يحتدم الجدل في مصر حول تجلي السيدة العذراء في عدد من كنائس القاهرة، وينتظر المهتمون بالظاهرة بشغف تقرير المجمع المقدس الذي سيوضح خلال ايام رأي الكنيسة في مدى مصداقية المشاهد التي أكد الكثيرون رؤيتها.

القاهرة: لا يزال الجدل حول تجلي السيدة العذراء فى عدد من كنائس القاهرة مستمرا, ولا يقتصر الجدل المثار حول صحة ظهور العذراء في الكنائس التي تحمل اسمها بين المسلمين والمسيحيين فقط، بل بين الأقباط وبعضهم البعض ايضا.

وبينما ينتظر المهتمون بالظاهرة بشغف تقرير المجمع المقدس المقرر أن يصدر خلال أيام عن رأى الكنيسة فى مدى مصداقية المشاهد التى أكد الكثيرون رؤيتها, حذر علمانيون مسلمون وأقباط من أن تتسبب الظاهرة فى حدوث توترات اجتماعية وفوضى فى وقت تسود فيه توترات غير مسبوقة بين المسلمين والأقباط.

قراءة موضوعية

وأكد الناشط كمال زاخر مؤسس التيار العلماني القبطي لإيلاف انه يطالب بالتوقف عند quot;مشاهد الظهورquot; وتدبرها بعناية وقراءتها بشكل موضوعي quot;حتى لا يتحول الأمر إلى فوضى تفتقر للمصداقية quot;. وقال زاخر انه اصدر بيان أمس يتعلق بهذا الموضوع أشار فيه الى انه من المحتمل ان يكون وراء مشاهد تجلى العذراء مجموعة من الناس يهدفون الى تغذية ما يسميه بالقيم الروحية.

وأشار الى انه لا يعترض على ظهور العذراء او ينفى صحة ما شاهده الآلاف من المواطنين فى كنسية الوراق, لكن ما تردد عن تكرار الظاهرة فى أماكن اخرى فى توقيتات متقاربة ومتزامنة quot; يحتاج الى المزيد من التدقيق quot; لان صدمة الناس ستكون بالغة الأثر إذا اكتشفوا ان تلك الظهورات غير صحيحةquot;.

وقد أحتشد عشرات الآلاف من المصريين، مسلمين ومسيحيين، أمام عدد من كنائس القاهرة بمناطق مختلفة فى شبرا و الزيتون و الوراق والمرج وعزبة النخل خلال الأيام القليلة الماضية وسهروا حتى الفجر فى أماكنهم لرؤية العذراء بعد تردد مزاعم حول مشاهدة ضوء غامض بين قباب كنيسة بحى الوراق الفقير بمحافظة الجيزة. حتى ان الأمر انتقل الى المحافظات الأخرى أيضا.

ولا يزال يتدافع المواطنون الى الكنائس, إذ شهدت كنيسة الوراق توافد العشرات من المواطنين ليلة أمس. وقالت quot; ام بهجة quot; 48 عاما التقتها إيلاف أمام كنيسة الوراق quot; انها تواظب على الإتيان الى المكان كل ليلة لرؤية العذراء حسب قولها quot; رايتها فعلا بثوبها الأبيض و الحمام الأبيض يحوم بجوارها quot;. وقال شاب أخر يدعى quot;سعيد quot;23 عاما انه اتى الى هنا لمشاهدة العذراء مع الناس يعد ان أكد له أصدقائه بأنهم شاهدوها, quot;لكننى لم أشاهد إلا ضوء ابيض وشعاع من النور بين قباب الكنيسة الثلاثةquot;.

تلاسن انجيلى ارثوذكسى

وقد جددت تداعيات العذراء التلاسن بين الأرثوذكس و الإنجيليين فى مصر. وبينما أكد رجال الكنيسة الأرثوذكسية ظهور العذراء. وقال البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك القرازة المرقسية ان ظهورها quot;كان حقيقة واضحة في كنيسة الوراق في القاهرة، وأنه لا يوجد في الإنجيل ما ينكر ظهورهاquot;, الا ان الكنيسة الإنجيلية كان لها رأى أخر واعتبرها قادتها من quot;الخرافاتquot;.

ونسبت تصريحات لصفوت البياضى رئيس الطائفة الإنجيلية قوله انها تدخل في باب الدجل وان الكنيسة الأرثوذكسية تروج لها للفت الأنظار حول المشكلات التي تتعرض لها، ومن بينها خلافة الباب شنودة، وتعمل على تغييب الأقباط بل والمسلمين عن مواجهة مشكلاتهم اليومية بالاستغراق في الخرافة.

بيد ان البابا رد على هذه الانتقادات قائلا فى عظته الأسبوعية لدى عودته من أميركا quot;أقول لمن ينكرون الظهور من باب أنه لم ترد عنه إشارة بالإنجيل ان الكتاب المقدس تحدث عن الأمور التي وقعت في القرن الأول للمسيحية وعصر الرسل، اما الباقي فلم يذكره الإنجيل، لأنها جاءت بعد زمن كتابتهquot;، وأضاف ان ظهور العذراء الأخير في كنيسة الوراق حقيقة واضحة شاهدها الآلاف من المسلمين والمسيحيين أرثوذكس وكاثوليك، quot;وان إنكار البعض لها لا يعني أنها لم تتجلquot;.

توتر اجتماعى

وتأتى تداعيات العذراء متزامنة مع الاحتفال بأعياد الميلاد وفى وقت تخيم فيه توترات غير مسبوقة فى العلاقات بين عنصري الأمة, quot;ما قد يؤدى الحديث عن ظهور العذراء الى حدوث توتر اجتماعي quot; بحسب رأى الدكتور عمرو الزنط, مشيرا الى ان التوتر الملموس بين المسلمين والأقباط فى مصر يبدو سببا كافيا الآن لان يؤدى حالة توتر اجتماعي.

مضيفا انه بمجرد إعلان الجهات المسيحية عن ظهور السيدة مريم شكل ذلك سببا لظهور تفوهات تمتلئ بالازدراء من قبل بعض العلمانيين من المسلمين كانت كافية لإثارة غضب المسيحيين بالرغم من انها تبدو فى مجملها موضوعية. وبالرغم من المسلمين يمجدون العذراء ويقدسونها ربما أكثر من طوائف مسيحية أخرى، معتبرا أن ظهورها يعد تأكيدا على أنها هي التي تجمع بين قطبي الامة في الوقت الذي تحاول فيه الأيادي المفسدة التفرقة بينهم.