غلاسكو: يجتمع أكثر من 120 من قادة العالم في غلاسكو في قمة تمثّل "الأمل الأخير والأفضل" للتعامل مع أزمة المناخ وتجنّب وقوع كارثة وشيكة.

ويتوقّع أن يؤكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمام المؤتمر، وفق مقتطفات من خطابه، "علينا التحرّك حالًا.. ما لم نتعامل بجدّية مع التغيّر المناخي اليوم، فسيكون قد فات الأوان على أطفالنا للقيام بذلك غدًا".

وأمِل مراقبون بأن يعطي اجتماع قادة مجموعة العشرين، وهي الدول التي تمثّل 80 بالمئة من انبعاثات غازات الإحتباس الحراري العالمية، زخمًا قويًّا لقمّة "كوب26" المنعقدة في غلاسكو بعدما تأجّلت لمدة عام جرّاء الوباء.

وأعربت كبرى إقتصادات مجموعة العشرين الأحد عن التزامها بحصر الإحترار المناخي بحدود 1,5 درجة مئوية، الهدف الأكثر طموحًا لاتفاقيّة باريس المبرمة عام 2015.

كما اتّفقت على وقف تمويل محطّات جديدة تعمل بالفحم في مختلف أنحاء العالم بحلول أواخر العام 2021.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على تويتر "فيما أرحّب بتأكيد مجموعة العشرين التزامها بحلول عالمية، أغادر روما بآمال لم تتحقّق وإن كانت لم تُدفن على الأقل".

وصرّح جونسون الأحد "أحرزنا تقدّمًا (خلال قمة مجموعة العشرين). وضعنا أنفسنا في موقع معقول استعدادًا لكوب في غلاسكو، لكن الوضع سيكون صعبًا للغاية في الأيام القليلة المقبلة"، محذّرًا "إذا فشل (مؤتمر) غلاسكو فإنّ كلّ شيء سيفشل".

تداعيات مدمّرة

ويأتي مؤتمر غلاسكو الذي يستمر حتى 12 تشرين الثاني/نوفمبر في وقت تعكس ظروف الطقس الصعبة في مختلف أنحاء العالم التداعيات المدمّرة لتغيّر المناخ الناجم عن استخدام الوقود الأحفوري على مدى 150 عامًا.

وتفيد الأمم المتحدة بأنه حتى وإن تم الإيفاء بالإلتزامات الحالية للموقّعين على اتفاقية باريس للمناخ، فسيؤدّي ذلك إلى احترار "كارثي" بـ2,7 درجة مئوية.

وقال رئيس القمة ألوك شارما لدى افتتاحها الأحد إنّ مؤتمر كوب26 يمثّل "الأمل الأخير والأفضل لإبقاء (هدف) 1,5 درجة مئوية ممكنًا".

وأضاف "إذا تحرّكنا الآن وتحرّكنا معًا، فسيكون بإمكاننا حماية كوكبنا الغالي".

بدورها، أعربت مجموعات مدافعة عن المناخ عن خيبة أملها حيال البيان الصادر في ختام قمة مجموعة العشرين.

وقالت نامراتا تشاوداري من منظمة "350.org" غير الحكومية الأحد "على هؤلاء الذين يطلق عليهم قادة القيام بأداء أفضل. لديهم فرصة أخرى في هذا الصدد تبدأ غدًا".

بين الصين والهند

وبينما قدّمت الصين، أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، خطّتها الجديدة بشأن المناخ إلى الأمم المتحدة مؤخّرا والتي كرّرت فيها هدفها القائم منذ مدة طويلة ببلوغ الإنبعاثات ذروتها بحلول العام 2030، تتسلّط الأضواء حاليًّا على الهند.

لم تكشف الهند بعد عن "مساهمتها المحدّدة وطنيًّا" الجديدة، لكن في حال أعلن رئيس وزرائها ناريندرا مودي عن جهود جديدة للحد من الإنبعاثات في خطابه الإثنين، فسيكثّف بذلك الضغوط على الصين وغيرها، بحسب ألدن ماير من مركز أبحاث الطاقة المناخ "E3G".

وأمّا المسألة الأخرى الملحّة فتتمثّل بإخفاق الدول الغنية في تخصيص مئة مليار دولار سنويًّا اعتبارًا من العام 2020 لمساعدة الدول النامية على خفض الإنبعاثات والتأقلم، بناء على تعهّد صدر أول مرة سنة 2009.

وتأجّل هذا الهدف إلى العام 2023، ليفاقم أزمة الثقة بين دول الشمال، المسؤولة عن الإحترار العالمي، وتلك الواقعة في جنوب الكرة الأرضية والتي تعد ضحية تداعياته.

قضية عدالة

وشدّدت ليا نيكولسن بالنيابة عن "تحالف الدول الجزرية الصغيرة" الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن تغيّر المناخ، على أنّ "التمويل المرتبط بالمناخ ليس عملًا خيريًّا. إنها قضية عدالة"، فيما ندّدت كذلك برفض الإقتصادات الكبرى التخلّي عن الفحم.

وقالت إنّ التوقّعات الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ التابعة للأمم المتحدة بأنه يمكن أن يصل العالم إلى عتبة 1,5 درجة مئوية قبل عشر سنوات من الموعد المتوقّع، أي بحلول 2030، "مرعبة"، خصوصًا بالنسبة للأشخاص الأكثر تأثّرًا بأزمة المناخ والذين يعانون أساسًا من التداعيات في عالم ارتفعت درجة حرارته بحوالى 1,1 درجة مئوية.

ولفتت إلى أنّه رغم كل ذلك، يبدو أنّ البعض لا يشعرون بالخوف، بل إنهم حتى غير آبهين.

يرجّح بأن تلقى تصريحاتها صدى في خطابات قادة الدول الأفريقية وتلك المطلّة على الهادئ الاثنين والثلاثاء.

وفيما يُستبعد حضور الرئيسين الصيني والروسي شخصيًّا، إلّا أنّ عشرات رؤساء الدول والحكومات بينهم الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة دول الإتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون سيحضرون في غلاسكو.

الناشطون الشباب

وستراقَب تصريحاتهم وخطواتهم عن كثب، خصوصًا من قبل الناشطين الشباب الذين توجّهوا إلى اسكتلندا رغم العقبات الماثلة جرّاء الوباء.

وقالوا في رسالة مفتوحة صدرت عن عدد منهم، بمن فيهم الناشطة السويدية غريتا تونبرغ التي وصلت الأحد بالقطار، "كمواطنين من مختلف أنحاء الكوكب، نحضّكم على مواجهة حالة الطوارئ المناخية.. لا العام المقبل ولا الشهر المقبل. الآن".