولكن لطالما علمنا أنّ الأمر سيكون مرتبطاً بالظروف".

من ناحيته، يردّد بيلينغهام أنّه "لا يمكن أن يكون ممتنًّا أكثر" من أن يعيش معه فرد من عائلته، مدّعياً أنه لا يعاني من التوتر قبل خوضه لمباراة، لكن والدته تشعر "بالتوتر في كل مرّة أشاهده. تقلق بشأن الأشياء وهو أمر طبيعي بالنسبة للأهل".