إيلاف من باريس: في واحدة من أكثر القضايا المروعة التي شهدتها فرنسا في السنوات الأخيرة، يمثل دومينيك بيليكوت، البالغ من العمر 71 عامًا، أمام المحكمة في مدينة أفينيون بتهمة تنظيم شبكة اغتصاب استمرت لأكثر من عقد. وبدأت إحدى المحاكم الفرنسية أمس الاثنين النظر في القضية التي هزت الرأي العام في البلاد، حيث أقدم بيليكوت على تخدير زوجته على مدار السنوات العشر الأخيرة من زواجهما الذي بدا مثاليا، حيث كان يضع لها حبوبا منومة في وجباتها المسائية، ثم يدعو غرباء لاغتصابها على مرأى ومسمع من كاميرا الفيديو الخاصة به، بينما كانت فاقدة للوعي.
المحاكمة لا تشمل بيليكوت وحده؛ بل تضم معه خمسين رجلًا آخرين لبوا دعوته الشنيعة للاعتداء الجنسي على زوجته، جيزيل، التي كانت في حالة غيبوبة تامة.
وأدى هذا الكشف المروع إلى إصابة جيزيل بانهيار عصبي كامل، ودفعها إلى حافة الانتحار.

رسائل سوداء
خلال تسع سنوات، أرسل بيليكوت عددًا لا يحصى من الرسائل إلى رجال من مختلف الأعمار والمهن، يدعوهم فيها للاعتداء على زوجته المخدرة. كانت هذه الرسائل جزءًا من خطة محكمة استمرت على مدار سنوات، حيث قام بيليكوت بتصوير وتوثيق كل اعتداء بدقة. لكن الأمر لم يتوقف عند الرسائل؛ فقد فهرس بيليكوت هذه الجرائم البشعة وجمع أكثر من 20,000 صورة لجريمة الاغتصاب المنظمة التي شارك فيها 72 شخصًا، تم التعرف على 50 منهم وهم الآن قيد المحاكمة.

كشف الحقائق
في عام 2020، وبعد عقد من الزمن على بدء هذه الجرائم، علمت جيزيل بالحقيقة المروعة عن حياتها. كانت تظن لسنوات أنها تعاني من مرض الزهايمر بسبب تدهور حالتها الصحية وفقدان الذاكرة، لكنها اكتشفت الحقيقة الصادمة. في جلسات ما قبل المحاكمة، وصفت جيزيل مشاعرها بالقول: "أشعر بالقذارة والدنس والخيانة. كان الأمر بمثابة تسونامي".

مشاهد موثقة
وأظهرت التحقيقات أن الزوج قام بتصوير زوجته النائمة وهي تتعرض للاغتصاب 90 مرة، بين عامي 2011 و2020، حيث وجدت الشرطة ملفا على حاسوبه بعنوان "إساءة معاملة" يتضمن كل تلك المشاهد الصادمة.
وبما أن العديد من المتهمين مذكورين بالاسم، إلى جانب وصف دقيق للأعمال التي يقومون بها، فقد تم إلقاء القبض على 50 منهم. لكن لم يتسن التعرف على هوية 22 آخرين، وبذلك لن يتم تقديمهم إلى العدالة أبدا.

متهمون بلا ندم
من بين الرجال المتهمين بالاغتصاب، لا يزال 18 رهن الاحتجاز، بينما أطلق سراح 32 بكفالة. وقد أشار بعض المتهمين إلى أنهم لم يكونوا على علم بأن جيزيل كانت ضحية غير راغبة، فيما أكد بيليكوت للمحققين أن جميع الرجال الذين دعاهم لاغتصاب زوجته كانوا على دراية بأنها مخدرة وغير واعية.


متظاهرون يحملون لافتات خلال مظاهرة خارج المحكمة أثناء محاكمة دومينيك بيليكوت

عائلة مدمرة
تأثرت عائلة بيليكوت بشكل كبير بكشف هذه الجرائم، خاصة ابنته كارولين التي نشرت في عام 2022 كتابًا بعنوان "توقفت عن مناداتك بأبي"، تروي فيه قصة معرفتها بجرائم والدها وتأثيرها المدمر على الأسرة. كما أسست جمعية تهدف إلى زيادة الوعي والحملات ضد الجرائم الجنسية المرتبطة بالمخدرات.

محاكمة علنية
المحاكمة الحالية قد لا تكون الأخيرة لبيليكوت، حيث تم اتهامه بارتكاب جرائم أخرى تشمل الاغتصاب والقتل في عام 1991، ومحاولة اغتصاب في عام 1999.
ورغم الطبيعة البشعة للقضية، طالبت جيزيل بأن تكون المحاكمة علنية، متنازلة عن حقها في عدم الكشف عن هويتها. وصرح رئيس المحكمة بأن جميع الجلسات ستكون علنية حتى نهاية القضية، مما يعكس شجاعة جيزيل ورغبتها في مواجهة المعتدين.
وتشكل هذه المحاكمة، التي من المتوقع أن تستمر حتى عيد الميلاد، معلما قانونيا فرنسيا. فمع وجود 51 رجلا، بما في ذلك الزوج، متهمين جميعا بالاغتصاب، يقول المسؤولون في محكمة فوكلوز الجنائية الإقليمية إن هذا هو أكبر عدد من المتهمين الذين حوكموا معا في السنوات الأخيرة.
ومع استمرار جلسات المحاكمة، التي من المقرر أن تستمر حتى 20 كانون الأول (ديسمبر)، يواجه بيليكوت وأسرة جيزيل اختبارًا قاسيًا للعدالة والإنسانية.

أعدت إيلاف التقرير عن دايلي ميل. (النص الأصل هنا)