تتعدد أسباب الارق وعدم النوم ولا يمكن اعطاء تفسير واحد لها. في هذ الصدد تشير دراسة للمعهد الالماني لبحوث النوم واسباب الارق في ميونيخ، الى ان المرأة في سن الـ40 تشكو مثل الرجل من الأرق، إلا أنه بعد ذلك تميل الكفة إلى المرأة وتصبح أكثر شكوى من قلة النوم.
برلين: يعيد الطب اسباب الأرق عند النساء الى انشغال الفكر بأمور مصيرية وعائلية، حيث ان الانسان يعيش اجواءها في الليل مجددا، كأن يسمع الاصوات مرة اخرى ويرى المناظر المزعجة، فيشتد الخلاف من جديد ما يزيد الامر سوء ويظل الانسان في حالة من التفاعل النفسي ما يمنعه من النوم، ولا يستطيع بعد ذلك ان يستعيد هدوءه وسكينته ولا يتخلص من تلك المشاعر الا بعد فترة من الوقت قد تمتد الى ساعات فيتأخر نومه. ومن المسببات العامة تراجع نسبة الهرمونات لديها خاصة في فترة سن اليأس، مشاكل العمل أو ظروفه السيئة أو غير المريحة، وسوء التغذية والقلق من المشاكل المالية وقلة الحركة، اضافة الى مسببات لها علاقة بامراض جسدية.
ولا يهمل الاطباء اسبابًا اخرى يكون لها دور في عدم النوم كالامراض المزمنة واعراضها ومضاعفاتها، خاصة لدى الكبار في السن، حيث تعتبر سببا مهما ينبغي النظر فيه ومعالجته لحل مشكلات النوم. فالالام المزمنة مثل المفاصل والعظام والعضلات وضيق التنفس وخاصة عند الإستلقاء على الظهر بسبب أمراض القلب او الرئتين او ما يسمى بإختناق النوم او السعال المزمن كما يحصل عند مرضى الربو او تكرار مرات التبول كما يحدث لمرضى السكري، هي مشكلات شائعة تمنع الكثيرين من النوم بشكل مريح وهناك الاعراض الحادة مثل الاصابات والكسور وارتفاع الحرارة والالام الاذن الحادة وغيرها.
لكن وبشكل عام يقسم الاطباء الأرق الى ثلاثة انواع: النوع الاول عدم النوم الحاد، أسبابه نفسية عادة بسبب الارهاق الكثير وعدم الراحة أو التوتر العصبي الشديد. والنوع الثاني وهو نوم متقطع ويستقيظ صاحبه بسبب شخيره لانه يحبس تنفسه كما تصحب هذه الحالة تحريك القدمين، والسبب العادي للشخير هو التعب والسرير او الوسادة غير المريحة. والنوع الثالث هو بقاء المريض بين النائم والمستيقظ دون ان يصل إلى النوم المتواصل وهذا يسبب ارهاق في اليوم التالي.
وبيّنت دراسة المعهد الالماني لبحوث النوم واسباب الارق ان من ينام اقل من ست ساعات يشعر بالتعب وارهاق نفسي وحزن ويغضب بسرعة اكثر ممن ينام لمدة 8 ساعات خلال الليل. ولان النوم يلعب دورا مهما في كيفية تفكير الانسان واحساسه تركز بعض المعاهد الصحية على اهمية النوم المريح والعميق لوقت كاف.
وحسب نفس الدراسة فإن الحديث عن الارق وقلة النوم يكون عندما لا يستطيع المرء النوم ثلاث مرات اسبوعيا وعلى اشهر طويلة، ويعاني من عدم الاستغراق في النوم ومن الوصول الى النوم العميق. وهذا له اسبابه الجوهرية، اهمها التوتر الجسدي والنفسي نتيجة قلق ومشاغل، حتى ان الذهاب الى السرير للنوم يصبح امرا يخيف المصاب بالقلق.
إلا أن اعراض قلة النوم تختلف من شخص الى اخر، فهناك من يتاثر كثيرا بقلة ساعات النوم بينما يتحملها اخرون، وهناك من يقول انام في الساعة الواحدة صباحا واستيقظ في السادسة ولا احتاج الى اكثر من هذه الساعات للنوم.
وعن اسباب تأثر المزاج بقلة النوم تقول الدراسة، يتأثر النوم والمزاج بنفس الناقلات العصبية الموجودة في الدماغ، فإذا إختل التوازن يتأثر كلاهما، وأحيانا يكون من الصعب معرفة أي من الاضطرابين حدث اولا، قلة النوم ام تدني المزاج؟ لذا ينصح هنا باللجوء الى الطبيب لان علاج الاكتئاب قد يتغلب على مشكلة إضطراب النوم.
ومن النصائح التي تقدمها الدراسة لمن يعاني من الارق عدم تناول منبهات قبل النوم، إذ يشرب البعض الشاي او القهوة بكثرة في الساعات الاولى من المساء، لذا يظل تأثير المنبهات فيها الى ساعات متأخرة من الليل. كما وان طبيعة مكان النوم وما فيه من أجهزة لها تأثير على طبيعة النوم، مثل السرير او الفراش، وما يكون في غرفة النوم من أجهزة كالتلفزيون او الكومبيوتر او الاعمال المكتبية وغيرها.
ومن النصائح المهمة التي تضمنتها الدراسة الألمانية تجنب المرء الذي يعاني من قلة النوم مشاهدة التلفاز او الأكل او إجراء النقاشات المهمة والمركزة وهو في السرير الذي يجب ان يكون فقط للنوم، مع تقليل الاضاءة والأصوات في غرفة النوم قدر الإمكان، والحرص ان تكون درجة حرارة الغرفة معتدلة، وتجنب شرب السوائل قبل الساعة الثامنة مساء فهذا يقلل من الحاجة للذهاب الى المرحاض. ايضا تجنب شرب الكولا والشاي والقهوة والشوكولاته والتدخين، خاصة قبل النوم باربع ساعات على الاقل. وتجنب النوم طويلا اثناء النهار، بل ان القيلولة يجب ان لا تدوم اكثر من 15 دقيقة الى نصف ساعة، وهي كافية لإعطاء الجسد نشاطا كبيرا ذ كان المرء يعاني من الارق في الليل، كذلك عدم الذهاب الى السرير بعد موجة غضب او بكاء او شجار او الاكل حتى التخمة. كما حذرت الدراسة من ما يسلكه الكثيرين وهو تناول الكحول قبل النوم، فالكحول قد يؤدي في البداية الى الشعور بالنعاس لكنه يحدث يقظة بعد ذلك، كما انه يسبب ذهاب المرء الى المرحاض عدة مرات.
والامر الاكثر اهمية والذي يمكن ان يقوم به معظم الناس ليحسنوا نوعية نومهم هو الحفاظ على موعد محدد للذهاب الى النوم، وكذلك الاستيقاظ وان يكون عدد ساعات النوم مناسبا.
وعند قلة النوم الشديدة يمكن القيام بنزهة قصيرة والمشي بهدوء في الهواء الطلق قبل ثلاث ساعات من النوم على الاقل وفتح نافذة غرفة النوم قبل الدخول اليها. ومن الوصفات الشعبية من اجل مقاومة قلة النوم هي تناول خليط من نصف كوب من الماء الدافئة وملعقة من عسل الزهر وملعقتين من خل التفاح وذلك قبل النوم بنصف ساعة.
التعليقات