نيروبي: مع النجاح يأتي الخطر: كشف مقتل نجمة ألعاب القوى الكينية الصاعدة أغنيس تيروب الأسبوع الماضي عن الجانب الخفي والمأساوي في بعض الأحيان، لنجاح العدّاءات في مجتمع ذكوري للغاية.

الضغوط الإجتماعية، الإكتئاب، والإستغلال المالي: هناك العديد من المخاطر التي تتعرّض لها الشابات اللّواتي يواجهن نجاحًا هائلاً. غالبًا ما يكون ذلك من حاشيتهم أو مدربيهم أو وكلائهم أو حتى المقربين منهم.

قالت عدّاءة الماراثون السابقة ميري كيتاني، بعد أيام من العثور على شريكتها السابقة في التدريبات، أغنيس تيروب، مقتولة طعناً في غرفة نوم منزلها: "يتعيّن على الرياضيّات حمل عبء الأسرة بأكملها". كانت تبلغ من العمر 25 عامًا.

السبت، جاء ديفيد روديشا، البطل الأولمبي الكيني مرتين في سباق 800 م (لندن 2012 وريو دي جانيرو 2016)، والأوغنديان جوشوا تشيبتيغي، حامل ذهبية 5 ألاف م في أولمبياد طوكيو، وبيروث تشيموتاي، صاحبة ذهبية سباق 3 ألاف م موانع في الأولمبياد ذاته، لحضور جنازتها في موسوريوت، قرية طفولتها على بعد حوالى ثلاثين كيلومترًا جنوب إلدوريت، وسط حشد حيث ارتدى الكثيرون اللّون الأحمر المميّز للعدائين الكينيين.

المشتبه الرئيسي في القضية والذي اعتقلته الشرطة هو زوج العدّاءة المتوّجة ببرونزيتي سباق 10 ألاف م في بطولة العالم عامَي 2017 و2019، ورابعة أولمبياد طوكيو في سباق 5 ألاف م.

خلال مسيرتها الإحترافية، شاهدت كيتاني العديد من العدّاءات الشابات، مثل تيروب، يكافحن لمحاولة تحقيق التوازن بين حياتهم الرياضية الصعبة والتوقّعات والضغوط الإجتماعية، حول الزواج والأمومة على وجه الخصوص، مع كونهنّ يمثلن الدعم المالي الرئيسي لأسرهنّ الكبيرة.

وفقًا للفائزة بماراثون نيويورك أربع مرّات، فإنّ العديد من هؤلاء الشابات اللائي كرّسن أنفسهن لرياضتهن منذ سن مبكرة يفتقرن إلى التعليم اللازم لإدارة شؤونهن المالية، وبالتالي يمكن استخدامهن كـ"أبقار حلوب" من قبل الأزواج الجشعين.

وقالت العدّاءة المعتزلة، وهي أم لطفلين، "إنهنّ يدركن بعد فوات الأوان أنّ استثماراتهنّ تفلت منهنّ ويغرقن في الاكتئاب".

"الذئاب"

كما هو الحال مع تيروب، المولودة في عائلة فلاحية في وادي ريفت، فإنّ النجاح الرياضي بالنسبة للعديد من الكينيات هو أفضل طريقة للخروج من الفقر.

تنخرطن في معسكرات التدريب، وهي أماكن غالبًا ما تفلت من القوانين والمعروفة بأنّها بؤر للإعتداء الجنسي.

تم إغلاق معسكرين تدريبيين في وادي ريفت في السنوات الأخيرة من قبل الإتحاد الكيني لألعاب القوى بدعوى استغلال الشابات.

وقالت تيغلا لوروب، صاحبة الرقم القياسي العالمي السابق في سباق الماراثون والتي تبلغ الآن 48 عامًا: "هناك الكثير من الذئاب تنتظر مهاجمة هؤلاء الفتيات".

وأضافت أنّ وكلاء الأعمال يدفعون المال للعائلات لإقناعهم بـ"إجبار الفتيات على ترك المدرسة قبل الأوان والمشاركة في السباقات في الخارج".

وقال ويلفريد بونغي، بطل أولمبياد بكين عام 2008 في سباق 800 م الذي يقدّم الآن المشورة للرياضيين الذين يواجهون صعوبات بعد محاربة إدمان الكحول على غرار ما عانى منه شخصيّاً: "لا يمكن للرياضيين الشباب التعامل مع الشهرة والمال الذي يكسبونه فجأة".

ينفق الشبّان ثرواتهم في السيارات الفاخرة أو المشروبات الكحولية، والنساء يمكن أن يواجهن علاقات مسمومة مع رجال مفترسين.

"جرس إنذار"

وصرّح المتحدّث باسم الإتحاد الكيني دومينيك أوندييكي لوكالة فرانس برس أنّ "وفاة تيروب هي بمثابة جرس إنذار".

وقال "الرياضيات ينفتحن الآن ويكشفن عن المشاكل التي يواجهْنَها في منازلهنّ. ويبدو أنّ معظمهنّ تعانين في صمت"، مضيفاً "يبدو أنهنّ يفتقرن إلى سلطة اتخاذ القرار التي غالبًا ما تُترك لأزواجهنّ الذين يتحكمون بشكل كامل في مالية الأسرة".

وينظّم الإتحاد الكيني للّعبة ورشة عمل في كانون الأول/ديسمبر المقبل حول الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للنساء في بيوتهنّ وعلاقاتهنّ بحضور أخصائيي علم النفس الرياضي ومستشارين عائليين.

لكن وفقًا للعديد من المراقبين، يظلّ المشروع ضخمًا لدعم الشابات اللّاتي يصنعنَ المجد لهذا البلد الواقع في شرق أفريقيا.

بمسيرتها الإحترافية اللامعة، وعائلتها واستثماراتها التجارية التي ضمنت لها مستقبلها عقب اعتزالها، تعد ماري كيتاني مثالًا نادرًا على النجاح الشخصي والمهني على حدّ سواء.

بالنسبة للعدّاءة السابقة البالغة من العمر 39 عامًا والتي بدأت الركض بعد ولادة طفلها الأول فقط، يجب أن ينتهي الضغط المستمر على هؤلاء النساء أولاً.

وقالت "من المفترض أن يكون للعدّاءة أطفال، تقاتل بسرعة لإنقاص الوزن، وتستعيد قوتها وتستأنف المنافسة من أجل وضع الطعام على الطاولة لجميع أفراد الأسرة"، مضيفة "بعض الرجال ينتظرون فقط جني الأرباح من العمل، يجب وضع حدّ لذلك".