سيشهد عام 2010 المقبل جهوداً حاسمة في منع انتشار الأسلحة النووية على مستوى العالم.

الامم المتحدة: سيكون عام 2010 عاما حاسما في جهود منع الانتشار النووي على مستوى العالم وستسلط جميع الانظار على الولايات المتحدة وروسيا لمتابعة ما اذا كانت أكبر قوتين نوويتين ستستطيعان الوصول الى اتفاق لخفض ترسانتيهما.

في ابريل نيسان أعلن الرئيس الاميركي باراك أوباما في كلمة ألقاها في براج أن بلاده ملتزمة quot;بالسعي الى تحقيق الامن والسلام لعالم خال من الاسلحة النووية.quot; وفي سبتمبر أيلول رأس اجتماعا لمجلس الامن الدولي أيد هذه الرؤية بالاجماع.

ويقول محللون وحكومات غربية ان قدرة أوباما على بدء تنفيذ وعده ستختبر العام القادم حين تستأنف موسكو وواشنطن التفاوض على اتفاق لخفض الاسلحة ومجددا في مؤتمر مهم تعقده الامم المتحدة عن الاسلحة النووية في مايو ايار.

ويشيرون الى أن نجاح مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي الموقعة في عام 1970 سيتوقف الى حد بعيد على ما اذا كان المفاوضون الاميركيون والروس سيستطيعون اولا الاتفاق على اتفاقية تحل محل معاهدة خفض الاسلحة الاستراتيجية (ستارت 1). وانتهى العمل في الخامس من ديسمبر كانون الاول بمعاهدة (ستارت 1) التي وقعها الرئيس الاميركي جورج بوش الاب والزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف عام 1991 . وقال أوباما والرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الاسبوع الماضي في كوبنهاغن انهما سيواصلان العمل من أجل الوصول الى اتفاق في عام 2010.

وقال مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن quot;الاتفاق الذي سيخلف ستارت والذي يبدو الوصول اليه وشيكا لن يخفض ترسانتي الجانبين خفضا كبيرا لكنه سيكون اظهارا مهما للرغبة في الاتجاه نحو نزع السلاح.quot; وأضاف أن quot;الموعد النهائي الاخيرquot; للوصول لاتفاق جديد هو مايو ايار حين يفتتح مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي في نيويورك والا quot;سيبدأ بفجوة عميقةquot;.

وانتهى مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي الاخير في مايو 2005 بالفشل. وأنحى مندوبون كثيرون باللائمة في انهياره على الولايات المتحدة وايران ومصر حيث اتهموا هذه الدول بتشكيل تحالف سبب انقسام الوفود وأهدر الوقت في المشاحنات بشأن الاجراءات.

وقال المندوبون ان ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش ركزت اكثر من اللازم على التهديدات النووية المزعومة التي تمثلها ايران وكوريا الشمالية بينما اتهمت طهران ودول نامية أخرى واشنطن والقوى النووية الاربع الاخرى بالتراجع عن الالتزامات بنزع السلاح.

واذا كانت روسيا والولايات المتحدة تستطيعان ارسال اشارة واضحة للعالم تفيد بأنهما جادتان بشأن نزع السلاح النووي من خلال وضع اتفاقية جديدة لتقليص مخزوناتهما التي ترجع الى الحرب الباردة فان معاهدة منع الانتشار النووي قد تحصل على فرصة جديدة للحياة حين يجتمع الموقعون عليها وعددهم 189 لبحث سبل سد ما يعتبره البعض ثغرات خطيرة.

وللولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وضع خاص في اطار معاهدة منع الانتشار النووي اذ يسمح لها بالاحتفاظ بأسلحتها لكنها تعهدت ببدء مفاوضات لنزع السلاح وهو الوعد الذي قالت بعض الدول التي لا تملك أسلحة نووية انه لم ينفذ.

وتود القوى الغربية أن تتم خلال مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي العام القادم الموافقة على خطة عمل لتعزيز المعاهدة بحيث يتعذر على دول مثل ايران وكوريا الشمالية أن تحصل على تكنولوجيا حساسة أو أن تكتسب القدرة على انتاج أسلحة نووية. لكن الدول الغنية والفقيرة على خلاف منذ سنوات. وتتهم الدول الفقيرة القوى الكبرى باحتكار التكنولوجيا النووية وتريد وضع حد لهذا.

أما الدول الغنية فتشعر بالقلق من التهديد الذي تمثله سباقات التسلح النووي في اسيا والشرق الاوسط حيث يعتقد على نطاق واسع أن اسرائيل تمتلك ترسانة نووية وان كانت لم تعترف بهذا. وتخشى هذه الدول من حدوث نهضة في مجال الطاقة النووية على مستوى العالم على نحو يزيد من خطر الانتشار النووي.

كما يود الكثير من الموقعين على معاهدة منع الانتشار النووي أن يدعو المؤتمر الذي ستتم مراجعتها خلاله الى تطبيق المعاهدة على الجميع مما يعني أنه يجب أن يتم الضغط على اسرائيل وباكستان والهند للتوقيع والتخلص من أي رؤوس حربية تمتلكها. وكانت كوريا الشمالية قد انسحبت من معاهدة منع الانتشار النووي عام 2003 وأجرت تجارب على معدات نووية في عام 2006 وفي وقت سابق من العام الحالي.

ويقول بعض المحللين انه سيكون من المفيد لادارة أوباما أن تعيد تقديم معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لمجلس الشيوخ ليصدق عليها قبل بدء مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي. وقال جو سيرينسيون رئيس مؤسسة بلافشيرز فاند وهي مؤسسة للسلم والامن مقرها الولايات المتحدة ان غالبية الدول تعتبر التصديق على المعاهدة quot;المؤشر على التزام الولايات المتحدة بوقف انتشار الاسلحة النووية.quot;

وكان مجلس الشيوخ الذي هيمن عليه الجمهوريون قد رفض المعاهدة الشاملة لحظر التجارب النووية عام 1999. ولم تعد ادارة بوش طرحها قط لانها لم ترغب في الاشتراك بمعاهدة تحد من خياراتها على صعيد التجارب المستقبلية وهو الموقف الذي اتخذ أوباما نقيضه.

وقال مسؤول أميركي لرويترز ان أوباما بدأ بالفعل جس نبض أعضاء مجلس الشيوخ لحشد الدعم لمعاهدة منع التجارب النووية ويعتقد أن موافقة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بدأت تظهر لصالح التصديق عليها.

وقال تيبور توث رئيس منظمة معاهدة منع التجارب النووية في فيينا لرويترز ان تصديق الولايات المتحدة سيبعث باشارة قوية الى الدول الثماني الاخرى التي تحتاج الى التصديق على المعاهدة حتى يبدأ سريانها وهي الصين ومصر والهند واندونيسيا وايران واسرائيل وكوريا الشمالية وباكستان. وأضاف quot;تصديق الولايات المتحدة سيغير دفة الامور.quot;