شابت الدراما التَّاريخيَّة العراقيَّة لهذا العام العديد من الأخطاء التَّأريخيَّة.

بغداد: تنال المسلسلات الدراميَّة العراقيَّة التَّاريخيَّة على الدوام ضروبًا من الإنتقادات والإتهامات حول عدم مصداقيَّة ما تعرض من أحداث ووقائع فيها، يحاول البعض أنّْ يصفها بـquot;التزييفquot;، راميًا اللوم على أطراف متعدِّدةً تبدأ بالكاتب ولا تنتهي بالمخرج، ويظن الكثيرون أنَّ هذا quot;التزييفquot; متعمد، أو أنَّ من ورائه أسبابًا سياسيَّةً أو إجتماعيَّةً.

والغريب أنَّ هذه الأعمال الَّتي تتعلَّق بالتَّاريخ، سواء القديم منه أو الحديث، لا تخضع لمراجعة تاريخيَّة، من شأنها أنّْ تصحِّح أخطاء الكتَّاب، والَّتي يتولى مراجعتها أشخاص من ذوي الإختصاص والمعرفة من المجمع العلمي العراقي أو الجامعات، وشهدت مسلسلات رمضان الماضي التَّاريخيَّة الكثير من الإعتراضات والنقد على ما جاء في التفاصيل والأحداث، وهو ما جعلنا نبحث في الموضوع.

ويقول الكاتب الروائي والناقد عباس لطيف: quot;المسلسلات الَّتي تتصدَّى لمراحل تاريخيَّة أو لشخصيَّات تاريخيَّة بالذات تفتقر فعلاً إلى المراجعة التَّاريخيَّة والعلميَّة والموضوعيَّة، لذلك نجد تباينًا في الطرح الذي يبدأ فيه المسلسل، هناك أفكار مغلوطة، وهناك حقائق مطموسة، وهناك قفز على الأحداث، وهناك مخيِّلة الكاتب الَّتي تلعب دورًا في صنع المشهد وصنع المسلسل على ضوء خياله الذي لا يستند إلى حقائق تاريخيَّةquot;.

وأضاف: quot;وعدم وجود رقابة أو مراجعة يشكِّل خطأ كبيرًا، على الرغم من وجود بعض المسلسلات المتواجد فيها عنوان (مراجعة) ولكن يبدو أنَّها مراجعة ضعيفة وغير مسؤولة، وهناك الكثير من الملاحظات مثلاً على مسلسل quot;آخر الملوكquot; الذي عرض في رمضان الماضي، هناك حقائق معروفة للإنسان العادي لا تحتاج إلى مؤرشف تاريخي أو محقِّق لكي يتأكد منها، لكنها انقلبت، فلماذا القفز والتلاعب بحقائق التَّاريخ، إنَّها جناية على الحقائق التَّاريخيَّةquot;.

وحول من يتحمل تامسؤوليَّة أشار: quot;هناك عدَّة جهات تتحمَّل هذه المسؤوليَّة، بالدرجة الأولى المجمع العلمي، وفي الدرجة الثانية وزارة الثقافة، وهذه المصنفات التلفزيونيَّة كانت تعرض على خبراء بغض النظر عن المسألة الجماليَّة، حيث هناك حقائق تاريخيَّة تعرض على النَّاس المختصين وأساتذة الجامعات والباحثين والعلماء في التَّاريخ أو علم الإجتماع، الذين يحقِّقون ويتأكَّدون من الجانب التَّاريخي في القضيةquot;.

أمَّا الكاتب الدرامي فاروق محمد فقال: quot;أي شيء من التَّاريخ الحقيقي، سواء القديم منه أو الحديث، يجب أن يخضع لإشراف أناس مختصين، لأنَّ هذه أمانة، لكن في الدراما تحدث بعض التجاوزات بدءً من الفعل الدرامي، وصولاً إلى رسم الشَّخصيَّةquot;.

وأضاف: quot;يجب أنّْ تكون هناك مراجعة تاريخيَّة من قبل مختصين، وهذه تعزز العمل ، فالقناة الفضائيَّة عندما تأخذ النَّص من كاتب معين يجب أنّْ يكون عندها مراقب، لأنَّ هذا النص ليس موضوعًا شعبيًّا، أو قصَّة إجتماعيَّة ويتصرَّف بها كما يريد، المفروض أنّْ تكون هناك مراجعة، لأنَّ هذه تثقيف للنَّاس، فكيف نعرف تاريخنا؟quot;.

وتابع: quot;لا أعرف من يتحمل المسؤوليَّة، ولكن اعتقد انَّ الفضائيَّة الَّتي تموِّل العمل هي المسؤولة، أنا اعرف أنَّ الذي يقدِّم شيئًا يكون مسؤولاً عنه، والذي يموِّل مسلسلاً يكون مسؤولاً عنه، أخلاقيًّا وثقافيًّا وتاريخيًّا، والمفروض أيضًا أنّْ تكون هناك جهة حكوميَّة تسأل، على الأقل، وتناقش.

فيما قال المخرج التلفزيوني فاروق القيسي: quot;الأعمال التَّاريخيَّة تعتمد على النَّص الجيِّد والصحيح تاريخيًّا، والديكورات الجبَّارة والملابس وكذلك قدرة المخرج، عندنا بعض الأعمال فيها أخطاءًا تاريخيَّةً، والسبب الجهل في التاريخ وإنّْ كان التَّاريخ قريبًا، هناك مسائل في الاربعينيَّات والخمسينيَّات ونجد أخطاءًا فيها، والسبب عدم الدقَّةquot;.

وأضاف: quot;المسؤول الأوَّل والأخير عن الاخطاء التَّاريخيَّة هو المخرج الذي يقف وراء العمل سواء إنّْ كانت هناك أخطاءًا تاريخيَّةً كما تتحمَّل وزارة الثقافة هذه المسؤوليَّة أيضًاquot;.