اذا كان الحمام انحسر من الحياة العراقية في يوم من الايام فانه يعود اليوم بقوة مع حاجة المجتمع اليه، حيث ينقطع التيار الكهربائي عن البيوت، ومع ازمات الوقود المتناوبة.

ماجد شاكر من بابل:للحمام في العراق اثر بارز على الحياة الاجتماعية حتى قيل في الضجة وكثرة الكلام quot; مثل حمام النساءquot;، وفي هذا دلالة على أن الحمام كان شائعا في العراق وترتده النساء مثل الرجال.

وفيما يتعلق بالبيئة فان اصحاب الحمامات يؤكدون ان حماماتهم تحتاج لئن تكون صديقة للبيئة، فما زالت الأوساخ والمياه تلقى في الأنهر أو في خزانات عميقة في الأرض لا تصرف فيها المياه الملوثة بالصورة الصحيحة.

لكن أبا علي وهو صاحب حمام في محافظة بابل يؤكد أن دور الحمام يبعث من جديد للوعي الذي ينتاب العراقي في ضرورة المحافظة على التقاليد، إضافة إلى شعور جمعي عراقي بالعودة إلى الجذور وإصلاح ما خربته سنين الحروب، وسياسات محاربة الثقافات العراقية التقليدية.

لكن أبو علي لا ينكر قلة الوعي البيئي، وضرورة استخدام وسائل حديثة في تسخين المياه اقتصادا في الطاقة وتجنبا لتلوث البيئة، إضافة إلى افتقار الحمامات إلى وسائل quot; عزل quot; حديثة تقلل من إهدار الطاقة والحفاظ على درجات حرارة مناسبة داخل الحمامات.

والحمامات في العراق بنيت من زمان بعيد جدا، وكان النساء والرجال والأطفال يذهبون يوم واحد إلى الحمام. وكان العريس يدعو جميع أصدقائه والمقربين له لأخذ quot; حمام ساخن quot; حيث تسود الأجواء روح النكتة والمرح، وغالبا ما يصحب الجمع مغنيا يطربهم بالأغاني الجميلة المناسبة، ليصبح الحمام مكانا اجتماعيا يجمع أبناء المنطقة الواحدة.

حمد صاحب صاحب حمام شعبي.. يقول أنه قرر إعادة بناء حمامه وفق تقنيات عزل وتسخين حديثة ليكون صديقا للبيئة لتقليل الإهدار بالطاقة وتقليل التلوث المنبعث من حرق الوقود بالطرق القديمة. لكنه طالب الجهات المعينة بدعمه ماليا لتحقيق مشروعه هذا.
ويضيف حمد... غالبا ما يرتاد الحمام الشعبي العراقي زبائن إلى يومنا هذا حيث يأتون للتسلية ولقضاء الوقت وللتواصل الاجتماعي.

يضيف حمد.. يطلق على الحمام الشعبي مصطلح ( حمام السوق ) ولا تقتصر فائدته على الاغتسال أو النظافة إنما هو يكون للطبابة وللترفية والاسترخاء العضلي والتعارف والغناء والطرافة.

ينقسم الحمام الشعبي إلى قسمين في بعض الأنواع، قسم للنساء وآخر للرجال، بينما يوزع القسم الآخر أيامه يومين للنساء وباقي الأيام للرجال.

ومن الطرائف أن أغلب الرجال يتذكرون حمامات quot; النساء quot; حيث كانت أمهاتهم تصطحبهم إلى قسم النساء حيث كانت أمهاتهم تصطحبهم معهم لان الولد في هذا العمر لا يعرف أي شيء عن المرأة وهناك أولاد كثيرون يتذكرون الطرافة والنكتة عندما يدخلون مع أمهاتهم.

وفي كل حمام هناك مرتفع يسمى ( الصبة) ينام عليها الزبون ويقوم الملك بتدليك عضلات جسمه أولا.

يقول حمد.. كل زبون له quot;دلاكهquot; الخاص به يعرف مزاجه وهناك تدليك إما بالكيس الأسود الخاص أو quot;الليفة quot; وفي نهاية المطاف يعطى الزبون مناشف خاصة تلائم منزلته.

وعن تصريف المياه قبل معالجتها.. أضاف.. أغلب حمامات العراق تعد عدوة للبيئة بسبب الافتقار للمعالجة
الاولية للمياه قبل القائها في الانهر والترع الخاصة.

وفي ركن بالحمام ثمة أماكن لإزالة الشعر يستخدم فيه ( دواء الحمام ) وهو مزيج من النور والزرنيخ.

وهي مواد ضارة بالبيئة بشكل كبير جدا، بحسب أصحاب الاختصاص.

ويقول أبو عقيل وهو صاحب حمام سابق أن الحمام الجيد هو الحمام النظيف الذي يحرص على حرارة ماء ثابتة، ووجود quot;مدلكجيquot; جيد يستطيع أزالة quot;الوسخ quot; على شكل فتائل من الجلد تحت يديه وبخفه يد ماهرة.

واغلب الحمامات الشعبية في العراق تتكون من أقسام هي المنزع أو حوش الحمام وغرفة التعرق ثم غرفة الاغتسال.

و يدخل الزبون إلى قاعة اغتسال تحتوي حوضين أحدهما بارد والأخر حار وفي كل حوض حنفيتان واحدة باردة والأخرى حارة ولكل زبون تجد له الحوض الخاص به وبعد أن يكتمل الزبون من الاغتسال ثمة عامل قريب يجلب مناشف وبعدما يصل إلى القاعة الأولى يكون قد سمع من جميع الأشخاص الجالسين في القاعة كلمة (نعيما) ثم بعد ذلك يقدم له صاحب الحمام الشاي والدارسين.

ويرتاد الناس الحمام لمعالجه الأنفلونزا في الشتاء البارد حيث أن تعرض المريض إلى كمية من البخار الساخن يفتح المجاري التنفسية.

ومن الأضرار التي يسببها الحمام الشعبي التقليدي استخدام الخزان النفطي الذي تضرم النار تحته لتسخين الماء. لكن بعض الحمامات استخدمت تقنية أحدث بتأسيس شبكة أنابيب يمر بها الماء عبر مضخات كهربائية تحتها شعله نار ضخمة وتقوم مراوح بضخ هواء على الأنابيب الساخنة ليستفاد من الهواء الحار لإغراض التدفئة والتبخير.

لكن انعدام تقنيات العزل الجيد يؤدي إلى إهدار الطاقة مما يؤثر سلبيا على بيئة المدن العراقية.

بعض أصحاب الحمامات ومنهم صاحب حمام وتوت ( قاسم ) يطالبون بإعادة حصصهم الشهرية المقطوعة من الوقود، للحفاظ على استمرارية أداء الحمامات التي أوشكت على الانقراض في اغب مدن العراق.