الدوحة: قادته مسيرته من الترجي التونسي إلى لوريان الفرنسي مروراً بروبن قازان الروسي، وفي حين يستعد التونسي منتصر الطالبي لمواجهة فرنسا حيث ولد وترعرع، يعلق منتخب "نسور قرطاج" آماله على المدافع الدولي للحدّ من خطورة مهاجمي "الديوك" في مسعاه للفوز وضمان تأهل تاريخي للدور ثمن النهائي من مونديال قطر 2022 في كرة القدم.

لم تساور الشكوك الطالبي بشأن استدعائه من قبل المدرب الوطني جلال القادري لخوض العرس الكروي العالمي في قطر، فكان عند ثقته بعد أداء مشرّف في التعادل السلبي أمام الدنمارك والخسارة أمام أستراليا صفر-1 لينال أعلى معدل من النقاط بين أقرانه من قبل صحيفة "ليكيب" الفرنسية.

شدّد الطالبي بعد التعادل أمام الدنمارك على أن منتخب "نسور قرطاج" لم يعرف "كيف نستغل الفرص"، مضيفاً "قدّمنا مباراة كبيرة لكن كانت تنقصنا اللمسة الأخيرة".

وتابع "درست تونس نقاط ضعف المنافس وقوته بشكل جيد ولعبنا لتحقيق نتيجة جيدة. مجموعتنا صعبة لكن هدفنا كتابة التاريخ والحصول على تذكرتنا للدور الثاني" في سادس مشاركة لتونس في النهائيات.

ولد في فرنسا وتألق في تونس

ولد الطالبي في باريس وقرر ارتداء القميص التونسي ليدافع عن ألوانه في 25 مباراة دولية (سجل هدفاً)، ليؤكد أن مواجهة بلد ولادته ونشأته ستكون مباراة خاصة.

قال ابن الـ 24 عاماً الفارع الطول (1.90 م) "اذا لم أقل انها مباراة خاصة، فحينها سأكون كاذباً. أملك الجنسيتين اذ ولدت وترعرت في فرنسا، وهناك العديد من اللاعبين بحالة مماثلة".

وأضاف "بالطبع ستكون مباراة خاصة، ولكن قبل كل شيء ستكون مباراة جميلة أمام أحد أفضل المنتخبات، إن لم يكن الأفضل في العالم. ستقام أمام مدرجات ممتلئة، لأننا نعلم أن لدينا جالية تونسية كبيرة في قطر".

وتتذيّل تونس المجموعة الرابعة بنقطة بفارق الأهداف عن الدنمارك الثالثة، في حين تحتل فرنسا الصدارة بالعلامة الكاملة (6 نقاط) أمام أستراليا الثانية مع 3 نقاط وقد ضمنت تأهلها الى ثمن النهائي.

موهبة برزت باكراً

عادت عائلة الطالبي إلى تونس حيث برزت موهبته باكراً، فخطا خطواته الأولى مع الترجي في سن الـ 17 عاماً وحتّى قبل حصوله على شهادة البكالوريا.

يتذكر المدافع الشاب هذه الفترة قائلاً "جلست على مقاعد البدلاء وشاركت في التمارين. تمكنت من اختبار عالم المحترفين. لقد أرادوا أن يدمجوني مع الفريق الأوّل في سن الـ 17 عاماً لكن بسبب دراستي كان الأمر صعباً".

وعد رئيس النادي مدافعه الشاب باشراكه مع الفريق الأول في حال حصوله على الشهادة، ليفي بوعده بعد اسبوع من مغادرة الطالبي لمقاعد الدراسة.

قال "احتجت لبعض الأشهر للتأقلم وعندما حانت الفرصة خضت "الكلاسيكو" مرتين في أسبوع واحد أمام ناديي الصفاقسي والنجم الساحلي. كما خضت الديربي. في 10 أيام لعبت أبرز 3 مباريات في تونس، في الخارج والأدوار الإقصائية".

حينها، وفي سن الـ 18 عاماً، لم يكن أمام الطالبي أي هامش لارتكاب الأخطاء ليرد الجميل لمن وضع ثقته به باكراً، إضافة إلى اكتساب ثقة محبة جماهير الترجي المتطلبة والمتعطشة للانتصارات. لم تمنعه الضغوطات الكبيرة من ابراز نضجه الكروي برغم صغر سنه ليصف ما عاشه بـ "الاختبار الصعب".

وفي هذا الصدد قال "كان فخراً جداً كمشجع للنادي، وتوجب عليّ تعلم متطلبات اللعب على أعلى المستويات".

شُرّعت امامه أبواب الاحتراف خارج تونس، فتعاقد عام 2018 مع تشايكور ريزه سبور التركي حيث بقي لمدة ثلاثة أعوام، قبل انتقاله إلى بينيفينتو الإيطالي من دون أن يحصل على فرصة لخوض أي مباراة، ليغادر إلى روبن قازان.

لم تدم مغامرته طويلاً، اذ ارخى غزو روسيا لأوكرانيا بظلاله على مستقبله فقرر الرحيل إلى لوريان بعدما كانت الحرب فرصة للاعبين الأجانب لمغادرة البلاد. رغم طبول الحرب ظل وفياً لنادٍ منحه الثقة لكنه فقد معظم كوادره الأساسية الذين شكلوا 90 في المئة من تشكيلته.

"لم أرغب مغادرة القارب وهو يغرق"

تطرّق الطالبي إلى الفترة الصعبة التي عاشها في روسيا، قائلاً "لم أرغب في مغادرة القارب وهو يغرق، لأن النادي وفى بوعوده وآمن بي. لم أرغب في خيانتهم ولم أشعر بالخطر".

وأردف "بالطبع أنا ضد كل أشكال الحرب والعنف، لكني شعرت أن النادي والمديرين لا علاقة لهم بكل ما يحصل وكانوا يعانون أيضاً، مع رحيل اللاعبين الأجانب تحديداً (ما بين 8 و9)".

انعكس ذلك سلباً على نتائج قازان الذي بدأ يغرق في بحر الهزائم، فاضطر لخوض مبارياته بتشكيلة جلها من فريق الشباب لم تكن تملك الخبرة، لينتقل النادي من مراكز الصدارة إلى صراع البقاء في الدرجة الأولى.

قال "أكدت ادارة النادي لي اني إذا شعرت بأي خطر، فستعيدني بأمان إلى المنزل. شعرت بصدقهم... أرادوا مساعدتي في خياري المستقبلي في الصيف التالي لمواصلة مسيرتي لأنني كنت أحد الأجانب القلائل الذين قرّروا البقاء. لم أشعر بالرغبة في الرحيل".

تلقى الطالبي عروضاً عدة من أندية في روسيا وتركيا "لكني لم أرَ نفسي هناك رغم العروض المغرية. كان هدفي الاستمرار في التقدم وتحقيق أهدافي" حسب ما قال.

تسارعت الامور بالنسبة للمدافع التونسي، فدخل لوريان على خط المفاوضات ونجح في الظفر بجهوده، بعدما تحدث "مع عزيز ماضي-مغني (المنسق الرياضي). قدّم النادي مشروعاً جديداً وطموحاً تطابق مع طموحاتي".

وأضاف "أردنا أن نستمر في النمو مع فلسفة معينة للعب، وقد أجريت مناقشة طويلة مع (مدرب الفريق) ريجيس لو بري... شعرت برغبة النادي في الترحيب بي ومساعدتي على التطور".

وختم قائلاً "على الرغم من العروض الأخرى، ولهذه الاسباب اخترت لوريان، بمشاعري وأحاسيسي".