إيلاف من دبي: قال باحثون ممولون من وكالة "ناسا" الأميركية للفضاء، الجمعة، إنهم رسموا خريطة للجزء الداخلي من المريخ، باستخدام البيانات الزلزالية التي جمعها مسبار "إنسايت" التابع للوكالة على مدى سنتين، وكشفوا عن كوكب له لبّ منصهر جاء حجمه وتكوينه بمثابة مفاجأة كبيرة.

وبحسب تقرير نشره موقع "الشرق" الإخباري، تُظهر الخريطة الداخلية، وهي الأولى لكوكب غير الأرض، أن الهيكل الداخلي للمريخ يختلف اختلافاً كبيراً عن كوكب الأرض، إذ يمتلك المريخ قشرة (سطح الكوكب) أكثر سماكة، وطبقة أرق من الوشاح (تحت القشرة)، ولبّاً أكبر وأقل كثافة وأكثر سيولة مما توقعه الباحثون.

وقال العلماء إن النتائج التي توصلوا إليها، وتم وصفها في 3 أوراق بحثية نُشرت الخميس في مجلة "ساينس" العلمية، تشير إلى أن المريخ تشكّل قبل الأرض بملايين السنين، عندما كانت الشمس لا تزال تتكثف من سحابة غازات متوهجة.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن سان كوتار، عالمة الزلازل في جامعة كامبريدج البريطانية، إن البحث الجديد "يعطينا أول عينة من داخل كوكب صخري آخر مثل الأرض، يتكون من المواد ذاتها، لكنه مختلف تماماً. إنه أمر مثير للإعجاب".

ووصفت كوتار، التي لم تشارك في البحث، النتائج بأنها "قفزة كبيرة إلى الأمام في علم الزلازل الكوكبية".

وتم تجميع الصورة العميقة الجديدة للمريخ، من قبل فريق دولي مؤلّف من أكثر من 40 عالماً يعملون في مراكز أبحاث من باسادينا في ولاية كاليفورنيا الأميركية، إلى موسكو العاصمة الروسية.

واطّلع العلماء على الأجزاء الداخلية من الكوكب الأحمر باستخدام مقاييس الزلازل الفرنسية الصنع، الموضوعة على متن مسبار "إنسايت" InSight التابع لـ"ناسا"، الذي هبط في عام 2018 على الخط الاستوائي للمريخ.

والتقطت تلك الأدوات معلومات مفصلة عن مئات الزلازل، بما في ذلك الطريقة التي انعكست بها وانكسرت بواسطة الطبقات تحت السطحية للكشف عن مواقعها وكثافتها.

وقال أمير خان، عالم الجيوفيزياء بجامعة زيوريخ في سويسرا، وعضو فريق البحث، إن "الأدلة لا تكمن على السطح. عليك أن تبحث في الداخل عن اللبنات الأساسية التي تصنع الكوكب: القشرة، والوشاح، واللب، وفصل المواد التي تحدث عندما يتشكل الكوكب".

وسجل المسبار "إنسايت" 733 زلزالاً على المريخ منذ بدء العمليات في فبراير 2019، وهي أقل عدداً وكثافة مما توقعه العلماء. وحتى أقوى تلك الزلازل، الذي سجل قرابة 4 درجات، بالكاد سيهز النوافذ على الأرض.

وكان أقوى زلزال على الأرض وقع في عام 2020 بمدينة بيرفيل في ألاسكا، وكانت قوته 7.8 درجة، أي أقوى بقرابة 6 آلاف مرة من أكبر زلزال سجله مسبار "إنسايت".

ولفت العلماء إلى أن المريخ مستقر زلزالياً، لدرجة أن أجهزة الاستشعار في المسبار كانت قادرة على اكتشاف الرعشات الصغيرة من الصدوع، على بُعد آلاف الكيلومترات.

وقال قائد الفريق مارك بانينغ، عالم مشروع "إنسايت" في المختبر التابع لـ"ناسا" في جنوب كاليفورنيا: "إنها شهادة على هدوء المريخ. لن تحصل أبداً على هذا الهدوء على الأرض لأنه، بغض النظر عن المكان الذي تذهب إليه، فإن المحيطات دائماً ما تُحدث ضوضاء زلزالية".

وأظهر البحث أن نصف قطر لبّ المريخ يبلغ قرابة 1830 كيلومتراً، ويمتد في منتصف المسافة تقريباً إلى سطح الكوكب. وأفضل ما يمكن للعلماء قوله، إن اللب المنصهر ليس كثيفاً جداً، ومن المحتمل أنه يحتوي على مزيج من العناصر الخفيفة مثل الهيدروجين والأوكسجين والكربون والكبريت، وفقًا لـ "الشرق".

ويلف اللبَّ وشاحٌ رقيق نسبياً، ربما يتكون من طبقتين أو 3 طبقات صخرية فقط، تعلوه قشرة خارجية سميكة وصلبة بشكل غير عادي، تسمى الغلاف الصخري، وقال العلماء إنها تبدو أكثر سمكاً مرتين أو 3 مرات من تكوين مماثل على الأرض، وتبين أن سماكتها تتراوح بين 24 و72 كيلومتراً.

واكتشف العلماء أن التربة الصخرية أسفل المسبار تبدد الطاقة الزلزالية، ما يعني أن المركبة التي تعمل بالطاقة الشمسية قد تكون موجودة داخل "ظل" زلزالي واسع، حيث قد يتعذر اكتشاف بعض الزلازل.