لوسيل (قطر): بعد انتظار طيلة ثمانية أعوام لتعويض الفرصة التي فاتته عام 2014 في البرازيل، يريد ليونيل ميسي أن يكون نهائي الأحد وداعاً مثالياً لمغامرته في المونديال، لكن حتى إن لم يتوج على الأراضي القطرية فهو "منح الأرجنتينيين ما هو أكثر من الفوز بالكأس".

تعكس ما قالته الصحافية صوفي مارتينيس ماتيوس في نهاية مقابلتها مع ميسي لصالح القناة التلفزيونية العامة ما يشعر به ملايين الأرجنتينيين وحتى عشاق الكرة من حول العالم، بعد الذي قدمه قائد "ألبيسيليستي" الثلاثاء في الفوز على كرواتيا 3-صفر خلال نصف نهائي مونديال قطر.

في نهاية مقابلتها في المنطقة الإعلامية المختلطة مع نجم باريس سان جرمان الفرنسي، قالت ماتيوس لقائد الكتيبة الأرجنتينية "آخر شيء أريد أن أقوله لك لن يكون سؤالاً، بل تصريحاً. هناك نهائي كأس عالم بانتظارنا وحتى إن كنا جميعاً نرغب بالفوز، هناك شيء واحد لا يمكن لأحد أن يسلبه منك وهو ما منحته لكل فرد أرجنتيني. أقول لك ذلك بكل صدق".

"لقد أثرت في حياة الجميع"

وتابعت "لا يوجد طفل واحد ليس لديه قميصك، سواء كانت النسخة الأصلية، أو نسخة طبق الأصل، أو نسخة مخترعة، أو خيالية. لقد أثرت في حياة الجميع. وأعتقد أن هذا الأمر أعظم من كأس العالم".

وتوجهت اليه نيابة عن الشعب الأرجنتيني بـ"شكراً لك على لحظة سعادة كبيرة جداً قدمتها للكثير من الناس. آمل أن تعرف ذلك في قلبك، لأني أعتقد أن ذلك (السعادة) أكثر أهمية من كأس العالم... لذا، شكراً لك أيها القائد".

رغم أعوامه الـ35، أظهر ميسي الثلاثاء على ملعب لوسيل حجم رغبته في قيادة بلاده الى لقبها العالمي الأول منذ 1986 والثالث في تاريخها من أجل تكريس أسطورته والوصول الى مرتبة الراحل دييغو مارادونا.

ويقدم ميسي أفضل مشاركة له في النهائيات وهو لعب ضد كرواتيا الدور الرئيسي في بلوغ الأرجنتين النهائي السادس في تاريخها بعدما سجل الهدف الأول من ركلة جزاء، ومرر كرة الهدف الثالث بأداء خارق.

ويبدو أن اندفاع ميسي لإحراز اللقب الكبير الغائب عن خزائنه جعله يتجاوز عامل التقدم في العمر والأرقام تتحدث عن نفسها، إذ أن عام 2022 كان الأكثر مردوداً له على صعيد الأهداف بقميص المنتخب الوطني منذ بدايته الدولية عام 2005.

وبأهدافه الخمسة في المونديال القطري، رفع ميسي رصيده في 2022 الى 16 هدفاً، ليتفوق بفارق أربعة أهداف عن أكبر مردود تهديفي له مع "ألبيسيليستي" خلال عام واحد وقدره 12 هدفاً في 2012، أي حين كان في الخامسة والعشرين من عمره.

وبعدما طار حلم الانضمام الى الأسطورة مارادونا ومنح الأرجنتين اللقب عام 2014 بالخسارة في النهائي أمام ألمانيا، سيحصل ميسي على فرصة ثانية لإحراز اللقب. ويمني نجم برشلونة الإسباني السابق أن يكون نهائي الأحد على ملعب لوسيل أيضاً أفضل وداع له لكأس العالم وفق ما أفاد بعد الفوز على كرواتيا، قائلاً لصحيفة "أوليه" الأرجنتينية "السعادة كبيرة، أن أتمكن من إنهاء مسيرتي في كؤوس العالم (بهذه الطريقة) وأن تكون مباراتي الأخيرة في نهائي".

"أفضل ما يمكن أن يحصل"

وتابع "كل ما اختبرته في كأس العالم هذه كان مثيراً، إن كان من ناحية المشاعر التي عاشها الناس أو كيف يستمتع الأرجنتينيون بذلك في الوطن".

وأكد أن هذه النهائيات ستكون الأخيرة له في كأس العالم "لأنه تفصلنا سنوات عديدة حتى كأس العالم المقبلة (سيكون في الـ39 من عمره)... أن أنهي (المشوار) بهذه الطريقة، فهذا أفضل ما يمكن أن يحصل".

أفضل نهاية بالتأكيد هي أن يرفع ميسي الكأس الغالية الأحد في مباراة ستكون تاريخية له أيضاً على صعيد الأرقام الشخصية، إذ سينفرد بالرقم القياسي لعدد المباريات في كأس العالم بعدما بات ضد كرواتيا على المسافة ذاتها من الألماني لوتار ماتيوس في عدد المباريات في النهائيات والبالغ 25.

وبمشاركته أصلاً في النهائيات القطرية، وصل ميسي الى رقم قياسي آخر متمثل بعدد كؤوس العالم التي خاضها (5)، على غرار غريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي ودع البطولة من ربع النهائي، وماتيوس أيضاً.

وبعد تسجيله خمسة أهداف في المونديال القطري، بينها ثلاثة في ثمن وربع ونصف النهائي ليفك صيامه عن التهديف في الأدوار الإقصائية لأربع نسخ، رفع ميسي رصيده الى 11 هدفاً في النهائيات، ليحطم الرقم القياسي الأرجنتيني المسجل باسم غابريال باتيستوتا (10).

وبات ميسي الآن بأهدافه الـ11، متخلفاً بفارق 5 عن الرقم القياسي المطلق لعدد الأهداف في النهائيات والمسجل باسم الألماني ميروسلاف كلوزه (16).

وميسي هو اللاعب الوحيد الذي قام بتمريرات حاسمة في كل من النسخ الخمس التي شارك فيها، كما بات اللاعب الوحيد الذي يسجل ويمرر كرات حاسمة في أربع نسخ من النهائيات منذ بدء جمع الاحصائيات عام 1966.

وكان البرازيلي بيليه يحمل الرقم القياسي لأكبر عدد من التمريرات الحاسمة في مراحل خروج المغلوب بست تمريرات، قبل أن يعادله ميسي الثلاثاء وبالتالي سيكون أمام فرصة الانفراد بهذا الرقم أيضاً خلال المباراة النهائية.

لكن "الأهم يبقى أن ننجح في تحقيق الهدف الجماعي، وهو الهدف الأجمل على الإطلاق. نحن على بعد خطوة بعدما قاتلنا كثيراً، وسنحاول أن نقدم أفضل ما لدينا من أجل أن ننجح هذه المرة" في رفع الكأس.