إيلاف من باريس: في كتابها الصادم "وتوقفت عن مناداتك بأبي"، تكشف كارولين داريان (اسم مستعار) عن تفاصيل مروعة لهول الجرائم التي ارتكبها والدها دومينيك بيليكوت بحق والدتها، جيزيل، والتي استمرت لمدة تسع سنوات.
هذا الكتاب الصادر عام 2023 عن دار هاربروكلينز، يسلط الضوء على الخيانة المطلقة والانتهاكات الوحشية التي تعرضت لها الأسرة بأكملها على يد الأب. يروي الكتاب المؤلف من 176 صفحة، قصة صادمة لقسوة والد دمر حياة زوجته وصحتها الجسدية والعقلية، وحول الأسرة إلى ساحة من الرعب والخداع.
غلاف كتاب "وتوقفت عن مناداتك بأبي"
عندما يستخدم الدواء كسلاحاً للاغتصاب: صرخة ابنة تفضح وحشية والدها
القصة التي بدأت في عام 2020 بعد اعتقال دومينيك بيليكوت بتهمة تخدير زوجته وتسهيل اغتصابها من قبل عشرات الرجال، لم تكن مجرد جريمة عائلية، بل جرس إنذار حول خطر الاستسلام للأدوية التي قد تتحول إلى أسلحة خبيثة بيد المعتدين.
كارولين، المديرة التنفيذية في إحدى الشركات الكبرى، قررت كسر الصمت والتحدث علانية عن تجربتها الشخصية المريرة لتوعية العالم بآفة الإذعان للدواء والعنف الأسري.
تخدير واستغلال بلا رحمة
تصف داريان في كتابها كيف كان والدها دومينيك بيليكوت يستغل والدتها بطريقة تقشعر لها الأبدان. بيليكوت، الذي يبلغ الآن من العمر 71 عامًا، كان يقوم بتخدير زوجته جيزيل بانتظام، مما جعلها تفقد وعيها تمامًا، ليمكنه دعوة عشرات الرجال إلى منزله لممارسة الجنس معها دون علمها.
الأكثر رعبًا هو أن بيليكوت كان يمنع هؤلاء الرجال من استخدام الواقي الذكري، بما في ذلك رجل كان مصابًا بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، مما عرّض حياة جيزيل لخطر الإصابة بأمراض قاتلة.
الوحشية المختبئة وراء القناع
داريان تكشف في كتابها كيف كان والدها يلبس والدتها ملابس فاضحة، مُظهراً إياها وكأنها "عاهرة رخيصة"، فيما كانت الحقيقة أن جيزيل كانت فاقدة الوعي تماماً وغير قادرة على الدفاع عن نفسها.
على مدى سنوات، كانت جيزيل تعاني من تدهور مستمر في صحتها دون أن تدرك السبب الحقيقي وراء ذلك. ولكن الأسوأ من ذلك، أن بيليكوت كان يتهمها زورًا بخيانة زوجية ويستخدم هذا الادعاء لتبرير الأمراض الجنسية التي كانت تعاني منها.
لم تسلم الابنة من وحشية الأب
الكتاب لا يروي فقط تفاصيل الاعتداءات الجنسية التي تعرضت لها جيزيل، بل يتطرق أيضًا إلى محاولة بيليكوت التحكم في ابنته، كارولين داريان.
وفي واحدة من أكثر الشهادات المرعبة، تصف داريان كيف كان والدها يخدرها هي الأخرى، ويقوم بتصويرها وهي في وضع الجنين، مرتدية ملابس داخلية، بينما هو يلتقط الصور.
لم يكن الاعتداء على الأم كافيًا له؛ بل امتدت يد الوحشية لتطال ابنته، ما يكشف عن مدى الانحراف الجنسي الذي سيطر على حياته.
الحقيقة المرة واكتشاف الجحيم
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، تم اكتشاف الحقيقة المروعة عندما عثر المحققون على أكثر من 20,000 صورة وفيديو توثق الاعتداءات الوحشية التي تعرضت لها جيزيل. هذه الأدلة لم تترك مجالاً للشك في الجرائم البشعة التي ارتكبها بيليكوت ومعه عشرات الرجال.
بالنسبة لداريان، كان هذا الاكتشاف بداية لانهيار نفسي عميق، حيث وجدت نفسها غير قادرة على التعامل مع حجم الصدمة التي عاشتها، وتم إدخالها إلى جناح الأمراض النفسية لتلقي العلاج.
وتشدد داريان في كتابها على المخاطر التي ينطوي عليها استخدام الأدوية لتخدير الضحايا واستغلالهم جنسيًا. هذا النمط من الجرائم بات يشكل خطرًا عالميًا، وتقول كارولين إن غرف الأدوية المنزلية قد تتحول بسهولة إلى أدوات بيد المغتصبين إذا لم يتم التعامل بحذر مع هذه المواد.
ومن خلال روايتها الشخصية، تسعى كارولين إلى رفع الوعي حول هذا الخطر الخفي الذي يهدد النساء في جميع أنحاء العالم.
شجاعة المواجهة
رغم الفاجعة الشخصية، قررت كارولين أن تكون صوتًا قويًا في مواجهة العنف الجنسي والأسري. لم يكن من السهل أن تواجه العالم بما حدث في بيتها، لكنها اختارت كسر الصمت والحديث عن التجربة المؤلمة التي عاشتها. من خلال كتابها، تقدم كارولين رؤية مباشرة وحادة حول كيفية تأثير هذه الجرائم على الضحايا وعائلاتهم، وكيف يمكن أن تتحول الثقة إلى خيانة مدمرة.
نكران الحقيقة ومحاولات التستر
داريان توضح في كتابها كيف كان بيليكوت يحاول بشتى الطرق التستر على أفعاله المشينة. حتى بعد ظهور العلامات الصحية المقلقة على والدتها ومنها الأمراض الجنسية، كان ينكر تورطه ويزعم أن مشكلاتها الصحية ناجمة عن "علاقاتها الغرامية" المزعومة. لم يكن الهدف فقط تغطية جرائمه، بل أيضًا الاستمرار في التلاعب بزوجته وتحطيمها نفسيًا.
العائلة في حالة دمار
بعد الكشف عن هذه الجرائم البشعة، تمزقت حياة الأسرة بشكل لا يمكن إصلاحه. كارولين داريان، التي كانت تعيش في ظل والدها لسنوات، تعاني الآن من تبعات نفسية وجسدية مدمرة.
أما جيزيل، فهي تعيش في حالة صحية حرجة، تعاني من أمراض جنسية ومشكلات نفسية عميقة نتيجة الاعتداءات المتكررة التي تعرضت لها.
هذه العائلة، التي بدت عادية في يوم من الأيام، تحولت إلى رمز للدمار الذي يمكن أن ينتج عن الخيانة الزوجية والتلاعب النفسي.
العدالة المنتظرة
بينما تجري المحاكمة حاليًا في أفينيون، ينتظر الجميع الحكم الذي قد يصدر في ديسمبر 2023. دومينيك بيليكوت، ومعه 50 رجلاً آخرين، يواجهون تهم الاغتصاب المشدد، وتلك المحاكمة تعد بمثابة الأمل الأخير لعائلة دمرت حياتها بسبب الجرائم التي ارتكبها هذا الأب الوحشي.
صرخة ضد الصمت
كتاب "وتوقفت عن مناداتك بأبي" هو أكثر من مجرد سرد لجريمة عائلية. إنه صرخة ضد الصمت الذي يمكن أن يحول العائلة إلى ساحة جرائم لا تُرى إلا بعد فوات الأوان.
كارولين داريان لا تروي فقط قصتها، بل تقدم شهادة مروعة عن الوحشية التي يمكن أن تختبئ خلف جدران البيوت، وعن الانتهاكات التي يمكن أن تحدث عندما يُستخدم الحب والثقة كأسلحة للتدمير.
أصداء إعلامية
لاقى الكتاب اهتمامًا واسعًا في الإعلام الفرنسي والعالمي، حيث وصفته صحيفة "لو باريزيان" بأنه ليس مجرد توثيق لمأساة، إنما هو أكثر من ذلك اذ يهدف الكتاب الى التوعية من مخاطر إخضاع الضحايا كيميائياً من خلال الأدوية المتوفرة في كل بيت.
أما صحيفة "نيس ماتان"، فأشادت بمهارة كارولين داريان في نقل الرعب والفوضى والخيانة بدقة مؤلمة.
لا يقتصر الكتاب على كونه مجرد شهادة شخصية، بل يتعدى ذلك ليمثل دعوة للعمل والتفكير في العلاقات بين الرجل والمرأة وفي كيفية حماية النساء من الجرائم التي تختبئ تحت ستار الأسرة.
التعليقات