إيلاف من لندن: فيما تتخطى أعداد الوفيات في العالم جراء فيروس كورونا المستجد مئة ألف وفاة، بحسب تعداد لوكالة (فرانس برس) يستند حصرا إلى المصادر الرسمية، فإنّ الجهود العلمية والطبيّة الأميركية تمضي قدما من أجل توفير لقاح ناجع ضدّ الفيروس الفتّاك.

ويكشف متطوع أميركي عن خضوعه لأول تجربة سريرية للعلاج بلقاح فيروس كورونا المستجد، بعد أن بدأت الشركة الأميركية "موديرنا للصناعات الدوائية"، في إجراء التجارب يوم الأربعاء الماضي، لاختبار مدى مفعول أول لقاح للفيروس الذي أثار حالة من الهلع بين الناس حول العالم.

ويعمل المتطوّع إيان هايدون، كاختصاصي معلومات عامة بجامعة واشنطن بمدينة سياتل الأميركية، هو واحد من بين 45 متطوعًا جميعهم أصحاء تمامًا وافقوا على أن يتم حقنهم باللقاح التجريبي بجرعات معينة وعلى فترات منتظمة في إطار المرحلة الأولى من التجربة التي سيترقب العالم أجمع نتائجها.

وكتب المتطوّع هايدون في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، مشاركًا صورة الحقنة التي استُخدمت لتطعيمه بأول جرعة من اللقاح: "في الساعة 10:16 صباحًا بتوقيت غرب الولايات المتحدة، جرى حقني في كتفي الأيسر، كانت الحقنة تحوي 250 ميكروجرامًا من لقاح فيروس كورونا التجريبي".

يشير هايدون إلى أنّ العلماء أخبروه هو والمتطوعين الآخرين بأنه من المتوقع لهذه المرحلة الأولى أن تستغرق 14 شهراً أو أقل.

ويلفت إلى أنه "تم السماح له بعد ذلك بالعودة إلى منزله مع تزويده بجهاز قياس درجة حرارة الجسم (ترمومتر) ودفتر خاص ليسجل فيه قياسات درجة حرارته وأي أعراض أخرى قد تطرأ على جسمه".

ومن المنتظر أن يرجع هو ورفاقه المتطوعون في مواعيد منتظمة إلى العيادة البحثية كي يخضعوا لفحوصات معينة كي يتابع الباحثون تأثيرات وتطورات اللقاح وما إذا كانت أجسامهم قد أنتجت أجساماً مضادة لمقاومة فيروس كورونا.

وعبر هايدون عن سعادته بالمشاركة في هذه التجارب على الرغم من كونها محفوفة بالمخاطر التي قد تؤدي إلى وفاته، فإنه شرح نقلاً عن الباحثين أن الفكرة الكامنة وراء اللقاح المرتقب ترتكز على استراتيجية جديدة نسبيًا.

ففي حين تعتمد جميع اللقاحات التقليدية على حقن جسم الشخص السليم بنسخة ضعيفة من الفيروس أو بمادة بروتينية مستخلصة منه بهدف تحفيز جهاز المناعة وجعله مستعداً لصد الغزو الفيروسي قبل حدوثه، فإن استراتيجية اللقاح المرتقب الذي بدأت رحلة تجريبه تعتمد على حقن جسم الشخص السليم بمادة جينية (وراثية) خاصة تتألف من شفرة بيولوجية ترميزية تحاكي تلك المادة البروتينية.

وإذا امتص الجسم تلك الشفرة البيولوجية الترميزية وقام بتنفيذ التعليمات الكامنة فيها، فإن خلايا الجسم ستبدأ تلقائياً في إنتاج جزيئات بروتين طبيعي مشابه للبروتين المغلف لفيروس كورونا.

ومن المفترض أن يؤدي بدوره إلى حث الجهاز المناعي على البدء في تكوين جسيمات مضادة لمهاجمة تلك الجزيئات البروتينية الفيروسية.

وبهذا، فإن الجسم يكتسب مناعة مسبقة مضادة للفيروس، وهي المناعة التي تمنحه درعاً واقية ضد الفيروس الحقيقي عندما يحاول شن هجوم من الخارج ضد الجسم.

وذكرت شركة “Moderna” الأميركية التي تسعى إلى تطوير هذا اللقاح المرتقب، أنها سبق لها أن نجحت من خلال هذه الاستراتيجية في ابتكار لقاحات مضادة لفيروسات معدية أخرى من بينها فيروس الأنفلونزا الموسمية والفيروس التنفسي المخلوي البشري.